رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فوضى السوق


ربما لا يعبر العنوان عما أريد أن أتحدث عنه، بسبب أننى لم أعثر على عنوان أكثر ملاءمة من هذا العنوان. فقد لفت نظرى، وغيرى من الناس، حركة أسعار معظم السلع الاستهلاكية فى مصر، وأصبح هذا حديث الشعب كله على مختلف المستويات.
تسببت مواصلة تراجع الدولار فى انخفاض أسعار المطروح من البضائع فى الأسواق بنسب بين ١٠٪ و٢٠٪ من قيمتها السوقية، ومن أهم السلع المتأثرة بتراجع الدولار السكر والزيت والزبد الطبيعى والدواجن واللحوم، وأقرت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية، المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بعض المنتجات البترولية بشكل ربع سنوى، فى اجتماعها الأخير المنعقد عقب انتهاء شهر سبتمبر الماضى- خفض سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة فى السوق المحلية بـ٢٥ قرشًا للتر.
وقد انخفضت أسعار اللحوم المذبوحة بكل أنواعها، وقبلها بشهور انخفضت أسعار المواشى بجميع أنواعها فى أسواق الماشية. وظل الانخفاض فى الأسواق فترة طويلة دون أن يتبعه انخفاض فى أسعار اللحوم. وبعد فترة تحركت أسعار اللحوم لدى الجزارين ولكن ليس بمقدار انخفاض أسعار الماشية، مما صبّ فى مصلحتهم، وترددوا كثيرًا حتى اضطروا لتخفيض الأسعار.
تراجعت أسعار الدقيق، بنحو ألف جنيه للطن، بسبب انخفاض أسعار القمح عالميًا بسبب تراجع سعر صرف الدولار، خلال الشهور الماضية، حسبما هو مطروح فى سوق الجملة، وهو ما أدى إلى تراجع أسعار كل منتجات الدقيق من مكرونة ومخبوزات بأسعار تتراوح بين ١٠٪ و٢٠٪ بسبب تراجع سعر الأقماح عالميًا بنحو ألف جنيه للطن. وأصبح كيلو المكرونة المعبأ يباع بسعر يتراوح بين ٧ و٨ جنيهات مقابل ١٠ جنيهات، وسعر الكيلو «السائب» يصل إلى ٦ جنيهات مقابل ٨ جنيهات.
واستفاد أصحاب المخابز من استبدال وقود المخابز من السولار إلى الغاز، وكانت الحكومة تصمت على إنقاص الوزن، كما كانت تتحمل فروق تلك الزيادات من أجل المحافظة على وزن وسعر الرغيف المنتج لصالح المواطنين. وكانت المهمة الأولى لجهاز مفتشى التموين هى التأكد من مطابقة الوزن على الطبيعة.. وتلك مهمة انتهت عندما استسلمت وزارة التموين لمافيا المخابز.. خصوصًا أن هناك قرارًا غير معلن بعدم إغلاق أى مخبز يتلاعب فى الوزن.. بل إلغاء أى أحكام سواء بالسجن، أو الغرامة المالية، لمن يرتكب هذا الجرم المشهود.
وامتد وباء العبث فى وزن الرغيف الرسمى المدعم إلى وزن غيره من أنواع الخبز الأخرى التى وصل سعرها إلى ٥٠ قرشًا وأكثر. وهو ما لجأ إليه من يسعى إلى رغيف أفضل، طعمًا وشكلًا ونضجًا ونظافة.. ذلك أن المخابز التى انتشرت لإنتاج أنواع الخبز الأخرى تركتها وزارة التموين تعبث كما تشاء.
وأولى مراحل العبث إنقاص الوزن.. ورغم ذلك لا أحد يعلم علم اليقين وزن هذا الرغيف أو ذاك.. وأخيرًا وجدنا من يبيع ثلاثة أرغفة بجنيه، بديلًا من الأربعة.. ومن يرفع سعر رغيف الخمسين قرشًا إلى ٧٥ قرشًا.. أما الفينو فصار فى حجم الإصبع لا يشبع رضيعًا إذا أكله.
الغريب أن وزارة التموين تبيع للمواطنين الخاضعين للدعم العينى أسعار السلع المقررة فى البطاقة بأسعار ثابتة منذ أكثر من عام، وقت أن كانت أسعار تلك السلع فى البطاقة أرخص من خارج البطاقة فى الأسواق والمحلات، الآن الأسعار تدنت بصورة ملحوظة فى الأسواق، وأصبحت أسعار السلع فى البطاقة أغلى بكثير من أسعار السوق، وهو ما يشكل ربحًا يدخل فى جيوب الشركات التى تورد تلك السلع للوزارة.
كما تلاحظ أيضًا غياب مصلحة الضرائب عن تحصيل مستحقاتها من الضرائب على الأرباح الناتجة عن انخفاض أسعار تلك السلع، وبيعها بأسعار ثابتة فى غياب التسعيرة الجبرية.