رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"البناءون 5"..العاملون فى بناء "البرج الأيقونى" بالعاصمة الإدارية: سندخل عصر ناطحات السحاب

جريدة الدستور

«معجزة بكل المقاييس تعبر عن مصر الحديثة».. بهذه الكلمات وصف الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، «البرج الأيقونى» الذى تنفذه عدة شركات مقاولات مصرية فى العاصمة الإدارية الجديدة، بالتعاون مع شركة «CSCEC» الصينية، أكبر شركة متخصصة فى مجال إنشاء الأبراج وناطحات السحاب على مستوى العالم، التى وقع عليها الاختيار لإنشاء البرج، وبدأت فى تنفيذ أساساته خلال فبراير الماضى.
ويسحب «البرج الأيقونى» عند اكتماله البساط من تحت «برج كارلتون سنتر»، وسط مدينة جوهانسبرج فى جنوب إفريقيا، الذى يعتبر حاليًا أطول برج فى قارة إفريقيا بارتفاع ٢٢٢.٥ متر، بينما يبلغ ارتفاع البرج المصرى المنتظر نحو ٣٨٥ مترًا، أى أطول ٣ مرات من الهرم الأكبر الذى يبلغ ارتفاعه ١٣٩ مترًا.
«الدستور» قضت يومًا كاملًا مع المهندسين والعاملين على تنفيذ البرج من المصريين والصينيين، وتابعت عمليات البناء للأدوار الأولى، ورصدت التفاهم الكبير بين العمال فى تنفيذ أعمال الإنشاء وسط منطقة الأعمال المركزية فى قلب العاصمة الإدارية الجديدة، رغم اختلاف جنسياتهم.


رجب سعيد: المعدات حديثة.. وفرص العمل كثيرة

يعمل رجب سعيد، نجار مسلح من محافظة المنوفية، ٣٢ عامًا، فى مشروع «البرج الأيقونى» منذ ٦ أشهر، بعد أن أخبره أحد أصدقائه الذين يعملون فى منطقة «الأعمال المركزية» عن المشروع، فتقدم إليه وتم قبوله.
وقال «سعيد» إن بناء «البرج الأيقونى» مختلف تمامًا عن جميع أنواع الأعمال التى شارك فيها مسبقًا، لأن الآلات والمعدات حديثة، وحتى الخامات المستخدمة فى الأساسات مختلفة عن أى مبنى آخر، معربًا عن فخره بالعمل فى «مشروع يجعل مصر حديث العالم كله بدخولها عصر ناطحات السحاب». وأضاف: «الشغل فى مصر كثير جدًا، لكن بحاجة لمن يسعى بجدية، بعد أن وفرت المشروعات الجديدة التى تنفذها الدولة الكثير من فرص العمل، ما يستوجب على الشباب السعى للحصول عليها كما فعلت أنا».


عبدالعاطى محمد: صادقت عمالًا صينيين

رغم علامات الكبر التى خطت آثارها على وجهه، يرى عبدالعاطى محمد، ٥٢ عامًا، من محافظة سوهاج، أنه قادر على العمل بكل نشاط، لافتًا إلى أنه يغيب عن أهله وأولاده وأحفاده ليثبت للجميع أنه سيظل يعمل ما دام قادرًا على ذلك.
وكشف «محمد» عن أن العمل فى «البرج الأيقونى» يسير وفق جدول زمنى محدد، معتبرًا أن المشاركة فى بنائه فرصة ثمينة للانفتاح على ثقافات أخرى.ووصف تجربة العمل مع الجانب الصينى بالمفيدة والناجحة، قائلًا: «كونت صداقات مع بعض العمال الصينيين، وفرصة العمل معهم زادت من خبراتى، وأتعلم منهم الكثير، وأثبت لهم أنا وزملائى كفاءة العامل المصرى».


محمد على: نتواصل مع الأجانب بالإشارة

وصف محمد على، نجار مسلح، ٣٠ عامًا، العمل فى العاصمة الإدارية بالجيد وغير الشاق، مقارنة بالأعمال التى سبق له المشاركة فيها.
وشدد على أن العمل يريد من يسعى إليه وليس العكس، رافضًا بشدة الادعاء بعدم وجود فرص عمل فى مصر، لأن هناك الكثير من الفرص، مستدلًا على ذلك بأن مشروع «البرج الأيقونى» ما زال بحاجة لكثير من الأيدى العاملة. وعن العمل مع الجانب الصينى، قال: «لا نجد صعوبة فى ذلك، وأحيانًا نتعامل بالإشارات، كما أن الإدارة الصينية تراعى الالتزام مع الجميع، وتساوى بين العاملين كافة دون أى تفرقة».



أحمد محمدى: المهندسون يصححون أخطاءنا دون إهانة


ترك أحمد محمدى عائلته فى محافظة المنيا وانتقل للعيش فى مدينة بدر المجاورة للعاصمة الإدارية الجديدة، بعدما حصل على فرصة للعمل ضمن فريق العمال المنفذين لمنطقة المال والأعمال المركزية بالعاصمة الجديدة، كنجار مسلح.
وبدأ «محمدى» عمله فى العاصمة الجديدة منذ شهر تقريبًا، بعدما سعى لأن تكون له بصمة فى أحد المشروعات القومية التى تنفذها الحكومة الآن، وفق قوله، مع علمه بأن المسئولين عن المشروع لا يقبلون إلا العمال أصحاب الكفاءة العالية.
وأشاد ابن المنيا بمجموعة العمل فى مشروع «البرج الأيقونى»، وحرص المهندسين والمديرين على المعاملة الكريمة للعاملين تحت مسئوليتهم، وقال: «هنا فى العاصمة الجديدة تجد من يقف بجانبك ويعلمك خبرات جديدة، ويصلح لك أخطاءك دون إهانة». وأعرب عن أمله فى المساهمة بمشروعات أخرى بعد الانتهاء من تشييد البرج، حتى يحكى لأبنائه وأحفاده فى المستقبل كيف أسهم فى بناء مصر.



ياسر رمضان: «بنبنى هرم جديد»

ياسر رمضان، وهو عامل شدة معدنية، قدم من المنيا هو الآخر، وبدأ العمل فى المشروع منذ سبتمبر ٢٠١٨، واصفًا إياه بأنه «يختلف كثيرًا عن جميع المشروعات التى أسهمت فى تنفيذها من قبل».
وأوضح «رمضان»: «الأعمال الخاصة بالمشروع ضخمة جدًا، حتى إن الخرسانة الخاصة بأساسات البرج هى الأضخم فى كل ما شاهدته من مشروعات، وتطلب الانتهاء منها ٣ أيام عمل متواصلة»، واصفًا المشروع بأنه بمثابة «هرم جديد».
وأضاف: «الخبرة التى اكتسبتها من المشاركة فى أعمال تنفيذ البرج الأيقونى لا تقارن بغيرها من الخبرات، لأننى شاهدت آلات ومعدات لم أشاهدها من قبل، والشدة المعدنية التى أسهمت فى وضعها مختلفة تمامًا عن غيرها، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى ينتهى فيه تشييد البرج سريعًا حتى يشاهد العالم ثمرة مجهودنا».


وليد رمضان: 12 شركة نفذت خرسانة الأساسات

من المهندسين المصريين المشاركين فى المشروع، التقينا وليد رمضان، مهندس فنى، الذى قال: «أشعر بأننى أشارك فى مهمة وطنية، وفخور جدًا بما أفعله. فالفارق بين ما شاركت به من أعمال هندسية سابقة والعمل فى بناء البرج الأيقونى شعورى بأننى أشارك فى مشروع سيسطر تاريخًا جديدًا لمصر عند اكتماله»، مشيرًا إلى مساهمة «البرج» المتوقعة فى جذب السياح والشركات من جميع دول العالم، وكذلك جذب الاستثمارات الأجنبية.
وكشف «رمضان» عن أن الارتفاع الهائل للبرج تطلب حفر أساسات ضخمة بخلطة أسمنتية قدرها ١٨ ألفًا و٥٠٠ متر مكعب، وهى أكبر خرسانة فى تاريخ المبانى المصرية، واشترك فيها أكثر من ١٢ شركة مقاولات فى وقت واحد.
وأضاف: «حفر الأساسات لم يقل أهمية عن أى خطوة أخرى فى خطوات البناء، وتعاون المهندسون المصريون والصينيون للتغلب على بعض التحديات خلاله، من أهمها التربة الصخرية الصعبة التى تحتاج إلى أساليب هندسية وتقنيات معينة». وواصل: «استخدمنا ٢٤ طبقة من الحديد أسفل الأساسات بسُمك ٣٢ مللى، و١٦ طبقة أخرى من أعلى بسُمك ٣٢ مللى، كل ذلك بأيادٍ مصرية صينية مشتركة، ثم بدأنا فى أعمال صب الخرسانة، التى تطلبت ٣ أيام عمل متواصلة لم يذق خلالها فريق العمل من العمال والمهندسين طعم النوم أو الراحة، من أجل إنجاز هذه الخطوة المهمة على طريق بناء هذا الصرح العملاق».


جابر رفاعى: أصبحنا لا نفكر فى السفر للخارج

من الصعيد أيضًا، جاء جابر رفاعى، وهو نجار مسلح من أبناء محافظة سوهاج، أعرب عن فخره الشديد بأن يكون جزءًا من مشروع ينقل مصر نقلة كبيرة، ويجعلها وجهة المستثمرين من جميع أنحاء العالم. وقال «رفاعى»: «بدأت عملى منذ ٧ أشهر، وذلك منذ السادسة صباحًا حتى السادسة مساءً، وأحصل على راحة ساعتين خلال هذه الفترة»، لافتًا إلى إقامته فى أماكن المبيت التى وفرتها له الشركة فى مدينة بدر، على بعد دقائق قليلة عن موقع المشروع. وشدد على أن العمل فى مصر أفضل كثيرًا من الخارج، مشيرًا إلى أنه عمل لأكثر من ١٤ عامًا فى عدد من الدول العربية، لكنه لم يشعر بإنسانيته إلا فى مصر، خاصة أن الغربة صعبة جدًا، والمساعدة فى تعمير الوطن أفضل كثيرًا من تعمير بلاد غريبة، معبرًا عن ذلك بقوله: «مصر أولى بينا». وكشف: «قبل بدء العمل فى المشروع تم تدريبنا على حماية أنفسنا والحفاظ على أرواحنا خلال العمل، والتأكيد على ضرورة ارتداء الملابس التى تقينا من الحوادث المفاجئة، كما تم تدريبنا على عمل جميع أنواع الشدات المعدنية، لأنها جزء أساسى من عمل نجار المسلح». وأشار إلى أن «مصر بها آلاف فرص العمل التى وفرتها المشروعات الجديدة، وعلى الشباب السعى للحصول على فرصة عمل مناسبة، وألا يفكروا فى السفر للخارج، فبناء بلدنا أفضل لنا ولمستقبل أبنائنا».
مترًا طول البرج الأيقونى


مهندس أجنبى: مبهور باستيعاب العمال المصريين

عبر كيفن وايت، مهندس تقنى من المشاركين فى تنفيذ «البرج الأيقونى»، عن إعجابه بالعمال المصريين، قائلًا: «على الرغم من أن العمال المصريين لم يشاركوا فى بناء ناطحات سحاب من قبل، فإنهم استوعبوا تعليمات وقواعد العمل التى وضعتها الشركة بسرعة، وفى وقت قصير جدًا.. أنا مبهور بهم». وأضاف «وايت»: «هناك تفاهم شديد بين العمال المصريين والصينيين، ونقسمهم لمجموعات عمل، وهناك دائمًا منافسة خلاقة بينهم». وأشار إلى حصول الشركة على عقد تنفيذ المرحلة الثانية من منطقة المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى المرحلة الأولى التى تعمل جاهدة على الانتهاء منها حسب التوقيتات المحددة مسبقًا. وتابع: «مصر كانت الوجهة المناسبة لبناء أطول برج فى إفريقيا، لأن لديها مهندسين وعمالًا من أصحاب المهارات العالية جدًا»، مشددًا على أن المشروع مهم ليس لمصر فقط ولكن للجانب الصينى أيضًا، لأن الانتهاء من تشييد البرج سيحدث طفرة فى مجال البناء للبلدين.

مسئولة بالشركة الصينية: هنا أرض خصبة للاستثمار

قالت جريس وان، رئيسة قسم المشتريات والعقود بالشركة الصينية الهندسية للإنشاءات، المنفذة لمنطقة المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، إن مصر أرض خصبة للاستثمار، وتمتلك عمالة ذات مستوى عالٍ وكفء من التعليم والاحترافية، بما يجعلهم جزءًا أساسيًا لنجاح المشروع. وأضافت: «شركتنا واحدة من أكبر ١٥ شركة فى المقاولات على مستوى العالم، ولديها ١٠٠ فرع فى عدة دول، وسعت للاستثمار فى مصر، لأن العاصمة الإدارية استثمار واعد على المستوى الاقتصادى والاستثمارى والاستراتيجى». وأوضحت: «الشركة تتولى تنفيذ مشروع منطقة الأعمال المركزية فى قلب العاصمة الإدارية الجديدة، وهى منطقة تطل على الطرق الرئيسية والحديقة المركزية، وتضم ٢٠ برجًا، بارتفاعات مختلفة، تبدأ من ٦٠ مترًا إلى ٣٨٥ مترًا، وهو ارتفاع البرج الأيقونى، كما نجحت الشركة فى الحصول على مناقصة بناء أطول برج فى إفريقيا، المقرر الانتهاء منه عام ٢٠٢٢».


300 مصرى يشاركون.. ودورات الأمان والقدرة على القراءة والكتابة أبرز شروط القبول
المهندس محمد قطب، نائب المدير الصينى المسئول عن العمالة المصرية فى «البرج الأيقونى»، قال إن المشروع يضم نحو ٣٠٠ عامل مصرى ممن نالوا ثقة الخبرات الصينية، وأثبتوا جدارة غير عادية شهد لها الجانب الصينى، لأنهم يعملون بتفانٍ والتزام منقطع النظير، حتى يخرج المشروع فى أبهى صورة ممكنة. وأوضح: «لا يسمح للعامل أن يمارس عمله داخل البرج الأيقونى إلا بعد تلقيه عدة دورات تدريبية مفصلة تشرح قواعد الأمان المختلفة التى تجب مراعاتها، تستغرق أسبوعًا كاملًا، مع اشتراط أن يكون العامل قادرًا على القراءة والكتابة حتى يتمكن من قراءة تعليمات الأمان داخل منطقة العمل، كذلك أن تخلو صحيفته الجنائية من أى سابقة إجرامية، وأن يكون حسن السير والسلوك، لأنه سيتعامل مع عمال أجانب فلا بد أن يكون واجهة مشرفة للعامل المصرى، وهو ما تم بالفعل».
وكشف عن أن مواعيد العمل فى البرج مقسمة بين الجانبين المصرى والصينى، فالمصرى يعمل من الثامنة صباحًا إلى الخامسة مساءً، والصينى من السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا. ونوه بأنه سيتم تزويد «البرج الأيقونى» بـ٤٨ مصعدًا لخدمة الزوار، واعدًا بأن يفوق العديد من الأبراج العالية المتطورة فى تصميمه.