رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبيئة العساسيف.. أسرار أضخم كشف أثرى فى الأقصر: استخراج 30 تابوتًا بأيادٍ مصرية

جريدة الدستور

شهدت محافظة الأقصر، اليوم، الكشف عن تفاصيل «خبيئة العساسيف» بالبر الغربى، التى تضم ٣٠ تابوتًا خشبيًا آدميًا ملونًا لرجال وسيدات وأطفال، خاصة بكهنة وكاهنات معبودات الأقصر للآلهة «آمون وخنسو»، من بينها ٣ توابيت لأطفال، تعود جميعها للأسرة الـ٢٢.

تعد هذه الخبيئة أول خبيئة توابيت آدمية كبيرة يتم اكتشافها كاملة منذ نهاية القرن ١٩، ليضيف بذلك الأثريون المصريون، بعد أكثر من قرن من الزمان، خبيئة أخرى جديدة بالأقصر.
وأعلنت وزارة الآثار نقل الخبيئة، وهى الأولى التى تُكتشف بأيادى أثريين مصريين، إلى المتحف المصرى الكبير، حيث سيتم تخصيص جناح لها بالمتحف يطلق عليه «خبيئة العساسيف»، لتدخل ضمن سيناريو العرض المتحفى له، مشيرة إلى أن تلك التوابيت يرجع تاريخها للقرن العاشر ق م، أى منذ ٣ آلاف عام. ونجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة هناك، برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فى الكشف عن الـ٣٠ تابوتًا وهى فى حالة متميزة من الحفظ والألوان والنقوش كاملة، وبالوضع الذى تركها عليه المصرى القديم «توابيت مغلقة بداخلها المومياوات»، حيث تم العثور عليها مجمعة فى خبيئة فى مستويين الواحد فوق الآخر، ضم المستوى الأول ١٨ تابوتًا، والمستوى الثانى ١٢ تابوتًا.
وأكد وزير الآثار، فى تصريحات، اليوم، أن الكشف الأثرى تم بأيادى أثريين مصريين، مشددًا على أن «ما تناثر من تشكيك فى هذا الكشف قبل الإعلان عنه، والقول إنها توابيت دفنت فى عام ١٩٦٧، أقوال أقل من الالتفات إليها، ولا تتعدى كونها ضمن الشائعات المغرضة التى ليس لها أى أساس من الصحة أو الدليل، والهدف منها النيل من أى نجاح تحققه الوزارة ويلفت انتباه العالم إلى مصر وحضارتها».
وقال الدكتور مصطفى وزيرى إن قصة كشف الخبيئة بدأت منذ نحو شهرين، حين بدأت أعمال الحفائر فى الموسم الحالى، استكمالًا لأعمال الموسم السابق، التى أسفرت عن الكشف عن العديد من المقابر، منها المدخل الأصلى لمقبرة TT ٢٨، ومقبرتان لـ«ثاو آر خت أف» و«ميرى رع» من عصر الرعامسة.
وأضاف: «أما فى هذا الموسم، الذى بدأ منذ شهرين، فتم العمل على توسعة نطاق الحفائر لتشمل الجزء الشرقى من الفناء الذى تم العمل به الموسم السابق، وأثناء سير العمل تم الكشف عن خبيئة العساسيف التى تضم ٣٠ تابوتًا خشبيًا».
وذكر أن المجموعة المكتشفة من التوابيت تتميز بتوفير الدليل على المراحل المختلفة لطريقة صنع التوابيت فى تلك الفترة، حيث منها ما هو مكتمل الزخارف والألوان، ومنها ما هو فى المراحل الأولى للتصنيع، ومنها ما انتهى تصنيعه ولكن لم يتم وضع المناظر عليه، ومنها ما تم نحته وتزيين أجزاء منه وتُركت الأجزاء الأخرى فارغة دون زخارف.
وأكد أن المناظر المنقوشة على جوانب التوابيت تمثل موضوعات مختلفة، تشمل تقديم القرابين ومناظر لآلهة مختلفة، وكذلك مناظر من كتاب الموتى، ومناظر لتقديم قرابين للملوك المؤلهين، كالملك أمنحتب الأول الذى عُبد فى منطقة الدير البحرى، وتشمل كذلك عددًا من النصوص التى بها ألقاب لأصحاب التوابيت كمغنية الإله آمون، وكذلك نصوصًا لآلهة مختلفة. وذكر «وزيرى» أن هذه الخبيئة تأتى كشاهد على فترة تاريخية لعدم الاستقرار انتشرت فيها سرقات المقابر، وقلّ  بناء المقابر الضخمة، ولعب فيها التابوت دورًا مهمًا كمقبرة للحفاظ على الجسد، حيث وُضعت المناظر التى كانت توضع سابقًا على حوائط المقابر لتجد مكانها على جنبات التابوت.
وأشار إلى أن تلك المناظر والنصوص الممثلة على جوانب التوابيت توضح ارتباط تلك الخبيئة بالمنطقة، حيث مثلت مناظر الإله حتحور والملك أمنحتب الأول، اللذين انتشرت عبادتهما فى منطقة الدير البحرى، التى تعتبر جبانة العساسيف بلا شك جزءًا منها. ولفت إلى أن اختيار مكان الخبيئة يأتى أيضًا لأسباب عديدة، منها قدسية المكان، وأنه المكان الآمن فى جبانة طيبة فى وقت لم تَسلم فيه حتى مقابر الملوك من السرقة. وعن طريقة الدفن، قال إن طريقة الدفن فى مجموعات عادةٌ معروفة سابقًا، حيث وجدت من قبل خبيئة «باب الجُسس» لكهنة وكاهنات الإله آمون فى الأسرة الواحدة والعشرين بالقرب من معبد الملكة حتشبسوت، وإن اختلفت فى عددها عن «خبيئة العساسيف»، فكلتاهما تؤرخان لفترات تاريخية انتشرت بها الدفنات الجماعية.
من جانبه، كشف الدكتور الطيب عباس، مدير عام الشئون الأثرية بالمتحف المصرى الكبير، عن أنه سيتم نقل مجموعة التوابيت كاملة للمتحف المصرى الكبير، حيث تم تخصيص قاعة لعرض المجموعة كاملة، موضحًا أنه من المقرر نقلها بعد انتهاء أعمال الترميم الأولى على يد مجموعة متخصصة من مركز الترميم من المتحف المصرى، بالتعاون مع مرممى منطقة آثار الأقصر.