رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفيد المعلم «هرم» يكشف مصير الأبطال الحقيقيين لفيلم «الكيت كات»

جريدة الدستور

بعد نجاح فيلم"الكيت كات" المأخوذ عن رواية"مالك الحزين" لإبراهيم أصلان، شجعه بعض الأصدقاء على كتابة جزء ثان من الرواية، لكن خوفًا من اتهامه بفكرة استثمار النجاح الذي صادفه الفيلم، استبعد الفكرة تمامًا، لكنه بعد سنوات تتبع مصائر بعض الشخصيات الحقيقية التي ظهرت في الفيلم، أمثال، الشيخ حسني الضرير والهرم بائع المخدرات، وفاطمة يوسف، تاجر الطيور.

المعلم هرم
أثناء وجود الروائي إبراهيم أصلان في منزل أحد الأصدقاء سمع صوتُا ينادي"الصلاة يا مؤمنين، الصلاة خير من النوم"، فعرف من صديقه أنه"الهرم بائع الحشيش".
ارتاحت زوجة"الهرم"، شابة وبنت بلد جميلة، على كتفه وماتت، لم يغادر منذ تلك اللحظة البيت، أطلق لحيته، ووضع عمامة كبيرة، وأمسك بعصا طويلة وغليظة، يغادر البيت قبل صلاة الفجر، يجوب حواري إمبابة، يدق العصا وينادي كل ليلة"الصلاة خير من النوم"، وما أن تبدأ الصلاة حتى يعود إلى البيت، لا يصلي ولا يدخل الجامع أبدا.
"رامي خلوصي" حفيد المعلم "هرم" في حواره مع الصحفي خلف جابر بجريدة البوابة نيوز2018، قال، إن جده كان تاجرًا معروفًا للحشيش، من تجار الجملة، شديد الذكاء، حيّر الحكومة، ففي إحدى المرات، كان شخصًا ما يراقبه، وبما أن جدي "الهرم" كان يعرف أهل الكيت كات جميًعا، فطن إلى أن الشخص يراقبه، فنصب له فخًا، وتعمد أن يبلغه بموعد ومكان عملية مخدرات، وفي نفس الموعد هجمت الحكومة، واكتشفت أن الشحنة عبارة عن كراتين من الورق، واختفى الشخص الذي كان يراقب جدي من المنطقة ولم يظهر بعدها.

المعلم صبحي تاجر الطيور
أما عن مصير المعلم تاجر الطيور، يقول"أصلان"، بعدما اشترى المقهى وهدمها وبنى بدلأ منها عمارة كبيرة، واشترى الحارة وفعل فيها نفس الشىء، أصيب بمرض عضال في حنجرته، فاستأجر مضيفة تجيد الإنجليزية رافقته في السفر إلى لندن، حيث ركبوا في رقبته ثقبًا معدنيًا للتنفس.
بعد مدة من الزمن، سأل"أصلان" عن تاجر الطيور، علم أنه أثناء جلوسه بالجلباب والمعطف يتابع عمّاله وهم يشتغلون بين أقفاص الطيور، ويعملون فيها تقليبًا ووزنًا وذبحًا ونتقًا، تطاير الزغب في أجواء المكان وسد هذه الصفارة برقبته، فاختنق المعلم في مقعده على باب الدكان ومات.
أما حفيد الهرم"رامي خلوصي" يقول، أن تاجر الطيور فعلًا المعلم"صبحي" ظهر في الفيلم فعلًا، وما يزال المحل الذي كان يمتلكه موجود إلى الآن "محل فراخ"، لكنه نفى أن جده"الهرم" هو الذي اشترى له البيت وباعه له.

الشيخ حسني
أما الشيخ"حسني" كان صديقًا للروائي إبراهيم أصلان، وكان له إسما آخر لم يذكره "أصلان" في كتابه"شىء من هذا القبيل" لكن الإسم نذكره وهو" الشيخ محسن" كما ذكر أحد أهالي الكيت كات، ويشير"أصلان" إلى أن الفيلم لصق بـ"محسن" إسم الشيخ حسني وعرف بينهم به.
الشيخ حسني الإسم السينمائي للشخصية الحقيقية"الشيخ محسن"، خريج معهد الموسيقى العربية، الأول على دفعته عام 1936، عين مدرسًا للموسيقى عقب تخرجه إلا أن إدمانه للمخدرات ورحيل زوجته الأولى التي كانت تعتني بمظهره جعلهم يطلبون منه أن لايقترب من المدرسة وأ ن يرسل أحدا لصرف راتبه أول كل شهر.
كان الشيخ حسني يزور الروائي إبراهيم أصلان في الثالثة صباحًا، يتعلق بذراعه أثناء تجولهم على شاطىء النهر آخر الليل وهو يرتدي بيجامته التي لا يخلعها أبدًا، والحذاء الجاف بدون رباط، وكان ذكيًا، يقول لإبراهيم أصلان:"هات سيحارة" فيعطيه سيجارة يدخنها، فيقول"هات سيجارة" فيعطيه سيجارة أخرى يدخنها،وعندما يلتفت إليه "أصلان" يقول له الشيخ حسني"إنت بتبص لي كده ليه؟"، وعندما يذهبا إلى بيت أو آخر، كان "حسني" يهمس لـ"أصلان":"قول لهم يعملوا شاي"، لا يقول"أصلان"شىء، لأن الشاي كان يأتي وحده، وما إن ينتهي الشاي، يهمس الشيخ حسني:"اسألهم إذا كان عندهم بن"، فيتجاهله "أصلان".
كان الشيخ حسني كما يصفه أصلان، له ضربات عنيفة على العود وصوته بالغ الرداءة إلا أن دقة الأداء المتناهية تجعله عندما يغني آسرًا.
تدهورت الأحوال بالشيخ حسني ومرض مرضًا شديدًا، فسكن عند ابنه في المنيرة، وفي أحد الأيام حملوه إلى المستشفى، فطلب من ابنه أن يخترق التاكسي شارع السوق الطويل الذي قضى به عمره كله، ونام على كنبة التاكسي الخلفية وطلب أن ينبهوه عند أول الشارع، وعندما فعلوا تحامل على نفسه وأخرج نصفه العلوي من نافذة التاكسي، لعل أحدًا يراه من أصدقائه القدامى، فلمحه عادل الشرباتي الذي قرأه عليه رواية "مالك الحزين"، صاح"الشرباتي" على الشيخ:"إيه يامولانا؟"، وأطبق الشيخ على يديه صارخًا:إنت مين؟، استعجب الشرباتي لأن الشيخ حسني كان يعرف الناس بمجرد أن يمسك أياديهم أو يشم رائحتهم، فرد:"الله أنا عادل"، فقال الشيخ: "يا عادل أنا عيان ورايح المستشفى، إبقى قول للناس بقى"، واستلقى الشيخ بجسده الضئيل على الأريكة الخلفية ومات.

يوسف
يقول رامي خلوصي حفيد المعلم هرم، ربما سافر فعلًا، فدائمًا ما كان يتمنى السفر، ويسعى إليه، كما حكى لي.