رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تذكرة الآخرة.."الدستور" تحاور "كمسرية" القطارات حول ضحية "934"

جريدة الدستور


في مشهد لم يستغرق وقتًا طويلًا أبطاله مشرف قطار رقم934  المتجه من الأسكندرية إلى الأقصر، واثنان من الباعة الجائلين"فين تذكرتكم؟ مش معانا .. طب بطايقكم ..برضة مش معانا ..ادفعوا ثمن التذكرة .. مش معانا فلوس والله .."باب القطار يفتح"..يا تنزلوا يا تدفعوا ثمن التذاكر ..لتأتي الاستجابة السريعة "بالنزول" أثناء سير القطار ليصاب أحدهم، ويفصل رأس آخر عن جسده".

كانت تلك الحادثة التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي، ليثور بها الجميع غاضبًا على ذلك الكمسري الذي انعدمت به أواصر الرحمه جابرًا اثنين من الباعة الجائلين بالنزول من القطار أثناء سيره لعدم دفعهما ثمن التذكرة.

حاولنا بهذه السطور أن نقف عند الجاني الحقيقي على الشاب والذي تسبب في موته، غير متحاملين على "الكمسري" الذي يحاول تبرأته البعض بوصفه مطبقًا للقانون واللوائح، ولكننا فقط منبهين إلى وجود اختراقات أخرى ارتكبها هذا "الكمسري" نفسه أدت لوقوع هذه الكارثة.

"باب القطر المفروض ميفتحش إلا في المحطات، وفي بعض الحالات الاستثنائية"، تلك الكلمات التي بدأ بها "ياسر"، مشرف قطار، موضحًا أن فتح
باب القطار أثناء سيره يعد خطأ جسيمًا من قبل مشرف القطار، لكن هناك بعض الحالات الاستثانئية لفتح باب القطار.

وكشف عن بعضها، قائلاً: صعود شخص ما يسمى بـ"المعداوي"، وهو المسئول عن إخبار مشرف القطار بضرورة تهدئة السرعة بموقع محدد نتيجة إجراء أعمال صيانة به أو وجود عطل ما، ومن بعدها يجب إغلاق باب القطار على الفور وفي أثناء هذا لا يسمح بصعود أو نزول أيًا من أفراد الركاب.

ووصف أنه هذا هو ما حدث بقطار رقم934، ويؤكد أن القطار لم يقف بمحطة، ولكنه هدّأ من سرعته نتيجة حدوث عطل بالإشارات، وفي أثناء هذا تم فتح الباب ونزل الشابين، وهو الأمر المخالف للقانون حسبما يوضح ياسر.

ويؤكد أنه على الرغم من أن فتح الأبواب للركاب صعودًا ونزولًا غير قانوني إلا أن تهدئة القطار تعني سريان القطار بسرعة بطيئة للغاية تكاد تسابقها خطوات القدم البشرية مما لا تتسبب-على حد قوله بوفاة شخص حتى مع نزوله من القطار بهذه الأثناء.

"استحالة مشرف أو كمسري حاينزل راكب من القطار أبًدًا حتى لو مش معاه ثمن التذكرة"، هكذا استكمل "ياسر" حديثه، منتقلاً للحادث، قائلاً: إذا صحت الاتهامات الموجهة لمشرف القطار في أمره للشابين بالنزول، فهنا يستحق العقاب ليس هو فقط بل "السفري"، والذي يتولى مفاتيح الأبواب والمسئول الأول عن فتحها وإغلاقها مؤكدًا على أن فتح أبواب القطار يعاقب عليه القانون.

مؤكدًا على أن التصرف القانوني في حال رفض الراكب دفع قيمة التذكرة هو تسليمه لأمين الشرطة المصاحب لطاقم القطار ، الذي بدوره يسلمه إلى نقطة شرطة أقرب محطة ومن ثم عمل محضر له لتعنته بدفع قيمة التذكرة.

حددت لائحة الجزاءات التأديبية للعاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر والصادرة بالقرار الوزارى رقم 469 لسنة 2018، عقوبة العامل الذى يفتح أبواب القطار أثناء سيره،فقد نصت على المجازاة بالخصم من الراتب الشهرى مدة لا تقل عن 15 يوما ولا تزيد 60 يوماً، وإذا تكررت منه هذه المخالفة يخصم من راتبه 45 يوما، أما إذا قرره للمرة الثالثة يجازى بالخصم 30 يومًا.

وتحدثنا مع أحمد جمال، كمسري، والذي رغم تشكيكه بأن مشرف القطار أمر الشابين بالنزول من القطار أثناء سيره، إلا أنه يرجح أن يكون فعل هذا بسبب بعض الضغوط التي أصبحت تمثل عبئًا على كاهل الكمسري، فبسبب ارتفاع سعر تذكرة القطارات، وكذلك سعر الغرامة التي تبدأ من 10 جنيهات أصبح عدد المخالفين أقل من السابق، وهو ما وقع سلبًا على "الكمسري" الذي كان "يسترزق" من غرامات الركاب المخالفين من قبل- حسب قوله.

كانت الغرامة ضئيلة مما كان يتسبب معه بزيادة المخالفين نتيجة استهانتهم بها"، هكذا استكمل "جمال" حديثه، متابعًا أن هذا الأمر الذي كان يمثل مكسبًا للكمسري فهو يحصل على قيمة من تحصيله لتلك الغرامات "الكمسري كان ممكن يعمل 3000 جنيه في الشهر من المخالفات اللي كان بيجمعها لأنها كانت بسيطة والناس بتستاسهلها".

وهو الأمر الذي اختلف حاليًا فالمواطن أصبح أكثر حرصًا على الالتزام بدفع قيمة التذكرة، وبالتالي قلت قيمة مكسب الكمسري نتيجة تحصيل الغرامات التي لم تعد كثيرة.

وغير منكرًا لخطأ مشرف القطار بفتح الباب للشابين، يقول "جمال"، متسائلاً عن رد فعل الشابين إذا صح وأن أمرهم المشرف بالنزول "حتى ولو قالهم ينطوا من القطر وهو ماشي..إزاي يعملوا كدة في نفسهم؟" مشيرًا إلى أن الشاب المتوفي أخطأ بنفسه خطأ كبيرًا فليس من المعقول أن يلقي بنفسه إلى التهلكة نتيجة أمر شخصًا له بذلك.

وأضاف أن هذين الشابين من الباعة الجائلين الذين اعتاد الكثير منهم على "النط" والصعود من وإلى القطارات أثناء تهدأتها بكامل إرادتهم، وهو ما يعد خطًا وتهورًا منهم كما يمثل تقصيرًا تتحمله هيئة السكك الحديدية التي سمحت لهم ولغيرهم بذلك. 

"احنا بنستحمل سب وإهانة من الركاب وبنسكت، إزاي حانقول لراكب ينزل" كلمات الذي يوضح بها علي شاكر، كمسري آخر، أن الكمسري يتعرض للكثير من الإهانات أثناء محاولته تأدية عمله وفرض عقوبات على المخالف، مما يجعله "بين نارين" أن يؤدي عمله ويطبق التعليمات وأن يتجاوز عن أخطاء الركاب الذين يستغلون أحيانًا تعاطف مشرفي القطارات بل وأيضًا تعاطف أفراد الشرطة المتواجدين بصفة دائمة بالقطار بأن يعتادوا الركوب دون دفع قيمة التذكرة.

وأكد أن حالة التعاطف الدائمة هذه جعلت عدد من المخالفين يعاندون أنفسهم بركوب القطار دون دفع قيمة التذكرة معتمدين بذلك على أن ما سيحدث بالنهاية هو أنهم سيدفعون قيمة التذكرة مضاف إليها قيمة الغرامة بعد الوصول إلى أقرب المحطات وتسليمهم إلى نقة شرطة المحطة.

ويرى أن الحل يكمن في عمل تراخيص ممارسة عمل لمثل هؤلاء الباعة الجائلين ولو باشتراكات رمزية داخل الهيئة تجعلهم يكسبون "لقمة عيش" بطريقة حضارية دون إهانة أو ذل.

ويلفت سيد مسامح، نائب رئيس اللجنة النقابية لسكك حديد مصر بالمنيا، وعضو الجمعية العمومية باتحاد عمال مصر في القاهرة، إلى ضرورة الانتباه إلى أن القطارات الحديثة التي سيتم الدفع بها بهيئة السكك الحديدية مزودة بكاميرات صوت وصورة، في إشارة منه لإمكانيتها المساعدة في الوصول للحقيقة، وتفادي التضارب بالأقوال عقب وقوع مثل هذه الحوادث.

الاتهامات الموجهة لمشرف القطار في أمره للشابين بالنزول، فهنا يستحق العقاب ليس هو فقط بل "السفري"، والذي يتولى مفاتيح الأبواب والمسئول الأول عن فتحها وإغلاقها مؤكدًا على أن فتح أبواب القطار يعاقب عليه