رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"آية" تتحدى الرجال وتخترق مهنة الخراطة: نفسي أبقى مدربة عالمية

جريدة الدستور

هناك كثير من الفتيات اللواتي اقتحمن مهن الرجال وأبدعن في كثير منها، وتفوقن فيها، متحديات الموروثات الثقافية، والعادات ونظرة المجتمع لتلك الفتاة، لتكون الانتقادات هى الدافع وراء تحقيق الهدف، وإثبات أن الفتيات قادرات على العمل في جميع المجالات.

إصرار وعزيمة، وإيمانًا بأنها ليست فتاة عادية جعلها ترسم بداية مختلفة لمستقبلها المهني، ففي إحدى قرى محافظة البحيرة التابعة لمركز كفر الدوار، نشأت "آية متولي" صاحبة الـ22عامًا ولديها أحلام كثيرة، بدأت أن تتغير عندما لم يحالفها الحظ للالتحاق بالتعليم العام والتحقت بالتعليم الفني، لتتغير خريطة أهدافها، ولكنها لم تيأس، حتى اكتشفت نفسها من جديد في مجال "الخراطة".

"دائمًا كانت الظروف تغير كل ما أحلم به ولكن كانت لحكمة من الله لأصل لشئ جديد في حياتي وأبدع به"، هكذا بدأت آية، حديثها لـ"الدستور".

وتابعت: لم أستطيع الالتحاق بالتعليم العام، وتخرجت من تعليم فني صناعي قسم إلكترونيات وحاسبات بمجموع كبير، ولكن لظروف أخرى لم أستطيع الالتحاق بكلية الهندسة، ولا أي كلية أخرى، لتضيع فرصة التحاقي بالتنسيق وأقدم العام التالي في معهد سياحة وفنادق ولكن غير معتمد، وهو ما جعلني أبحث عن شئ آخر حتى حصلت على منحة للدراسة في معهد الدراسات التقنية والمهنية، بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.

وأضافت التحقت بقسم الميكانيكا، وكان من ضمن دراستي هو تنفيذ تمرين على ماكينة الخراطة، وكان أول احتكاك بيني وبين الماكينة، ومن أول مرة كان التمرين أبعاده سليمة، مما جعلني أكتشف نفسي من جديد في ذلك المجال.

واستكملت: قررت أن أخوض التجربة، وتقدمت لمسابقة منتدى شباب مصر الثانية للمهارات في تخصص الخراطة، وبدأت التدريب داخل المعهد، وساندني الكثير من المهندسين، والأساتذة، وخاصًا الدكتور عصام البكل عميد المعهد، وذلك بسبب إصراري على النجاح.

وتابعت: التدريب في المعهد كان ينتهي في الخامسة مساءً، ولكن هذا كان لا يكفي فأنا ليس لدى أي خبرة في المجال، وأتنافس مع رجال لديهم الخبرة والعلم، وهو ما جعلني أبحث عن ورشة للتدريب فيها.

وأوضحت: أسكن في قرية القومية بأبيس التابعة لمحافظة البحيرة، والقرية بها ورش كثيرة للخراطة، فبدأت أطلب منهم التدريب في الفترة المسائية، وهو ما تعجب منه أصحاب الورش، وكانت البداية بالاستهزاء حتى صممت ووقفت على الماكينة وتعاملت معها وصممت قطع معدنية، وكان الأمر مثير للدهشة لهم، ووافق أصحاب الورش بأن أتدرب معهم في الفترة المسائية، وتعلمت أشياء كثيرة وتقدمت للمسابقة لأحصل على المركز الأول في التصفية الأولى، وهو شئ لم يحدث على الإطلاق من قبل.

بعد أن احتكت آية بالعمال في ورش الخراطة، وجدت أن كثيرًا منهم يتعرض للمخاطر بسبب افتقاد تلك الورش للسلامة المهنية، فبدأت تعقد تدريب للعمال وصنايعية الخراطة العاملين بقريتها لتعريفهم بكيفية الحفاظ على سلامتهم أثناء العمل، لكي يستطيعوا الحفاظ على أنفسهم وتجنب المخاطر.

وأشارت إلى أنها سوف تلتحق للعام الثاني بمسابقة منتدى شباب مصر التي ينظمها معهد الدراسات التقنية بالأكاديمية، لافتًا إلى أنها ما زالت أمامها أهداف كثيرة تخطو إليها يوما بعد يوم، ومنها أن تصبح مدربة عالمية لتصل برسالة مفادها أن الفتاة يمكنها أن تنجح بأي مجال، وأن العمل الفني لديه خبرة وثقافة تجعله يدير مكان بمفرده، فالاعتماد في المرحلة القادمة سوف تكون على العمل الفني.

ونصحت آية الفتيات بأن يقدمن على العمل والاجتهاد، ولا يلتفتوا لانتقادات ما حولهم، فهن قادرات على الخوض في أي مجال، ولا يوجد ما يسمى عملًا مقتصرًا على الرجال، مختتمةً حديثها بأنها أصبحت مثالًا يحتذى به في قريتها، وتفتخر بها عائلتها وهذا ما يجعلها تبذل كثيرا من الجهد للوصول إلى أحلامها التي ليس لها حدود.