رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البناءون 4».. العاملون فى الـ1.5 مليون فدان: حوّلنا الصحراء إلى جنة

صوره من الحدث
صوره من الحدث

بدأ الحلم الكبير منذ ٤ سنوات، بالتحديد فى نهاية ديسمبر عام ٢٠١٥، عندما افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المرحلة الأولى من مشروع استصلاح وزراعة ١.٥ مليون فدان، بدأها بـ١٠ آلاف فى واحة الفرافرة مزروعة بالقمح والشعير وأشجار الليمون.
المشروع جاء فى إطار العمل على إنشاء مجتمعات جديدة مستدامة تؤسس على الزراعة فى الأراضى الجديدة، والتصنيع الزراعى والخدمات واللوجستيات.
وخلف المشروع الحلم يقف رجال أوفياء يشمرون عن سواعدهم ويصنعون المعجزة، ويحولون الصحراء إلى جنة خضراء تنبض بالحياة.. فى السطور التالية قصصهم وحكاياتهم مع المشروع والصعوبات التى واجهوها وأحلامهم.

الشكرى: هزمنا الرمال.. عبدالواحد: تغلبنا على ملوحة التربة.. وعلى: الرواتب مجزية.. والمستقبل هنا
أعرب ناصر الشكرى، أحد عمال المشروع، عن فخره بالمشاركة فى مشروع قومى مثل «المليون ونصف المليون فدان»، الذى خدم كثيرًا من المواطنين، ويزيد من مساحة الأرض الزراعية التى تملكها مصر، قائلًا: «لقد هزمنا رمال الصحراء».
وكشف عن أن أصعب المواقف التى واجهتهم هى افتقار الصحراء- بطبيعة الحال- إلى الخدمات الأساسية، مثل العيادات الطبية والإسعاف ونقاط الشرطة، لكنه وزملاءه تغلبوا على جميع المشكلات بالتكاتف والتعاون والصبر.
ارتفاع نسبة ملوحة الأرض فى الوادى القديم من المشكلات الأخرى التى واجهت العاملين فى المشروع. فوفق «الشكرى»: «أرض الوادى القديم بها نسبة ملوحة شديدة تجعل من استخدامها للزراعة أمرًا مستحيلًا، لكن جرى التغلب على المشكلة من خلال إنشاء محطات لتحلية المياه، حتى لا يفقد المشروع جزءًا كبيرًا من الأرض»، مضيفًا: «الأرض الآن أصبحت متاحة للزراعة، بعد توفير مياه جيدة وأسمدة مناسبة، وغيرها من مستلزمات الاستصلاح والزراعة».
وواصل: «أثناء عملنا عثرنا على آبار استكشافية عددها نحو ٧٥ بئرًا، بعمق يصل إلى ١٧٥ مترًا، وبالفعل استخدمناها فى الرى والمساعدة فى استصلاح الأرض»، مشيرًا إلى أن هذه الآبار ساعدت فى تحديد نسبة ملوحة المياه والتربة، وإجراء الدراسات اللازمة لتحديد شبكات الرى الحديث المناسب للأرض، واختيار مصدر الطاقة، والطلمبات الخاصة بالآبار، والمحاصيل الملائمة للزراعة».
أزمة ملوحة التربة أشار إليها أيضًا عصام عبدالواحد، عامل فى المشروع بمنطقة الدلتا، بقوله: «نسبة الملوحة فى الأراضى كانت مرتفعة، وتشير إلى أن الأرض ستكون صالحة للزراعة لفترة قصيرة قد تصل لعام أو اثنين على أقصى تقدير، لكن تم التغلب على ذلك». وأوضح «عبدالواحد»: «تم التغلب على المشكلة من خلال محطات تحلية المياه، حتى تتم زراعة الخضروات والفاكهة، وكذلك النخيل والزيتون اللذين يتحملان ملوحة الأرض مقارنة بباقى المحاصيل».
وعن عملية تخصيص الأراضى، قال: «وفقًا للقانون ٧٢ لسنة ٢٠١٧، هناك شركات مساهمة فى المشروع متخصصة فى استصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية، تتقدم بطلبات لتخصيص مساحة ما، وبعد فحص الأوراق والتأكد من استيفاء الشروط يصدر قرار التخصيص».
وقال عبدالحميد على، ٤٥ عامًا، عامل فى المشروع، إن مشاركته من أفضل التجارب التى مر بها فى حياته، مشيرًا إلى أنه استفاد منها الكثير، ووجد خلالها احترامًا متبادلًا بين كل العاملين، والتزامًا لم يجد مثله فى أى مشروع عمل به فى السابق. وكشف عن أن دوره فى المشروع تمثل فى الإشراف على شبكات الرى ومتابعتها، لتمهيدها للمنتفعين من الشباب الذين سيستصلحونها فيما بعد، مضيفًا: «عملت لمدة ٧ أشهر متتالية تلقيت فيها معاملة كريمة أنا وزملائى، وجرى توفير أماكن مناسبة للسكن والإقامة لنا طوال فترة العمل».
وتابع: «المشروع فاتحة خير على عدد كبير من العمال الذين اشتركوا فيه، لأنه وفر لنا فرص عمل لائقة، وبرواتب مجزية تتراوح بين ٣ آلاف و٣٥٠٠ جنيه»، مختتمًا بقوله: «مستقبل الزراعة بمصر يحتاج إلى مثل تلك المشروعات الضخمة ليتم توسيع الرقعة الزراعية للبلاد، واستصلاح أكبر قدر من الصحراء التى تمتلكها مصر وتحويلها إلى أراضٍ خضراء»

زيدان: السيدات يشاركن.. وعبدالحليم: قضينا أيامًا دون اتصال بأسرنا

كشف المهندس عادل زيدان، واحد ممن شاركوا فى مشروع المليون ونصف المليون فدان بمحافظتى المنيا والوادى الجديد، عن أن آخر ما تم إنجازه فى المشروع هو الانتهاء من تنفيذ محطات تحلية للمياه فى المحافظتين، معلنًا أن «الأراضى باتت صالحة للزراعة».
وقال «زيدان»: «منذ بداية المشروع، جميع العمال والمهندسين يرغبون فى تحقيق إنجاز جيد فى القطاع الزراعى، وتنفيذ المشروع فى أحسن صورة ممكنة». ورأى أن أهم ما يميز مشروع المليون ونصف المليون فدان هو استخدم آليات جديدة على القطاع الزراعى، مثل الطاقة الشمسية غير المضرة بالبيئة، والطاقة الخضراء التى لا تنتج عن استخدامها أى عوادم مضرة، فضلًا عن وجود أراضٍ تم استصلاحها على أيدى سيدات، مشيرًا إلى أنه «توجد سيدات يعملن معنا ويشاركن فى الزراعة، كل حسب تخصصه وطبيعة الأرض وإمكانياتها». وذكر أن بشاير الخير من الأراضى التى تم استصلاحها ستظهر مطلع عام ٢٠٢٠، لافتًا إلى زراعة جميع أنواع الفواكه فى منطقة غرب المنيا، وزراعة أعداد كبيرة من النخيل فى مناطق بالفرافرة.
وقال: «الأراضى جاهزة للاستصلاح حاليًا، ومنها ما تمت زراعته بالفعل وننتظر حصاده، وهناك نسبة كبيرة من تلك الأراضى مزروعة بقصب السكر والبنجر، وهى محاصيل مهمة فى مصر»، معقبًا: «نعتبر حاليًا فى نصف المشوار ولسه هنكمل».
وأعرب المهندس الزراعى عصام عبدالحليم، أحد المشاركين فى المشروع ضمن شباب الخريجين، عن فخره بالمشاركة فى أحد المشروعات القومية المهمة، التى تعود بالنفع على المواطنين الذين استصلحوا أراضى فى محافظات المشروع، وبدأوا فى زراعتها.
وأوضح «عبدالحليم»: «يجرى طرح عدد من الأفدنة على فترات لينتفع بها المواطنون، كما سيتم تأسيس ما يقرب من ٧٠٠ شركة زراعية جديدة، ضمن مشروع الريف المصرى».
وعن أصعب ما واجه العمال والمهندسين، فى بداية المشروع، قال: «شق الطرق وتسوية الأرض، للوصول إلى مواقع العمل فى الصحراء، وتمهيد المدقات كى يستطيع العمال التحرك فى أراضى المشروع بسهولة، والوصول إلى الأماكن التى تصلح للزراعة، بجانب ضعف تغطية شبكات الاتصال، ما جعلنا نقضى أيامًا من دون الاتصال بذوينا، من أجل الانتهاء من المشروع فى الموعد المحدد».
وأضاف: «واجهتنا كذلك مشكلة ارتفاع أسعار الأدوات المستخدمة فى المشروع، مثل السولار المستخدم فى تشغيل الآلات، وأيضًا المواد الخام، فضلًا عن مشكلات فى دراسات الجدوى واختلاف بعضها عند التطبيق، ما كان يتطلب إعادة دراسة الجدوى مرة أخرى».

مدير «غرب المنيا»: زرعنا آلاف الأفدنة بالقمح والشعير والبنجر

قال المهندس أشرف عبدالنبى، مدير منطقة غرب المنيا فى مشروع المليون ونصف المليون فدان، إنه واحد من أهم المشروعات التى تبنتها الدولة، لما يوفره من محاصيل رئيسية على مساحات واسعة من الصحراء.
وأضاف «عبدالنبى»: «جميع العاملين فى المشروع واجهوا تحديًا كبيرًا تمثل فى وعورة الأرض، وارتفاع نسبة الملوحة والكلسية التى تصعب معها الزراعة، لكننا نجحنا فى التغلب على كل تلك المشكلات».
وأوضح: «استخدمنا بعض الأسمدة الخاصة لمراعاة طبيعة الأرض، مثل مركب الكبريت والفوسفات بنسب محددة محسوبة بطرق علمية، حتى لا تأتى بآثار عكسية على النباتات»، مشيرًا إلى أن الفدان الواحد احتاج ما يعادل ٢٥٠ كجم سماد من الأسمدة الخاصة.
وتحدث «عبدالنبى» عن الجهود التى بذلها جميع القائمين على المشروع، بقوله: «الأرض كانت مثل طفل ينشأ فى بيئة غير طبيعية صعبة»، موضحًا أن من بين هذه الجهود، إيجاد نظام رى مختلف يتماشى مع طبيعة الطقس، الذى كان شديد البرودة ليلًا، وبدرجات حرارة تتراوح بين ٢ و٤ درجات مئوية، ما استدعى استخدام نظام الرى الليلى الذى يعمل على تدفئة النبات، ويساعده على النمو.
وأضاف: «العمال داخل المشروع أنجزوا مهمة حرث الأرض، باستخدام أجهزة ميكانيكية زراعية حديثة، واستمر العمل داخل المشروع ٢٤ ساعة متواصلة مقسمة على ٣ ورديات». وذكر أنه جرت زراعة أكثر من محصول بنجاح، منها ألف فدان بالقمح، وألف فدان بالشعير، ٦٥٠ فدانًا بالبنجر، وكذلك زراعة نبات «الكينوا»، باستخدام ٨٤ بئرًا، حيث توفر البئر الواحدة ما يكفى من مياه لرى ١٣٠ فدانًا.

رئيس «الريف المصرى»: باب رزق للشباب.. لن نسمح بـ«تسقيع الأرض».. وعقاب رادع للمتحايلين

قال عاطر حنورة، رئيس شركة تنمية الريف المصرى الجديد، إن أراضى مشروع المليون ونصف المليون فدان، طرحت بالكامل للشباب ولصغار المزارعين والمستثمرين، موضحًا أنه تم إلغاء نظام التوزيع بالقرعة، واستبدل بالاختيار وفق شروط محددة. وحذر جميع المنتفعين من اللجوء إلى «تسقيع» الأرض، بمعنى الحصول عليها دون زراعتها، من أجل بيعها فيما بعد بسعر مرتفع، مضيفًا: «إذا كان البعض يفكر فى التحايل على الشركة بهذا الشكل، فإنه سيجد عقابًا رادعًا بانتظاره».
وشدد على أن الدولة عازمة على زيادة استثمارات المشروع، ودعم وتشجيع الاستثمارات فى المجالات الزراعية والصناعية والخدمية به.
وجرى تقسيم المشروع فى بدايته إلى ٣ مراحل، المرحلة الأولى تضم ٩ مناطق بمساحات ٥٠٠ ألف فدان، والثانية تضم ٩ مناطق بمساحات ٤٩٠ ألف فدان، والثالثة بإجمالى مساحات ٥١٠ آلاف فدان.
ويغطى المشروع مساحات واسعة من الجمهورية، خاصة الصعيد وجنوب الوادى وسيناء والدلتا، ووقع الاختيار على ١٣ منطقة فى ٨ محافظات هى: قنا وأسوان والمنيا والوادى الجديد ومطروح وجنوب سيناء والإسماعيلية والجيزة.
وجرى اختيار تلك المناطق بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق القومية والكهربائية.
ويعتمد المشروع كليةً على الطاقة الشمسية كأحد موارد الطاقة المتجددة النظيفة فى التشغيل، وتم بناء محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، مع إجراء دراسات متطورة على خصائص التربة والأرض التى ستتم زراعتها وتحديد المحاصيل الأنسب لها.
ومن المقرر أن تتم زراعة محاصيل استراتيجية كالقمح والذرة الصفراء، وأخرى تصديرية مثل البصل والفول السودانى والبازلاء والنخيل والنباتات الطبية، إضافة إلى زراعة محاصيل تصنيعية مثل بنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا والتين والجوافة.
وبلغ إجمالى المساحات التى تم طرحها فعليًا ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، فى أواخر عام ٢٠١٨، نحو ٨٢٨.٥ ألف فدان، منها ٥٠٦.٤ ألف فدان مساحات قابلة للاستصلاح، و٢٠٦.٤ ألف فدان مساحات مجهزة للزراعة، و١١٥.٦ ألف فدان تمت زراعتها بالفعل، حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتركز الجزء الأكبر من تلك المساحات فى محافظة المنيا بمساحة ٤٢٨ ألف فدان، ما بين ٧٠ ألف فدان مزروعة، و٤٢ ألف فدان مجهزة للزراعة و٣١٦ ألف فدان قابلة للاستصلاح، تليها محافظة مطروح بمنطقة المغرة بمساحة ٢٧٩.٨ ألف فدان، قسمت بين ٣٥ ألف فدان مساحة مزروعة و١٠٢.٧ ألف فدان مجهزة للزراعة، و١٤٢.١ ألف فدان مساحة قابلة للاستصلاح.
وقدرت المساحات المطروحة للمشروع فى منطقة توشكى بمحافظة أسوان بحوالى ١٦.٧ ألف فدان، جميعها تم تجهيزها للزراعة، لكن لم تدخل ضمن الحزام الأخضر بعد، بينما بلغ نصيب منطقة الفرافرة القديمة بمحافظة الوادى الجديد ٨٤ ألف فدان، موزعة بين ١٠ آلاف فدان مساحة مزروعة، و٤٥ ألف فدان مساحة مجهزة و٢٩ ألف مساحة قابلة للاستصلاح.
وجاءت محافظة جنوب سيناء وتحديدًا منطقة الطور ضمن قائمة المحافظات الداخلة ضمن المشروع بمساحة بلغت ٢٠ ألف فدان فقط، مقسمة بين ٦٧٠ فدانًا مزروعة و١٩.٣ ألف فدان صنفت كمساحة قابلة للاستصلاح.
وأعلنت شركة الريف المصرى عدة اشتراطات لتخصيص الأراضى من خلالها، أولها أنها تمنح الأرض لمجموعة من الشباب لا يقل عددهم عن ١٠ أفراد ولا يزيد على ٢٣، على أن يكونوا شركة تتعاقد مع «الريف المصرى».
وينبغى ألا يقل عمر المتقدم عن ٢١ عامًا من تاريخ تقديم طلب التخصيص، وأن يكون المتقدم شابًا مصريًا لأبوين مصريين مع صحيفة جنائية خالية من أى أحكام جنائية، وأن يكون المسئول عن الإدارة حاصلًا على مؤهل متوسط على الأقل. ويهدف المشروع إلى تكوين مجتمعات عمرانية زراعية متكاملة، وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، وسد الفجوة الغذائية بزيادة الرقعة الزراعية، وتعمير أجزاء فى الصحراء بمختلف أنحاء الجمهورية، والعمل على تحقيق حلم الريف المصرى الجديد الذى يحقق تنمية مستدامة حقيقية.