رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بدون حكومة.. كيف تتحرك إسرائيل فى ملفات الاستخبارات والأمن والجريمة؟

جريدة الدستور

رغم الأزمة السياسية التى لم تنته بعد وتتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة، ووسط تخوفات من الفشل فى ذلك، والتوجه إلى الانتخابات للمرة الثالثة خلال هذا العام، تبرز مجموعة من الملفات التى تحظى باهتمام واسع من قبل الأجهزة المعنية فى إسرائيل، سواء على مستوى الشئون الخارجية أو الداخلية. يأتى على رأس هذه الملفات الصراع الاستخباراتى بين جهاز «الموساد»، وإيران، بعدما أعلن «الحرس الثورى» إحباطه مخططًا إسرائيليًا لاغتيال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس، وسط مخاوف لدى تل أبيب من رد إيرانى محتمل على تلك العملية. وداخليًا، يبرز ملف انتشار الجريمة بشكل محلوظ فى المناطق العربية بالأراضى المحتلة، وكذلك تحركات رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، لإسقاط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.



مخاوف من رد الحرس الثورى الإيرانى على محاولة اغتيال قاسم سليمانى بجوار قبر والده
أعلن رئيس استخبارات الحرس الثورى، حسين طائب، فى أوائل أكتوبر الجارى، إحباط مخطط إسرائيلى لاغتيال قاسم سليمانى، فى محافظة «كرمان» الإيرانية، والقبض على الخلية التى حاولت التنفيذ، مشيرًا إلى أن العملية يُخطط لها منذ سنوات، نتيجة فشل الأجهزة التى تقف وراء هذه الخلية فى استهداف مقار لـ«الحرس الثورى».
وأوضح «طائب»: «الخلية تضم ٣ أفراد، وخططوا لعملية الاغتيال بتنسيق مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلية على مدى سنوات، دخلوا إلى إيران خلال إحياء ذكرى وفاة السيدة فاطمة الزهراء، التى تقام عادة فى أواخر فبراير من كل عام، واشتروا عقارًا مجاورًا لقبر والد اللواء قاسم سليمانى فى كرمان، وجهزوا نحو ٥٠٠ كجم من المتفجرات، لوضعها تحت المقبرة وتفجيرها أثناء وجود سليمانى، لتبدو كأنها عملية إرهابية من تنفيذ داعش».
وخرج رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية «الموساد»، يوسى كوهين، ليرد على هذه التصريحات، وقال لمجلة «ميشباتشا» الإسرائيلية الأرثوذكسية: «عملية اغتيال سليمانى، وأمين عام حزب الله اللبنانى حسن نصر الله، ممكنة، لكنهما ليسا موضوعين على قائمة الاغتيالات بعد».
ورغم أن «الموساد» نفى بعدها بأيام، إدلاء «كوهين» بمثل هذه التصريحات، وذكر أن المجلة طلبت إجراء مقابلة مع رئيس الجهاز ورفض، رأى مراقبون إسرائيليون أن «كوهين» قال ذلك بالفعل مدفوعًا برغبة شخصية فى الانتقال إلى اللعبة السياسية بعد انتهاء ولايته على رأس الجهاز، فى العام المقبل.
فيما اعتبرها آخرون توجهًا إسرائيليًا لـ«تلميع الموساد»، وإلقاء الضوء على نشاطه، فى إطار الحرب النفسية ضد إيران والموالين لها، وربما التمهيد لحملة اغتيالات جديدة، لكنهم حذروا من أن التصريحات «تمنح إيران المبرر الأخلاقى والقانونى لتنفيذ عمليات اغتيال على مستوى عالٍ خارج إسرائيل».
وأرجعوا كشف إيران عملية الاغتيال المزعومة إلى رغبتها فى توجيه عدة رسائل لإسرائيل، من بينها معرفتها بأن «سليمانى» مستهدف من قبل تل أبيب، وقدرة أجهزتها الاستخبارية على كشف أى مخطط ضده ومنع اغتياله، بجانب تأكيد جاهزية الرد الإيرانى على ذلك فى فرصة قريبة.
يأتى ذلك وسط توقعات بأن يكشف الإيرانيون عن هوية أعضاء الخلية الثلاثة الذين تم القبض عليهم، والمواد التى عثر عليها بحوزتهم، بهدف فضح دور تل أبيب فى المخطط، وتضخيم نجاح الاستخبارات الإيرانية، وتهيئة الرأى العام العالمى لرد عسكرى ضد إسرائيل.
ودفع ذلك إسرائيل لأخذ الأمر بجدية، وزيادة استعداداتها فى الملف الإيرانى، بدءًا من احتمال محاولة أجهزة الاستخبارات الإيرانية المساس بشخصيات ومؤسسات إسرائيلية ويهودية فى الخارج، وصولًا إلى عمليات عسكرية مفاجئة ضد إسرائيل من الأراضى العراقية أو السورية أو اللبنانية أو قطاع غزة، أو حتى مهاجمة أهداف إسرائيلية بواسطة صواريخ بحرية وطائرات مسيّرة. و«سليمانى» بالنسبة لإسرائيل واحد من أهم المطلوبين، بعد تحقيقه نجاحات كبيرة فى جبهات العراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة، ومساهمته فى تطوير تسليح «حزب الله» بآلاف الصواريخ، ودفعه قدمًا الآن مشروع إنتاج الصواريخ الدقيقة لـ«حزب الله»، وكونه المسئول عن التمركز العسكرى الإيرانى فى سوريا، وإقامة جبهة جديدة فى «الجولان».
كما أنه هو من يدير الميليشيات الشيعية فى العراق، وأقام جسرًا بريًا من إيران إلى ساحل البحر المتوسط عبر معبر «البوكمال» على الحدود العراقية السورية، كما أنه يستخدم الحوثيين فى اليمن ضد السعودية، ويدعم بالمال والسلاح الأذرع العسكرية لحركتى «حماس» و«الجهاد الإسلامى» فى قطاع غزة، وفق الرؤية الإسرائيلية.
وبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام أجنبية، نجا «سليمانى» من الموت مرتين، الأولى فى حرب لبنان الثانية سنة ٢٠٠٦، والثانية فى عملية منسوبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة قُتل فيها رئيس أركان «حزب الله» عماد مغنية فى دمشق خلال العام ٢٠٠٨.


ليبرمان يصر على إسقاط نتنياهو.. ويصف أعضاء «الليكود» بـ«البهائم والمحتالين»
استعرضت صحيفة «معاريف» العبرية شروط حزب «إسرائيل بيتنا»، الذى يتزعمه المثير للجدل أفيجدور ليبرمان، للمشاركة فى أى حكومة مستقبلية، وأولها القضاء على حكم حركة «حماس» فى قطاع غزة، وتجديد سياسة الاغتيالات ضد قياداتها، ووقف فورى لإدخال الأموال القطرية إلى القطاع، وسحب الجنسية من المقدسيين المشاركين فى «نشاطات أمنية».
وطالب «ليبرمان» بتطبيق خطة لتحصين الجبهة الشمالية من أى مخاطر أمنية أو زلازل، وإنشاء سلاح جديد بالجيش خاص بالصواريخ، وتحسين أوضاع الذراع البرية، كما اشترط تمرير قانون إعدام منفذى العمليات فى «الكنيست»، ونقل سلاح الاستخبارات إلى النقب.
ويرى المراقبون استحالة تنفيذ تلك الشروط من قبل أى حكومة ستأتى، سواء يمينية أو يسارية، لأن تداعياتها ستكون خطيرة وتسبب انفجارًا فى الضفة وغزة لن تتحمله إسرائيل، معتبرين أنها تهدف لإسقاط «نتنياهو».
وعرض «ليبرمان» خطته لتشكيل حكومة فى إسرائيل، والخروج من المأزق السياسى الذى سببته نتيجة التقارب الشديد بين معسكرى اليمين والوسط فى الانتخابات الأخيرة، التى جرت الشهر الماضى.
وتدعو خطة «ليبرمان» تحالف «أزرق أبيض» إلى قبول مبادرة رئيس الدولة، رءوفين ريفلين، مع دعوة «الليكود» للتخلى عن كتلة اليمين.
وتنص مبادرة «ريفلين»، التى قبلها «الليكود» ورفضها «أزرق أبيض»، على أن يبقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فى منصبه بصفة شكلية فى حال قُدمت ضده لائحة اتهام، وتُنقل جميع الصلاحيات الفعلية إلى القائم بأعماله، رئيس تحالف «أزرق أبيض»، بينى جانتس.
ويرفض «الليكود» الدخول فى حكومة وحدة من دون جميع أحزاب اليمين، بينما يقبل «أزرق أبيض» الدخول فى حكومة مع «الليكود» وحده.
ورد «الليكود» بأن خطة «ليبرمان» لم تأتِ بأى جديد، فيما قال تحالف «أزرق أبيض» إنه يؤيد الخطة، وسيعمل على تنفيذها فى حال تكليف رئيس التحالف «جانتس» بتشكيل الحكومة بعد انتهاء المهلة المسموحة لــ«نتنياهو».
واتهم «ليبرمان» رئيس الوزراء بقيادة إسرائيل إلى انتخابات جديدة، وقال: «أنا لست فى عجلة من أمرى، نحن ننتظر حتى ينتقل تفويض تشكيل الحكومة إلى جانتس ثم نتحدث بشكل صحيح». كما اتهم «نتنياهو» باستئجار محققين خاصين لتعقبه، ووصف وزراء «الليكود» بعبارات قاسية، فقال عن وزيرة الثقافة والرياضة، ميرى ريجف، بأنها «بهيمة»، ووصف وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، بأنه «كاذب مثير للشفقة»، واعتبر أن «حزب الليكود اليوم عبارة عن مجموعة من المحتالين السياسيين، وبالنسبة لهم الحزب هو مجرد منصة لمهنة سياسية شخصية».
ورأى مراقبون أن «ليبرمان» الوحيد الذى انتصر فى هذه المعركة السياسية الحالية، لأنه الوحيد- حتى الآن- الذى ما زال متمسكًا بمواقفه ويكسب بهذا التمسك شعبية أكثر، رغم محاولات «نتنياهو» تشويهه واتهامه بأنه يسارى. وقال هؤلاء المراقبون إن «ليبرمان» لو سعى إلى الحكم لكان حصل على هذا من «نتنياهو»، وربما منحه الأخير عرضًا مغريًا بوزارة قوية مثل الهجرة والاستيعاب أو الخارجية أو الأمن، لكن حتى اليوم تخلى «ليبرمان» عن كل شىء ولم ينضم إلى حكومة «نتنياهو».
ورأى آخرون أن «ليبرمان» هو المتسبب فى هذه الأزمة السياسية، فهو من كان عضوًا فى حكومات يمينية كثيرة، وأراد سن قانون يجبر كل مواطن على التوقيع على «تصريح ولاء» للدولة اليهودية وإلا سحب جنسيته، كما أنه شارك فى حكومات بها «حريديم» (دينيون)، وهو اليوم يرفض الجلوس معهم، زاعمًا أنه يحافظ على العلمانية فى إسرائيل.
ويظل «ليبرمان» بالنسبة للساحة السياسية الإسرائيلية قصة مثيرة للجدل، منذ قدومه من ميلدوفا فى روسيا وعمره ٢٠ عامًا، وخدم سنة واحدة فى الجيش خلال الحكم العسكرى بالخليل، مرورًا بثروته التى جمعها بطرق مشكوك فيها.



انتشار جرائم القتل بين «عرب 48» ومظاهرات تتهم الشرطة بالتقاعس
يعيش «عرب ٤٨» فى إسرائيل أزمة شديدة، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن تنامت ظاهرة جرائم القتل والاعتداءات فى المناطق التى يعيشون بها، ما دفعهم إلى تنظيم العديد من التظاهرات تندد بتقاعس الشرطة الإسرائيلية عن حمايتهم وأداء واجبها تجاههم. وكشف تحقيق أجرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن أن الشرطة الإسرائيلية تجد صعوبة بالغة فى السيطرة على جرائم القتل بمناطق «عرب ٤٨»، موضحًا أن ٦٠٪ من جرائم القتل التى ترتكب داخل إسرائيل تقع فى البلدات العربية، على الرغم من أن العرب يشكلون ٢٠٪ فقط من السكان. واستدل التحقيق على ذلك بأن ٧٣ مواطنًا عربيًا فى إسرائيل قتلوا خلال جرائم جنائية، منذ بداية العام الجارى، وذلك من أصل ١٠٢ قتلوا فى جرائم مختلفة بإسرائيل، خلال الفترة ذاتها.
ودفع ذلك السكان العرب إلى فقد الثقة بكل شىء تقريبًا، وصار استخدام السلاح غير المرخص هو السائد فيما بينهم، الأمر الذى يحول أى مواجهة صغيرة فى الشارع إلى نزاع دموى، وفق «يديعوت أحرونوت»، متهمة الشرطة بالتقاعس فى مصادرة هذه الأسلحة. ولقى حديث الصحيفة استجابة من قبل الشرطة الإسرائيلية، فأطلقت حملة لجمع السلاح غير المرخص من البلدات العربية. وقال عضو «الكنيست» العربى، أحمد الطيبى، إنه سيدعو العرب فى إسرائيل إلى التعاون مع الشرطة، وتسليمها السلاح الذى بحوزتهم، مع تشكيكه بفاعلية الحملة. واتفق معه عدد من الخبراء وقادة المجتمع العربى فى الاعتقاد بأن الحملة ستفشل، لأن حائزى الأسلحة غير المرخصة لن يتطوعوا لتسليمها إلى الشرطة، وهو الشعور الذى ينتاب عددًا كبيرًا من مسئولى الشرطة الإسرائيلية، ووزارة الأمن الداخلى. جاء ذلك وسط تبادل الاتهامات بين قيادات الأحزاب العربية من جهة، والمسئولين الحكوميين الإسرائيليين، فالأولى تتهم الشرطة بعدم اتخاذ ما هو كافٍ من إجراءات لوقف الجرائم، بينما يتهم مسئولون فى الشرطة تلك الأحزاب والجهات بأنها لا تساعد على أداء دورها. وتعهّد وزير الأمن الداخلى، جلعاد إردان، باستصدار قرار من الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ خطة تهدف إلى تعزيز تطبيق القانون داخل البلدات العربية فى إسرائيل، وتمويل تلك الخطة، مشيرًا إلى أنها تتضمن إقامة مراكز للشرطة فى البلدات العربية، وتعزيز عدد رجالها هناك من خلال نشر ٦٢٠ شرطيًا إضافيًا بشكل دائم فى المدن والقرى العربية، داعيًا المجتمع العربى إلى التعاون.