رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفتى الأول.. طبيب نفسي يكشف سبب إعجاب النساء برشدي أباظة

رشدي أباظة
رشدي أباظة

أورد الكاتب الصحفي أحمد السماحي في كتابه "الدونجوان" مقالا كتبه الدكتور عادل صادق أخصائي الطب النفسي في مجلة روزا اليوسف فى العدد 3573 الصادر بتاريخ 2 ديسمبر عام 1996، قال فيه..

جاء رشدي أباظة مواكبا لعصره فى المظهر والأسلوب، جاء فى وقت تغير فيه شكل العلاقة بين المرأة والرجل، وكان معه من أبناء جيله عمر الشريف، ولكنه تركه إلى مكان آخر، وجاء بعده قليلا أحمد رمزي، ولكنه لم يستمر، وانصرف عبدالحليم حافظ للغناء، ولأن حياته الشخصية كانت ثرية بمثل هذا النوع من العلاقات فإنه استطاع أن يجسد هذه الشخصية أي الفتى الأول الذى هو أصلا " بلاي بوي" ولا يخلو من شر، كان هو شخصيا ذكيا وجريئا، ومدمن حب قبل أن يصبح بعد ذلك مدمن خمر، وفوق ذلك كان مبدعا، والإبداع فى التمثيل هو التقمص، تقمص الروح، فالشخصية روح أي أسلوب وفلسفة وطريقة وموقف، فهو ممثل عبقري، أي مبدع، أي قادر على تقمص الروح ونقل المعنى، ولذلك فرض شكلا معينا وصورة جديدة للفتى الأول، ونظرا لحداثة هذه الصورة وإبداعية رشدي وقوة شخصيته ووسامته وهيئته الجسدية، فإن هذه الصورة كانت شديدة القوة، وشديدة الإنطباع بحيث إنه لم يجئ بعد من يستطيع أن يغيرها، وهذه هى خطورة رشدي أباظة، كان فجا فى كل شيئ " طوله ــ عرضه ــ شكله ــ صوته ــ جرأته ــ اندفاعه ــ رجولته ــ وخفة دمه"،كل شيئ عنده كان فى أقصاه ولذلك كان عالي التأثير أو بلغة أهل البلد اليوم أي لغة العصر كان "عالي الفولت"، وكانت ألوانه فاقعة ولهذا ترك أثرا لا يمكن أن يمحى بسهولة.

والتطور الذى أحدثه رشدي أباظة فى صورة الفتى الأول وواكب أيضا نفس التطور الذى حدث فى السينما العالمية، فمثلما اختفت صورة عماد حمدي، ويحيي شاهين، اختفت أيضا صورة كلارك جيبل، وجلين فورد، وجاء جيمس دين الذى وافق ظهوره نفس توقيت ظهور رشدي أباظة فى مصر، وكان من الممكن أن يتحول رشدي أباظة إلى نجم عالمي بسهولة فلديه كل مقاييس العالمية، ومقاييس الفتى الأول فى العالم كله، ولحسن الحظ لم تتغير بعد هذه الصورة فى العالم كله.

وإذا كان هناك ثمة تغيير فإنه فى نفس الإتجاه الذى بدأ بالتخلي عن البذلة الكاملة، والتضحية والحب من جانب واحد، بل أصبحت صورة الفتى الأول العصري مرتبطة بالعنف والشر، ولعل الأم الإيطالية لعبت دورا فى التطور الذى حدث فى شخصية رشدي أباظة، وسبق به أبناء جيله، والجيل الذى سبقه، لعل الجزء الأوروبي الذى فيه أكسبه شكله وأكسبه أيضا أسلوبا عصريا لم تكن رياحه قد هبت بعد على مصر، إذن فله السبق وأتى بالجديد وله صفات تجذب قلوب العذراى وغير العذارى، وأيضا ممثل عبقري، وظهر عباقرة آخرون فى مصر.

وإذا تناولنا الثلاثة الحاليين نور الشريف، ومحمود عبدالعزيز وأحمد ذكي، فسنجدهم على درجة كبيرة من الحرفية، ومستوى أدائهم يصل بهم للعالمية بحق، ويستحقون أوسكار بجدارة ولكن لم ينجح أحدهم كفتى أول مثلما نجح رشدي أباظة، ولم يستطع أحدهم أن يزحزح رشدي أباظة عن مكانته سواء فى حياته أو بعد مماته.

أقول لم ينجح أحدهم بالرغم من تأكيدي على عبقريتهم، التى ربما تتفوق على رشدي أباظة، فى غير أدوار الفتى الأول، ولنأخذ بعض النماذج مثلا أحمد ذكي فى فيلم " الراعي والنساء" قمة القمم، وكان فتى وحيدا بين ثلاث نساء ولكنه لا يشد أي فتاة كفتى أول.

ولو أخذنا نور الشريف فى أي من أفلامه العديدة كفتى أول عاشق وسيم مثل دوره في فيلم " حبيبي دائما" المأخوذ عن الفيلم الأجنبي " رجل وإمرأة" فإننا نجده فتى أول عاديا، ولكنه كان قمة القمم فى فيلم " سواق الأتوبيس"، وبالمثل لا نذكر أي دور مميز كفتى أول لمحمود عبدالعزيز، ولكنه كان أسطورة فى دور الشيخ حسني في فيلم " الكيت كات"، إذن لم يكن مثل الذين سبقوه وكذلك لم يأت أحد من بعده متألقا فى هذا الدور، ولذا ظل فى خيال كل البنات، وكل النساء لأنه يبدو أن هذا هو النموذج الذى يعجب المرأة العصرية شكلا وموضوعا، ولا شك عندي إنه كان ناجحا فى حياته بنفس الدرجة فى نفس الدور وإنه كان يمثل أو يجسد نفس دوره فى الحياة، إنه مزيج من الإيطالية والأباظية وإدمان الحب والخمر، ولذا لم يجيئ بعد من يشبهه.