رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تصدرهم مؤشر الجوع.. جنوبي آسيا والصحراء الإفريقي يتحولان لـ«مجاعة» (تقرير مدفوع بالبيانات)

جريدة الدستور


وجوه شاحبة اللّون، وعيون لا تكُف عن البكاء، نظرات ترتفع لأعلى السماء، وقلوب متحسرة لا تجد من يُطيّبُها، أجساد نحيفة، وعظام على وشك التحلّل، أجساد تُهدم يوما تلو الآخر على مساحات مقتلعة من الغناء واغتنت بالفقر، فهم أهالي منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية، الذين تكبدتهم حياة البائسين الطافحين الكيّلَ، والمفتقدين طعم الحياة، يعيشون جميع أنواع حروب الفقر والقهر، بسبب تدني العوامل الاقتصادية في بلادهم.

تصدرت منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي مؤشر الجوع الذي أعلنته منظمة "إغاثة جوعى العالم" الألمانية، وكشفت المنظمة عن أن المنطقتين سجلتا أعلى قيم في المؤشر هذا العام بواقع 29.3 نقطة 28.4 نقطة لكل منهما، وبالتالي تم تصنيفهما في فئة "حاد".

تقارير عديدة لا يختلف بعضها في نسبة ارتفاع الفقر في منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي، فحسب تقرير جديد أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع منظمتي مبادرة أكسفورد للفقر ومبادرة التنمية البشرية، في 13 يوليو الماضي، أظهر «مقارنات شاسعة» في مستويات الفقر عالميًا، لا سيما الدول الأكثر فقرًا وجوعًا، معتبرًا أن ظاهرة الفقر باتت شبيه «بالسُنّة المؤكدة» التي يؤديها كل فرد في المجتمع، بالإضافة للبيانات الجديدة، والتي تؤكد بصورة أوضح أن تصنيف جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي، هما من الأكثر فقرًا في العالم.


بيان الأمم المتحدة الإنمائي مع منظمتي مبادرة أكسفورد للفقر ومبادرة التنمية البشرية، أوضح فيما يخص الفقر في منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي، وحتى بين الشرائح الأكثر فقرًا داخل المناطق المختلفة، أن الفقر ليس فقط بحساب المرتبات ودخل الفرد في فيهما، بل أيضًا في تجلياتها، مثل فقر الصحة ونوعية العمل، والافتقار للأمان من تهديد العنف، وافتقاد الثقة في المسؤولين من قِبل المواطنين، وعدم الإهتمام لتجديد رغباتهم المتباعدة أحيانًا.

عدد من التقارير صادرة عن مؤشرات عالمية لهذه السنة، أظهرت كلها أن أكثر من ثلثي الفقراء عددهم 886 مليون شخص، يعيشون في البلدان متوسطة الدخل، وهناك 440 مليون شخص يعيشون في بلدان منخفضة الدخل، وفي كلتا المجموعتين، تظهر البيانات أن المتوسطات الوطنية البسيطة يمكن أن تخفي عدم مساواة هائلة في أنماط الفقر داخل البلدان، حيثُ في جنوب إفريقيا تبلغ نسبة الفقر هذه 6.3%، بينما تصل في جنوب السودان إلى 91.9% هناك حتى عدم المساواة تحت سقف واحد.



نسبة الفقر لا تقل في جنوب آسيا، حيثُ يعيش قرابة ربع الأطفال دون سن الخامسة في أسر يعاني فيها طفل واحد على الأقل سوء تغذية مقابل طفل واحد على الأقل لا يعاني ذلك، وفي جزر المالديف تسجل النسبة 0.8%، مقارنة بنسبة 55.9% في أفغانستان، وغيرها من البلدان والمناطق المختلفة.


الجميع يتساءل عمَّا إذا كان أولئك الذين يعيشون في فقر، وتجارب الحرمان المختلفة في منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية، بسبب معاناتهم من سوء التغذية؟ أم نقص في الأموال وعدم توافر معيشة أمنية تصلح؟ فعندئذٍ فقط ستكون المجاعة لها أسباب كافية للمواجهة أمام دُول العالم.

جميع نتائج المؤشرات تقرّ عدم المساواة بين الفقراء، كما ترسم صورة مفصلة عن الاختلافات الكثيرة في كيفية ومدى تعرض الناس للفقر، والتي تؤكدّ اختلاف نظرية الحرمان بين الفقراء بشكل كبير، إلى جانب تباين أكبر في حدة الفقر، وكان في المقام الأول منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي.

وأظهرت النتائج أيضًا أن الأطفال في كلا المنطقتين يعانون الفقر بشكل أكبر من البالغين، لا سيما افتقارهم إلى الضروريات، مثل المياه النظيفة والصرف الصحي والتغذية الكافية أو التعليم بكل مراحله، بالإضافة لعدم تمكنهم من الحرية المستمدة.

في جنوب آسيا، يعيش 44.4% من السكان -أي حوالي 730 مليون شخص على ما بين 25.1 و 50.2 دولار في اليوم"، وفقا لتقرير وكالة (IPS) العالمية الذي صدر في 24 يوليو الماضي، وعلى الرغم من المكاسب المُحققة في المنطقة، إلا أنه يُعتبر خطر دفع أكثر مواطنيها مرة أخرى إلى الفقر خطرًا حقيقيًا، وأن هناك تفاوتات كبيرة في مستويات الدخل والمعيشة داخل صلب الدول.



وحسب وكالة إنتر بريس سيرفس (IPS)؛ فإن كثير من الذين انضموا مؤخرا للطبقة الوسطى يمكن أن يقعوا بسهولة في براثن الفقر جراء حدوث تغيير مفاجئ في الظروف، التي تشهدها منطقتا جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقي.