رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"احموا لبنان".. استمرار الاحتجاجات والجيش يدعو للالتزام بالتظاهر السلمي

جريدة الدستور

استمرت الاحتجاجات فى لبنان لليوم الثالث على التوالى، تنديدًا بالسياسات الحكومية التقشفية، وسوء الأوضاع المعيشية، وفرض الضرائب الجديدة، وآخرها ضرائب برنامجى «واتس آب وفايبر»، التى تراجع عنها وزير الاتصالات اللبنانى بسبب الأحداث.
وأعلن الجيش اللبنانى، اليوم، تضامنه الكامل مع مطالب المتظاهرين بتحسين الأوضاع المعيشية، داعيًا إياهم إلى التظاهر السلمى وعدم التعدى على الأملاك العامة.
من جهته، طالب الأمين العام لحزب الله اللبنانى، حسن نصر الله، الجميع بتحمل مسئولية الوضع الخطير الذى يعيشه لبنان، مشيرًا إلى أن بعض القيادات السياسية، سواء فى السلطة أو خارجها، يتخلون عن مسئولياتهم ويلقون بالتبعات على الآخرين.
ودعا «نصر الله»، فى كلمة له، عدم الانشغال بتصفية الحسابات منعًا لمصير أمنى مجهول، محذرًا من أن: «معالجة الوضع الاقتصادى بالضرائب والرسوم ستؤدى إلى انفجار شعبى، ومن الضرورى أن يقتنع المسئولون بأن الناس لا يمكن أن يتحملوا ضرائب جديدة، وبأن على الحكومة البحث عن خيارات أخرى لإنقاذ الوضع». ورأى أن «البلد يواجه خطرين كبيرين، الأول هو الانهيار المالى والاقتصادى، والثانى هو خطر الانفجار الشعبى، ولا أحد يقف وراء التظاهرات، فهى شعبية، لا أحزاب ولا سفارات ولا جهات أجنبية، إنما هى نتيجة للوضع الداخلى، مشددًا على أن حزب الله لا يؤيد استقالة الحكومة».
فى المقابل، أمهل رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، مساء أمس الأول الجمعة، شركاءه فى الحكومة، ٧٢ ساعة، للاتفاق على مخرج للأزمة الاقتصادية.
على الصعيد العربى، حذرت دول الخليج رعاياها من التواجد فى محيط التظاهرات بلبنان، داعية مواطنيها إلى مغادرة البلاد فورًا، وأعلنت سفارة المملكة العربية السعودية فى لبنان نجاح المرحلة الأولى من خطة إدارة الأزمات والطوارئ بهدف إجلاء المواطنين السعوديين وتأمين سلامة وصولهم إلى مطار رفيق الحريرى الدولى.
وأكد مصدر لبنانى أن الأوضاع هادئة فى الشوارع اللبنانية، مشيرًا إلى أن المسيرات حتى الآن تتميز بالطابع السلمى دون وجود اشتباكات مع قوات الأمن، مؤكدًا أن قوات الجيش موجودة بالشوارع ولا توجد اشتباكات بينها وبين المواطنين.
من جهته، قال الكاتب اللبنانى، فادى عاكوم، إن التظاهرات التى يشهدها لبنان لم تحدث نتيجة فرض رسوم على مكالمات بعض برامج التواصل الاجتماعى كما فهم البعض، لكن هذه الضريبة كانت القشة التى قصمت ظهر البعير.
وأوضح: «الشعب مُثقل بالهموم، والحكومة تحاول الخروج من الأزمة الاقتصادية بفرض المزيد من الضرائب والرسوم على الطبقة الاجتماعية العادية، فى حين أن الطبقة السياسية الحاكمة بعيدة عن هذه الضرائب».
وذكر أن الحكومة تعرقل اتجاهات الاستثمار الجديدة التى قد تأتى إلى لبنان بسبب الفساد السياسى والاقتصادى، الذى يعرقل كذلك الاستثمارات الموجودة بالفعل، والتى بدأت فى وقف أعمالها.
وتابع: «المهلة التى أعطاها رئيس الوزراء اللبنانى لحكومته ليست إلا (شو إعلامى)، ويمكن فهم ذلك بالنظر إلى الطبقة الحاكمة المتمثلة فى حزب الله والتيار الوطنى الحر، اللذين يحاولان التملص من المسئولية وإلقاءها على الحريرى كشخص، ولكن الحقيقة أن الأغلبية الحكومية تابعة لحزب الله والتيار الوطنى الحر، فحينما نقول الحكومة يجب أن نقول حكومة العهد، أى حكومة ميشيل عون، أى حكومة حزب الله، وهى التى أعطت عهودًا كثيرة فشلت فى تطبيقها على أرض الواقع».
ولفت إلى أن المعونات الاقتصادية التى تقدم للبنان أصبحت مشروطة بتطهير المؤسسات من الفساد، وهذا ما اتضح بمؤتمر «سيدر»، الذى انعقد مؤخرًا بباريس، إذ أكدت الدول الكبرى أن لبنان لا بد أن يتخلص من الفساد، وأن يلغى دعم الخبز والبنزين، وأن تتوقف الحكومة عن فرض ضرائب.
وذكر أن الدول الكبرى طالبت أيضًا بمنع «حزب الله» من السيطرة على مقاليد الحكم فى لبنان، بعد أن بات دولة داخل الدولة، وهذا ما تسبب فى عقوبات دولية تأثر بها لبنان، وأضعفت الاقتصاد بشكل كبير.
وقال: «من المتوقع إذا ما قدّم الحريرى استقالته أن يشهد لبنان فراغًا حكوميًا لفترة من الزمن، وحينها ستتم إدارة المؤسسات من خلال حكومة تصريف أعمال، ولن تكون المرة الأولى، وبعد ذلك سيتم تصعيد شخص من الطائفة السنية، موالٍ لسوريا ولحزب الله وللتيار الوطنى الحر».
وتابع: «نصر الله فى كلمته الأخيرة حاول التنصل من المسئولية كأنه لم يشارك بالحكم، علمًا بأن وزراءه موجودون منذ اتفاق الطائف فى الحكومات المتتالية، المتمثلين فى وزرائه الحزبيين الأساسيين ووزراء حركة أمل ووزراء تيار المردة، وحلفائه من التيار الوطنى الحر، وبالتالى فإن مشاركته فى الحكم لا تعفيه من المسئولية وإنما تؤكد أنه مسئول مباشر عن الأداء الحكومى السيئ».
وأكد أنه من الصعب تشكيل حكومة تكنوقراط، لأن مبدأ تشكيل الحكومة مبنى على المحاصصة الطائفية، التابعة لأطراف سياسية، حتى لو قيل إن الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوقراط فإنه سيكون كذبًا وتدليسًا، لأن أى شخص يجب أن يكون تابعًا لجهة سياسية ما.
وقال: «الحل هو تشكيل حكومة عسكرية بإدارة الجيش اللبنانى، ووقف جميع المؤسسات الحكومية، وحل مجلس النواب، وحل الحكومة، ووقف صلاحيات رئاسة الجمهورية لحين إجراء انتخابات نيابية جديدة على مبدأ النسبية، أى باعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، وقتها فقط سيستطيع الشعب اللبنانى اختيار نوابه بشكل صحيح، وليس من خلال القانون الانتخابى الحالى الذى بُنى ليصل نفس الأشخاص إلى المجلس النيابى».
من جهته، قال الدكتور جمال فياض، الكاتب الصحفى اللبنانى، إن الأزمات فى لبنان وصلت إلى حد لا يمكن تحمله، فى ظل انتشار الفساد فى مفاصل الدولة، حتى صارت أوضاعها مثل دولة متخلّفة لا تاريخ لها ولا حضارة ولا حاضر.
وأضاف «فياض»، لـ«الدستور»: «كل هذا سببه النظام الذى جاء باتفاق الطائف، الذى انتزع صلاحيات رئيس الجمهورية ووزّعها على زعماء الطوائف، وتحوّل حكم الدولة إلى شراكة بين زعماء الطوائف الذين لم يتفقوا يومًا إلا على تحقيق مصالحهم الطائفية»، لافتًا إلى أن الزعماء أهملوا آلام الناس واعتقدوا أن الشارع خضع لسيطرتهم، فزاد الضغط حتى انفجر الشارع تحت ضغط الغلاء والضرائب واستشراء الفساد بشكل علنى.
ورأى أن الحل بسيط جدًا ولكنه يستلزم جرأة من زعماء لبنان، وهو أمر لن يكون سهلًا، لافتًا إلى أن الحلّ يكمن فى رفع الغطاء والحماية عن الفاسدين، ومحاكمة كل من أسهم بالسرقة واستغلال النفوذ لتحقيق أرباح مالية دون حق.
وأشار إلى رفض مجلس النواب، بأغلبية ساحقة، التوقيع على إقرار قانون محاسبة النواب والوزراء الفاسدين، واستعادة الأموال المنهوبة، وهو أمر يثبت فسادهم، وتابع: «لا بد من محاكمة الفاسدين، وأن تقر السلطات قوانين صارمة تمنع الفساد، وعلى الحكومة أن تبدأ فى البحث عن مواردها من الطبقة الثرية والمستغلة لا من الطبقة الفقيرة، وكل هذا سيكون خطوة فى رحلة طويلة وصعبة للإصلاح».
وقال حسين حجيج، أحد المتظاهرين، إن أبسط حقوق المواطن اللبنانى لم تعد موجودة، رغم أنها من أساسيات الحياة، فالماء لم يعد موجودًا فى منازل اللبنانيين، والكهرباء تنقطع بالساعات بل وبالأيام فى بعض المناطق، مضيفًا أن المواطنين فى جميع الدول يفكرون فى الصعود إلى الفضاء، بينما يطلب المواطن اللبنانى حقه المشروع فى الماء والخبز والكهرباء، وأن الأوضاع الاقتصادية فى لبنان باتت لا تُحتمل ولا أحد يشعر بمعاناة الشعب اللبنانى.
وشدد فواز الخولى، الذى اصطحب أسرته بأكملها فى التظاهرات، على أن ما يُشاع عن أن هذه التظاهرات طائفية لا أساس له من الصحة، موضحًا أنه لأول مرة منذ سنوات يتوحد الشعب اللبنانى بكل أطيافه على مطلب واحد، وهو «رحيل القيادة السياسية»، التى تتمثل فى الرئيس ميشال عون، وليس سعد الحريرى فقط، مطالبًا بتولى الجيش اللبنانى مسئولية البلاد، فاللبنانيون- حسب قوله- يرفضون تحمّل المزيد من الفقر والأوضاع الاجتماعية السيئة، قائلًا: «بدنا طحين.. بدنا بنزين.. بدنا نعيش مثل بقية الخلق.. نحنا شعب عنده كرامة».

.. وسفيرنا فى بيروت: الجالية المصرية بخير

قال السفير نزيه النجارى، سفير مصر لدى بيروت، إن الجالية المصرية فى لبنان بخير، وتحظى برعاية كبيرة من جانب السفارة، من خلال التواصل الدائم والمستمر مع أفرادها.
وأضاف «النجارى»، لـ«الدستور»، أن السفارة طالبت أبناء الجالية المصرية، البالغ عددهم نحو ٤٠ ألف مواطن، بالابتعاد عن المناطق التى تشهد تظاهرات، والالتزام بالتعليمات التى تصدرها السلطات اللبنانية، مؤكدًا أن الوضع فى لبنان غير خطير ولا يهدد الحياة.
وذكر أن هناك بعض المشكلات التى تواجه المصريين القادمين للسياحة فى لبنان، خاصةً فيما يتعلق بتحركاتهم، مشددًا على أن السفارة تتدخل على الفور لإنهاء تلك المشكلات، وتمكنت بالفعل من تسهيل عودة ١٥ مصريًا خلال اليومين الماضيين.