هل يحتاج الأهلى لضم كهربا فى ميركاتو يناير؟
بشغف كبير يترقب جمهورا الأهلى والزمالك مصير اللاعب محمود عبدالمنعم «كهربا»، الذى ترك «الأبيض» بعد سلسلة أزمات وخلافات مع مجلس إدارته وصلت فى النهاية إلى طريق مسدود دفعه للهرب إلى الدورى البرتغالى مطلع هذا الموسم.
وبينما تُشير كل التسريبات والمعلومات إلى تدخل الأهلى كطرف أساسى فى كل خطوة أقبل عليها اللاعب، من أجل استقطابه وضمه إلى الكتيبة الحمراء فى يناير المقبل، تتزايد التساؤلات حول مدى جدوى هذه الصفقة، والمكاسب التى يمكن أن يحققها الأهلى من ورائها. وتتزامن هذه التساؤلات مع تعالى بعض الأصوات الحمراء الرافضة لضم «كهربا»، إما لعدم الحاجة الفنية إليه فى وجود رمضان صبحى، أو حتى بالاستناد إلى البُعد الأخلاقى ومعايير الالتزام المهنى للاعب، التى كثيرًا ما رسب فيها بفعل تمرده فى وجه مدربيه وإدارات الأندية التى لعب لها.
رد قوى على «ضربة السعيد ».. وبديل سحرى مطلوب على نفس طريق سانى
فى حقيقة الأمر يُدرك محمود الخطيب وكل فريقه فى إدارة الأهلى- الذى أنهى كل شىء ويوقن بأن «كهربا» صار أهلاويًا منذ ذهب إلى تركيا ومنها إلى البرتغال بتخطيط محكم تحرص الإدارة الحمراء على نفيه- أن تلك الصفقة هى الأربح والأهم لهم فى هذه الولاية، وأن مكاسبها ستظل عالقة فى الجانب الإيجابى بذاكرة الأهلاوية.
فلا يخفى على أحد فى مصر أن «بيبو» تلقى ضربة موجعة فى انطلاقة ولايته مع الأهلى كرئيس للنادى، كادت تتسبب فى شرخ عميق مع محبيه وجماهير ناديه، عندما رسب فى ملف التجديد للنجم عبدالله السعيد، الذى كان على وشك ارتداء القميص الأبيض.
استفاق «الخطيب» مؤخرًا، وأنقذ ما يمكن إنقاذه حينما أذل «السعيد» بعدما أفشل مخططه وأعاده للبيت الأهلاوى نادمًا باكيًا، ثم عرضه للبيع، وجعله عرضة للسخرية والتوبيخ باحترافه فى دورى هواة هو الدورى الفنلندى، كما أنه تمكن من جنى قرابة ٤٠ مليون جنيه بعد بيع «السعيد» إلى أهلى جدة السعودى.
ورغم ردة الفعل القوية تلك، ونجاحه فى تصحيح خطايا مسئولى ملف التعاقدات حينها، لم ينس «الخطيب» أبدًا طعنة الزمالك، ورغبة مجلس إدارته فى إحراجه، بل ضربه بالقاضية أمام جماهيره وعشاقه.
لذا، استغل مجلس الأهلى خلافات «كهربا» مع إدارة ناديه، ولعب دور الشيطان الذى جسده خصمه مع «السعيد» سابقًا، حتى تمكن من مخططه، ويدرك الآن أنه لو لم يكن هناك أى عائد أو فائدة فنية من وراء ضم اللاعب- وهذا غير صحيح وسنوضح أسبابه فى السطور التالية- إلا أنه سيحقق أكبر المكاسب بخطف أهم وأبرز لاعبى منافسه، ووضعه فى موقف حرج للغاية أمام الرأى العام وجمهوره، وكذلك رفع أسهمه كنموذج إدارى يجيد إدارة الأزمات ويحولها إلى دوافع تصنع الإنجازات، حتى لو كانت تلك الإنجازات معنوية.
لكن ما يهمنا فى الموضوع هنا أنه مخطئ للغاية من يعتقد أن «كهربا» لن يكون خيارًا مفيدًا من الناحية الفنية لفريق الأهلى، وواهم من يرى الفريق الأحمر ليس فى حاجة إليه، فى ظل وجود رمضان صبحى.
فلو افترضنا وسلمنا بأن «كهربا» سيكون بديلًا، فهل يُدرك هؤلاء المقللون من حجم الصفقة ما قيمة أن تمتلك لاعبًا بديلًا بحجم «الفولت»، الذى طالما صال وجال مع الزمالك واتحاد جدة السعودى والمنتخب الوطنى؟
ليروى سانى، لاعب مانشستر سيتى الإنجليزى، وصل سعره مطلع هذا الصيف إلى ١٠٠ مليون جنيه إسترلينى، ورفض فريقه بيعه، رغم أنه لاعب بديل ولم يتبق فى عقده الكثير، وسيكون بمقدوره مغادرة الفريق بعد عام ونصف العام من الآن.
نعم فرطت الإدارة الإماراتية للفريق الإنجليزى فى هذه الأموال، وما زالت تتمسك بلاعبها البديل رغم تعرضه لقطع فى الرباط الصليبى، لأنها والجهاز الفنى للفريق يدركان حجم الإضافة، التى يصنعها هذا البديل، وما يحققه فى عملية التدوير مع زملائه من مكاسب منحت الفريق أرقامًا خيالية وقياسية فى أقوى دوريات العالم.
غاب «سانى» عن السيتى هذا الموسم، ففشل الفريق فى تعديل النتيجة وتعثر فى ٣ مباريات من أصل ٨ جولات، وهو اللاعب نفسه الذى قلب الموازين فى أكثر من ١٠ مباريات فى الموسم الماضى عندما حل من دكة البدلاء كورقة مفعولها سحرى تقلب الأوضاع، وكان السلاح الأبرز الذى افتقده جوارديولا فسقط أمام نوريتش سيتى، وتوتنهام، وولفرهامبتون، فى أقل من شهرين.
فى قاموس الأبطال، ومع الفرق الكبيرة، أنت دائمًا فى حاجة إلى بديل لا يقل عن اللاعب الأساسى، خاصة فى مراكز صناعة الفارق بالمناطق الأمامية. بديل يجعلك حائرًا فى كونه لاعبًا لا يستحق الدكة بالأساس، بديل يكون مؤثرًا بدرجة لا تقل عمن يلعب مكانه، ولا يغيب عن منتخب بلاده.
يعيد ثلاثية «أبوتريكة- بركات- متعب».. ويدعم مفاوضات رجوع رمضان
ما ذكرته سابقًا لا يعنى التسليم بأن «كهربا» سيحل بديلًا لرمضان صبحى، فلم يكن ليروى سانى، ومن هم بحجمه، بدلاء بالمفهوم التقليدى، بل كانوا أوراقًا خططية تُستخدم فى عملية التدوير، التى تتم بين النجوم الكبار والأعمدة الرئيسية لتحمل المنافسات الكثيرة باتجاهات مختلفة، وهو السلاح ذاته، الذى يتبعه رينيه فايلر مع الأهلى. ولأن الأهلى مقبل على تحديات كبيرة، فهو فى حاجة فعلية لتقريب الفجوات بين اللاعبين الأساسيين والبدلاء، حتى يتجنب لعنة الإصابات التى قد تحرمه من أحدهم فى المحطات المهمة، ولكى يتم استخدامه كبديل وفى عملية التدوير أيضًا.
وهنا ستبرز القيمة الفنية والإضافة الكبيرة، التى سيمنحها «كهربا» للأهلى، فإذا نظرت لوضع الفريق حاليًا هناك فجوة كبيرة بين الجناحين حسين الشحات ورمضان صبحى، مع أى بديل لهما، سواء أحمد الشيخ أو جيرالدو، وفى حال تعرض أى من «صبحى» أو «الشحات» لإصابة أو إيقاف، لن تجد من يعوضه ويقدم مردودًا يقاربه، كما أن استهلاكهما يعرضهما للإجهاد، وفى بعض الأوقات ستكون مطالبًا بإراحتهما من وقت لآخر وتحتاج فى الوقت ذاته للحفاظ على نفس النتائج الجيدة.
سيمثل «كهربا» مع «الشحات» و«صبحى» مثلثًا رائعًا يتبادل الأدوار فيما بينهم، ويتقاسمون المشاركة وعدد الدقائق بما يفيدهم، ويحقق المستهدف لفريقهم، ولن يشعر المشاهد بفوارق كبيرة بمرور الوقت.
نذكر فى ولاية مانويل جوزيه الأسطورية، كان الأهلى يمتلك كلًا من محمد أبوتريكة ومحمد بركات وفلافيو وعماد متعب، ومع ذلك كان دائمًا واحد منهما بديلًا فى انطلاقة المباريات، وقلما بدأ «جوزيه» بهم جميعًا فى مباراة واحدة، لكنه كان يختتم بهم اللقاء ويجمعهم فى تشكيلة واحدة عندما تتفاقم الأمور وتتعقد الحسابات ويحتاج للدفع بكل أوراقه.
هل تذكرون معى التبديلة الشهيرة لـ«جوزيه»؟.. خروج الظهير الأيمن إسلام الشاطر، وعودة بركات للجهة اليمنى، والدفع بمهاجم ثان متعب مع فلافيو أو العكس، بدلًا من الاعتماد على أحدهما.
لذلك حينما كان يغيب «متعب» أو «بركات» أو حتى «تريكة»، لم يسقط الأهلى فى ولاية «جوزيه»، وما أكثر إصاباتهم لو تتذكرون. فقط لأنه عرف كيف يداور بينهم دون أن يشعرك كمشاهد من فيهم لاعب أساسى ومن بينهم بديل، وهذه عبقرية مدرب ربما يكررها «فايلر».
وبعيدًا عن المكاسب الفنية الكثيرة من ضم «كهربا»، والدرس الإدارى، الذى يكتب «الخطيب» فصوله الأخيرة، فإن هناك محددًا آخر يجعل الأهلى متمسكًا بضم «كهربا».
فى الصيف المقبل، سيبحث الأهلى عن شراء رمضان صبحى من فريقه الإنجليزى، وسيصطدم بأرقام مهولة، لكن موقفه التفاوضى سيكون أقوى وأفضل حينما يكون قد نجح فى ضم «كهربا» ومنحه القدرة على لعب نفس أدوار «رمضان»، وهنا سيتبدل الموقف التفاوضى للفريق الإنجليزى، الذى قد يصله حينها أن الأهلى جهز البديل المناسب، والمغالاة لن تكون فى صالحه، لذلك قلنا ونكرر: من يقلل من ضربة «كهربا» خاطئ خاطئ خاطئ.