رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجعجعة إسلامية.. والسلاح إسرائيلى!


حركة «حماس» أيّدت العدوان التركى على سوريا، وزعمت، فى بيان، أنها «تتفهم حق تركيا فى حماية حدودها والدفاع عن نفسها وإزالة التهديدات التى تمس أمنها القومى أمام عبث جهاز الموساد الصهيونى فى المنطقة، والذى يسعى إلى ضرب الأمن القومى العربى والإسلامى».. بينما قال الواقع إن القوات التركية استخدمت، فى عدوانها على البلد الشقيق أسلحة إسرائيلية!.
توصف «حماس» بأنها «حركة المقاومة الإسلامية»، وأطلق رجب طيب أردوغان على ميليشياته الإرهابية اسم «الجيش المحمدى»، غير أن مئات الشواهد والوقائع أكدت أن هذه وتلك لا تربطهما أى علاقة بالإسلام والمسلمين أو بالذين قالوا إنا نصارى، وإنما بأشد الناس عداوة للذين آمنوا، أى باليهود (الصهاينة) والذين أشركوا. ولو سألتنى عن خطاب «أردوغان» القاسى وهجومه العنترى على الإسرائيليين (أو الأمريكيين)، سأقول ببساطة إنه ليس أكثر من استعراض أو مجرد جعجعة، للاستهلاك المحلى ولـ«قرطسة» البهاليل: بهاليل بهلول إسطنبول!.
تأكيدًا لذلك، وليس كشفًا له، ذكرت جريدة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، فى تقرير نشرته مساء الأربعاء، أن صورًا تم التقاطها فى بلدة أكشاكالى الحدودية أظهرت استخدام القوات التركية دبابات من طراز «M60-A1» التى طورتها إسرائيل، وحصلت تركيا على ١٧٠ منها، بين عامى ٢٠٠٣ و٢٠١٠، ضمن صفقة أكبر شملت أيضًا نظام الدفاع الصاروخى Arrow، ودبابات من طراز ميركافا.
الجريدة الإسرائيلية وصفت تركيا بأنها واحدة من أهم عملاء الأسلحة لإسرائيل، مشيرة إلى قيام شركات إسرائيلية بتحديث طائرات من طراز F-4E لصالح تركيا، بالإضافة إلى تزويدها بطائرات هيرون، وأنظمة استطلاع ومراقبة إلكترونية، وذخيرة ذكية، ومعدات تجسس متطورة.. ونشير، بالمرة، إلى أن الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا اتهمت القوات التركية باستخدام أسلحة محرمة دوليًا، وطالبت فى بيان، صدر مساء الأربعاء، بفتح تحقيق دولى حول هذا الشأن. وليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون تلك الأسلحة هى الأخرى إسرائيلية.
تركيا وإسرائيل، كما ذكرت الجريدة، حليفتان مقربتان، منذ ستينيات القرن الماضى.. وبالإضافة إلى تلك الصفقات واتفاقيات التعاون الدفاعى والتصنيع العسكرى، أكدت «جيروزاليم بوست» أن العلاقات الأمنية والمخابراتية بين البلدين من أقوى العلاقات فى منطقة الشرق الأوسط، ودللت على ذلك بأن تل أبيب قدمت معلومات مخابراتية لأنقرة ساعدتها فى معاركها المستمرة ضد حزب العمال الكردستانى، مقابل حصول إسرائيل على معلومات مخابراتية جمعتها تركيا عن إيران.
مع كل ذلك، دفعت حركة «حماس» أتباعها أو غلمانها إلى تنظيم «وقفة» فى الأرض المحتلة، لدعم العدوان التركى على سوريا، وثمّنت فى بيانها، المشار إليه، «المواقف التركية من القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطينى»، وتعامت الحركة الإخوانية عن العلاقات الوثيقة التى تربط بين تركيا وإسرائيل، كما تعامت أيضًا عن حقيقة أو فضيحة أن مبنى السفارة الأمريكية فى القدس المحتلة قامت بتصميمه وستتولى تنفيذه شركة «ديسبلد ليماك»: تحالف شركتى «ديسبلد إنكوربوريتد»، المملوكة لرجل أعمال هندى، و«ليماك هولدنج» المملوكة لرجل الأعمال التركى نهاد أوزدمير، وثيق الصلة بأردوغان، وبحزب العدالة والتنمية الحاكم.
ما سبق وغيره ليس سرًا، كما لم يعد سرًا أن جماعة الإخوان، بأذرعها وتفريعاتها، لا توجد لديها مشكلة فى اللعب مع الشيطان نفسه، ولن تتردد فى بيع القضية الفلسطينية أو أى قضية غيرها.. ولعلك تتذكر مقطع الفيديو الذى شاهدنا فيه محمود الزعبوط، قيادى «حماس» المعروف باسم محمود الزهار، يسخر ويتهكم من مشروع إقامة دولة فلسطينية بقوله: «لمّا باسمع هذا الكلام أشعر بالتقيؤ، لأن مفيش مشروع ولا فيه نيلة، أما فلسطين بالنسبة لنا، فزى (مثل) اللى جايب سواك وبينضف أسنانه.. مشروعنا أكبر من فلسطين، فلسطين مش مبيّنة (واضحة) ع الخريطة».
لا يوجد، فعلًا، مشروع «ولا فيه نيلة»، لدى الحركة، غير المشروع التركى أو مشروع الجماعة الأم، جماعة الإخوان: السيطرة على دولة تلو الأخرى، وصولًا إلى إقامة دولة الخلافة، التى لا تعترف بالأوطان أو بالحدود. وانطلاقًا من هذا المشروع، أو أملًا فى تحقيق هذا الحلم الوهم، صار للجماعة شبكة فى العديد من دول العالم، وفتحت قنوات اتصال مع أجهزة مخابراتها، وكانت ركنًا أساسيًا فى «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، الذى توافق فيه المشروع الأمريكى (أو الإسرائيلى) مع أهداف الجماعة المرحلية، ومع استراتيجيتها فى الانتشار التدريجى حسب الأوضاع الداخلية والظروف الإقليمية والدولية.
الخلاصة هى أن أردوغان وأتباعه وغلمانه، وجماعة الإخوان وأذرعها وتفريعاتها، لا علاقة لهم بالإسلام أو المسلمين ولا تعنيهم القضية الفلسطينية أو أى قضية غير قضيتهم أو مشروعهم، لكنهم يعرفون جيدًا كيف يلعبون بعقول البسطاء، البلهاء، والطيبين، وكيف يؤلفون قلوب وجيوب المتثاقفين والمتثورجين، لتبرير جرائمهم واستقبال أكاذيبهم بالزغاريد الزاعقة، التصفيق الحاد، والإيقاع الراقص!.