رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيما ستون تواصل إبهار جمهورها بأداء سهل ممتنع

إيما ستون
إيما ستون

رغم مرور ١٠ سنوات على عرض الجزء الأول، عاد صناع فيلم «Zombieland» بنفس الكيمياء والقوة فى الجزء الثانى الذى حمل اسم «Zombieland: Double Tap»، والمعروض حاليًا بجميع صالات السينما فى أنحاء العالم. تبدأ القصة بعد سنوات من نهاية الجزء الأول، إذ يجتاح الزومبى العالم، ويقضى على كل البشرية، ولم ينج سوى مجموعة قليلة تحاول البقاء على قيد الحياة بأى وسيلة. هذه المجموعة هى أبطال الفيلم، «كولومبوس» الذى قام بدوره النجم جيسى إيزنبرج، و«ويتشيتا» التى قامت بدورها الحاصلة على أوسكار منذ عامين إيما ستون، و«تالاهاسى» الذى قام بدوره النجم وودى هارلسون، وشخصية «ليتل روك» التى قدمتها النجمة أبيجيل بريسلين.
ورغم التوقعات السيئة للفيلم، إلا أنه استطاع التغلب عليها، بالحفاظ على الكيمياء بين الممثلين كما كانت بالجزء الأول عام ٢٠٠٩، وتقديم الكوميديا بنفس الطريقة ونفس الأداء السهل الممتنع لأبطاله، وعلى رأسهم إيما ستون. ولم يتخل الفيلم عن رسائله الخفية وإسقاطاته على الواقع السياسى والعالمى الآن، فمنذ المشهد الأول نرى الأبطال متخذين من البيت الأبيض مقرًا ومخبأ لهم من الزومبى الأشرار، لتنفيذ خطتهم وبدء مغامراتهم لإنقاذ صديقتهم «ليتل روك» التى اختفت فى ظروف غامضة، ولكن ما الرسائل التى يحملها فيلم «Zombieland: Double Tap»؟


الزومبى رمز للمخاوف التى تهدد البشرية
قصة الفيلم تدور داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا توجد أى بشرية سوى المجموعة الناجية، لا يوجد جيش، لا توجد حكومة، لا يوجد أى شكل من أشكال النظام، فقط الجنون هو المسيطر، بينما توجد مجموعة تكافح من أجل البقاء، نراها تواجه فى طريقها إلى منزلها حشودًا من الزومبى، بما يشير بشكل ضمنى إلى أن الزومبى عائق يقف مانعًا بين البشرية وبين استقرارها وأمنها، ويمكن قراءتها أن الزومبى ليس إلا رمزًا للمخاوف العالمية التى تهدد البشرية، فى ظل التهديدات بشأن تدهور حالة البيئة وتأثيرها على بقائنا، وأزمة تغير المناخ فى أمريكا، التى يتم تحميل مسئوليتها إلى الرئيس دونالد ترامب، متمثلًا فى نموذج الرأسمالى الذى لا يبالى بالمواطنين ومستقبل بلاده، فى نظر معارضيه، واتضح ذلك من خلال شخصية «ماديسون» التى قامت بها النجمة زوى ديوتش، وهى امرأة تافهة تعيش فى برج تجارى صاخب، لا تعبأ بما حدث للبشرية، فهى امرأة تشبع رغباتها واحتياجاتها فقط.


كيف يبنى الإنسان عائلته فى عالم منهار تمامًا؟
من الرسائل المهمة فى الفيلم هى قدرة الإنسان على تكوين عائلة فى عالم منهار تمامًا، وربما يمكن تلخيص قصة الفيلم بأنها قصة عن تكوين العائلة، وهو أمر لا يمكن حدوثه سوى بالحب حتى لو كان العالم مدمرًا من حولك، فالأبطال الأربعة هم أشخاص لا يثقون بسهولة فى أى أحد، ودائمًا فى خلاف وشجار، لكنهم يجتمعون على قلب رجل واحد فى النهاية لمواجهة الخطر الأكبر الذى يهدد حياتهم وبقاءهم، وهى رسالة حث عليها صناع العمل فى الثلث الأخير من الفيلم، بأن الرغبة فى البقاء لا تعنى التخلى عن الإنسانية أو أن يبحث كل إنسان عن الانتصار لأفكاره، بل يجب التعاون كعائلة واحدة، لمواجهة المخاطر التى تواجهنا، وكان ذلك من خلال مشاهد مواجهة الزومبى، فكلما واجه أحد الأبطال زومبى اقترب من قتله كان صديقه ينقذه، وفى المشهد الأخير كان «تالاهاسى» معلقًا فى الهواء بين الزومبى، لكن أنقذته صديقته فى النهاية رغم خلافاتهما السابقة.


البحث عن الحب غريزة لا يستطيع أحد التخلى عنها
يحمل الفيلم خيوطًا فرعية داخل قصته خاصة بالجانب العاطفى لأبطاله، تتمثل فى شخصية «كولومبوس» وحبه المرأة المضطربة «ويتشيتا»، ومحاولته الدائمة إرضائها وإقامة علاقة معها، داخل غرفة «لنكولن» فى البيت الأبيض، ورغم الدمار الذى لحق بهم، إلا أن «كولومبوس» يخبرنا من خلال تعليقه الصوتى طوال الفيلم بأنه الشخص الأسعد على الإطلاق فى وجود «ويتشيتا». ورغم اضطراب علاقته معها، إلا أن وجودها بالنسبة له يغنيه عن العالم كله، فيما يعيش «تالاهاسى» القوى الملىء بالحيوية قصة حب من نوع آخر مع «ليتل روك» التى يحتضنها كأب لها، أما هى فقد عرضت نفسها لخطر الزومبى لأنها خرجت تبحث عن رجل تحبه ويحبها من سنها، فالحب غريزة يبحث الإنسان عن إشباعها حتى لو تعرض للهلاك.

كيف تضحك فى عالم ملىء بالزومبى؟
داخل الفيلم مشاهد عديدة هزلية وعبثية، وهى الطريقة المفضلة للمخرج روبن فلايشر لمعالجة أفكاره، وقد استطاع فى الجزء الأول أن يخلق جرعة كوميديا عالية، ولم يتخل عن هذا النهج فى الجزء الثانى، بنفس الأبطال ونفس الروح، رغم مرور ١٠ سنوات وتغيير ملامحهم وحتى صورتهم النمطية لدى الجمهور بعد أعمال عديدة قدموها خلال هذه المدة، لذلك لا يمكن أن يشعر المشاهدون بأى تغيير فى الفيلم والشخصيات إلا بتغيير فى شخصية «ليتل روك» الطفلة التى كبرت، وهى قدرة مذهلة من المخرج الذى حافظ على روح العمل وذكريات الجمهور معه. واعتمد روبن فلايشر على النجم جيسى إيزنبرج كممثل كوميدى خفيف الحركة عبثى فى خلق المشاهد الكوميدية واللقطات الطريفة، وفى علاقته بإيما ستون المضطربة، وشخصية «تالاهاسى» المجنون، بجانب مشاهد مواجهة الزومبى، التى تم تنفيذها فى أغلب الأوقات بخلفية موسيقية طريفة لا تحمل أى شكل من أشكال الرعب أو التحفز.


الاستفادة من أخطاء الماضى لمواجهة الحاضر
من ضمن الرسائل الضمنية داخل هذا الفيلم الترفيهى هى الاستفادة من أخطاء الماضى لمواجهة الحاضر والمستقبل، وهى رسالة تركز على فكرة انعدام الأمن الأمان، وأن كابوس الزومبى يمكن مواجهته ومنعه من الوصول إلينا بأن نستفيد من أخطاء الماضى، كما استفاد الأبطال مما فعلوه فى الجزء الأول، بعدم الانفصال والتشرذم، والتعرف على الجانب الإنسانى فى الآخرين وعدم الإقصاء، لكى تتجدد الآمال ولا يتحول العالم إلى أناس أموات يمشون على قدمين.