رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المجلس القومى للترجمة


صرح ثقافى راقٍ، اقتنينا منه مجموعات من الكتب التى نحتاجها، ومنها كتب التاريخ، ومذكرات الكبار، والرحالة، والفلسفة. كانت آخر مقتنياتى منه. «مصر الحديثة» للورد كرومر، جزءين. وكتاب «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر»، لألفريد سكاون بلنت، وكتاب «توجهات شرقية» مذكرات السير رونالد ستورس، بالإضافة إلى أعداد كثيرة من العناوين المهمة والمؤثرة فى الثقافة والتاريخ المصرى. التى أفادتنا كثيرًا فى تنمية الوعى التاريخى والثقافى.
بدأ المركز نشاطه عام ١٩٩٦ كإحدى لجان المجلس الأعلى للثقافة، وبناءً على القرار الجمهورى رقم (٣٨١) لسنة ٢٠٠٦ كجهة ثقافية، ويعتبر المجلس القومى للترجمة مؤسسة خدمية لا تسعى إلى الربح، لكنها فى الوقت نفسه تسعى إلى تطوير نفسها، وتنمية مواردها وتوجيهها نحو تحقيق الهدف الذى أنشئت من أجله.
وقد فتح أبواب المعرفة أمام القارئ العربى فى مختلف المجالات للوعى بالعصر الذى نعيش فيه، والتأكيد على التنوع الثقافى الخلاق. وبقدر الإمكان، تجنب الكتب ذات الطابع المدرسى، والتجارى، والدعائى.
وقد سعى المركز، منذ أن كان «مشروعًا قوميًا للترجمة» إلى أن صار مركزًا مستقلًا فى السنوات الماضية، إلى ترجمة أعداد كثيرة من الكتب وعدد من اللغات «أكثر من ٣٠ لغة»، وهو ما صنع له اسمًا تنافسيًا لائقًا بين مؤسسات الترجمة المختلفة فى العالم العربى، فصنع باسمه هذا علاقات جيدة مع الناشرين الأجانب، وأسهم فى تكوين عدد لا بأس به من المترجمين المصريين والعرب، مع قدر من الفرز الضرورى عبر التجربة والخطأ.
هذا الأمر أدى إلى أن صارت زيارة المركز القومى للحضارة، أو ما يعرف بدار الأوبرا الحديثة بين فرعى نهر النيل فى منطقة الزمالك فى قلب القاهرة، فى برنامج كل زيارة من زياراتنا للقاهرة، حيث معارض الفنون الراقية، ومركز الهناجر للتدريب على عرض الأعمال الفنية، بما فيه المركز القومى للترجمة وبجواره المجلس الأعلى للثقافة، بالإضافة إلى المكتبات ومكتبته، وأيضًا فى برنامج الزيارة مكتبة الهيئة العامة للكتاب، التى منها جميعًا تكونت مكتبتى الكبيرة.
لكن فى الأيام الأخيرة بدأت أشعر بوطأة التعب الذى نلقاه كلما يممنا لزيارة مكتبة المركز القومى للترجمة. فهو يعذب زواره ويغلق أبوابه العامة أمامهم. ويتركهم نهبًا لبيروقراطية الأمن والتحكم فى خطوط سير زوار المركز، بحيث يجبرهم على السير حول المبنى الضخم فى الدخول والخروج، بمساحاته الشاسعة، والمرور عبر ورش ومخازن أخشاب وممرات متهدمة صعبة، وفيهم كبار السن فى وقت إغلاق الأبواب الرئيسية. المشكلة أنك لا تجد مسئولًا إداريًا تتكلم معه فى غياب الأمين للمجلس، الذى هو فى حالة سفر مستمرة ودائمة. لا لصرح ثقافى هكذا أن يتحكم فيه رجال أمن من مكاتبهم، وأعتقد أنهم يعملون لدى وزارة الثقافة، والغريب أن المبنى ملاصق لإدارة الحراسات الخاصة ونادى الشرطة، ولا خوف عليه من أى عملية إرهابية. يجب مراعاة الممرات الآمنة لجمهور المراكز الثقافية المحترمة، فى هذا المبنى الشاسع، وأن يمنع تواجد السيارات التى تعيق حركة الناس. إلا فى الأماكن المخصصة لذلك، وأن يعاد النظر فى موضوع فتح الأبواب وإغلاقها أمام جمهور الزوار وليست للموظفين فقط كما عرفنا.
الحقيقة أن هناك مساحات كبيرة يمكن استغلالها لتوسيع المكتبة، أو عمل معرض دائم لكتب المجلس فى المساحة الخالية أمام المدخل الفخم، أو المساحة المحصورة بين المبنى والنيل، يمكن استغلالها كممر لعمل معرض دائم لكتب المركز القومى للترجمة والمجلس الأعلى للثقافة، دون تحمل مشقة الدخول عبر المتاهات والحفر والمطبات للوصول إلى كنوز الكتب وروائعها فى جنبات كلتا المؤسستين الراقيتين.