رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العقار «241».. «الدستور» تكشف حقيقة وجود أول مدرسة داعشية في مصر (صور)

جريدة الدستور

مُعلم ملتحيّ يرتدي جلباب أسود، يقف في منتصف فصل واسع، خلفه لوحة بيضاء مدون عليها: «أحكام النون الساكنة»، وجانبه منضدة صغيرة وُضع عليها القرآن الكريم، ويجلس خلفه عدد من الأطفال يرددون ما يقوله من آيات قرآنية وأحكام التجويد.

صورة انتشرت كالنار في الهشيم مؤخرًا، على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، عُنونت: «بمدرسة نموذجية تدرس مناهج الفكر الداعشي»، لتثير موجة عارمة من الانتقاد والجدل، بسبب تواجدها في مدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة، وارتياد الأطفال لها بكثرة.



هل توجد مدرسة داعشية في مصر؟
تسائل الجميع على الفور «هل توجد مدرسة داعشية في مصر؟»، الإجابة الأولى جاءت على لسان وزارة التربية والتعليم، التي لم يكن لديها علم بوجود تلك المدرسة، واعدة بفحصها والتأكد من المناهج التي تقوم بتدريسها.

الوزارة كذلك، نفت مسؤوليتها عن تلك المدرسة بتأكيدها أنها لا تتبع الوزارة رسميًا ولا علاقة لها به، موضحة أنه عبارة عن مركز للدروس الخصوصية، وسيتم التنسيق بين وزارتي الداخلية، والتنمية المحلية لغلق مثل تلك الكيانات الغير مرخصة.

وبعد ساعات أعلنت وزارة التربية والتعليم نتيجة تحقيقها، بأن تلك المدرسة تدرس بالفعل الأفكار المتطرفة للأطفال الملتحقين بها بعيدَا عن رقابة الوزارة، وأنها مجرد مركز للدروس الخصوصية.

الآن، الوزارة تنتظر تقريرًا مُفصلًا من المديرية عن ماهية ووضع تلك المدرسة، بعد تحقيقات وزارتي الداخلية والتنمية المحلية، واعدة إعلان جميع المعلومات والتفاصيل الخاصة بها.

المدرسة، تدرس القرآن الكريم والتجويد، وما يُسمى بـ«التأسيس الخُلقي» والتأسيس العلمي، واللغة العربية ونور البيان، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، وبعض النشاطات الطلابية والرحلات، بحسب الإعلان المتواجد على صفحتها الرسمية بموقع «الفيس بوك»، والرسوم الدراسية كما قال الإعلان بلغت ١٧٠٠ جنيهًا تشمل المواصلات والزي الموحد، بالإضافة للكتب المُدرّسة وباقي المصاريف الدراسية، وتستقل مراحل Kg1 - kg2.



«الدستور» داخل العقار رقم 241
بيد أن الإجابة الثانية على تسائل الجميع «هل توجد مدرسة داعشية في مصر؟، كشفت عنها «الدستور» عبر زيارة خاصة للمدرسة المسماه بـ« مدرسة دار الفتح السورية النموذجية الخاصة لتحفيظ القرآن الكريم» في منطقة 6 أكتوبر، قام بها «معد التحقيق».

الزيارة كشفت أنها ليست مدرسة أو مركزًا للدروس الخصوصية كما أعلنت وزارة التربية والتعليم في بيانها الرسمي، بل حضانة يدرس بها الأطفال الذين لم يتتجاوز أعمارهم العشر سنوات العلوم الدينية، والمعلمين بها سوريين الجنسية يرتدون ملابس الدعاة، كما أنهم غرباء عن المنطقة أتوا منذ فترة صغيرة ولا يعرفهم أحد إلا من خلال تلك الحضانة.

الحضانة تقع في شارع هادئ بالحي الثاني - المجاورة الأولى - في مدينة 6 أكتوبر مقابل حضانة «ليلتل بي» داخل عقار مكون من خمس طوابق تحمل رقم 241 الطابق الأول، لم يكن المبنى يحمل لافتة باسم الحضانة، أو رقم إشهار وترخيص من وزارة التضامن.

الجميع هنا من أهالي المنطقة يخشون الحديث عنها؛ بسبب المواد التي يدرسها الأطفال، فضلًا عن هيئة المعلمين التي تشبه رجال الدعوة.

الحضانة لم تكن سوى فصلًا واحدًا وكان مغلقًا وخالي من الأطفال أو المعلمين، بيد أن شهادات الأهالي أكدت أن الحضانة تقوم بتدريس المناهج الشرعية والقرآن الكريم للأطفال، على يد معلمين سوريين لا ينتمون للمنطقة.


من هو عبد الهادي مدير حضانة دار الفتح؟
محمد السيد، 30 عامًا، أحد القاطنين في نفس شارع الحضانة، يقول إنها تعمل منذُ ما يقرب من ٣ شهور، وملتحق بها العديد من الطلاب السوريين الذين يدرسون العلوم الشرعية، يتراوح أعمارهم ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.

الحضانة تُعرف في تلك المنطقة باسم «دار الفتح السورية لتحفيظ القرآن الكريم»، بحسب محمد، الذي أكد أنّها تعمل طوال الأسبوع بدايةً من صلاة العصر وحتى قبيل المغرب مع غروب الشمس.

وفقًا لشهادة الرجل القاطن بالقرب منها، فإن مدير الحضانة يدعى «عبد الهادي آل جانة الشافعي»، وهو رجل سوري غريب عن المنطقة، لم يعرفه أحد إلا عقب افتتاح تلك الحضانة، وهو صاحب الصورة التي انتشرت على موقع «فيس بوك» وآثارت الجدل.

يضيف: «الحضانة عليها إقبال شديد من الأطفال الذين رغب ذويهم في تعليمهم القرآن الكريم والمناهج الدينية، وغيرها من الدروس التي يتبناها القائمين على تدريس هذه المواد».



أحد الأهالي: «الحضانة تخفي المناهج المُدرّسة»
«العلوم الشرعية تدرس في تلك الحضانة بسرية تامة، ولا تحمل لافتة أو شيء يدل على تواجد حضانة للعلوم الدينية هنا»، «حمزة» السوري، أحد القاطنين بالقرب من الحضانة.

يقول: «التدريس منتظم في الحضانة، ويتم دون الإعلان لأهالي الأطفال عن ماهية المواد المُدرّسة في تلك الحضانة، حتى أن القاطنين بالمنطقة لا يعرفون أي شيء عن هذا الشيخ مديرها».

أتى الشيخ «عبد الهادي» مدير الحضانة وأحد مدرسيها، إلى تلك المنطقة منذ ثلاث أشهر واستأجر هذا الطابق، وأعلن عن بداية دروس للأطفال لها علاقة بالعلوم الشرعية والقرآن الكريم، وبعض من قواعد اللغة العربية، وفق «حمزة».

حمزة يضيف: «يأتي الطلاب الذي لم يتجاوز أعمارهم العشر سنوات، وهم مرتدين زيّ موحد يربطون رؤسهم بشارت مكتوب عليها كلمات وعبارات لها مرجعية دينية».


حارس عقار مجاور: «الأطفال يشبهون الشيوخ»
على بُعد خطوات من العقار الذي يضم الحضانة، يجلس عمر السيد، حارس عقار مجاور، يصف الأطفال الملتحقين بتلك الحضانة بأنهم كالشيوخ الذين خرجوا لتوّهم من المساجد.

بحكم عمله الدائم في تلك المنطقة ورؤيته يوميًا للأطفال والمعلمين بها، فأنهم لا ينتمون للمنطقة، ولا يعرف أحد من القاطنين من أي مكان أتوا وأي طريقة يتبعون في تدريس علوم الدين للأطفال.



إدارة الحضانة تنفي الشبهات: «لا علاقة لنا بالتطرف»
إزاء تلك الشبهات غير المؤكدة، قامت إدارة الحضانة بالرد على كل ما قيل، على لسان عبد الهادي الشافعي، مدير إدارة "دار الفتح السورية" لتحفيظ القرآن، والذي نفى أن الحضانة تدرس العلوم الداعشية.

يوضح، أن الحضانة عبارة عن «سنتر» تعليمي للطلاب السوريين في مصر، والذين يواجهون مشكلة في الالتحاق بمدارس التربية والتعليم الحكومية، مؤكدًا أنها للسوريين فقط ولا يوجد بها طلاب مصريين، ويضم طلاب مراحل رياض الأطفال، والابتدائية، والإعدادية.

«السنتر» بالفعل لا يتبع وزارة التربية والتعليم، بحسب «عبد الهادي»، الذي أعلن أن الإدارة تسعى لإنهاء التراخيص، والأوراق الرسمية الخاصة بها، كي تكون مكان تعليمي رسمي للطلاب السوريين في مصر، ولاتقع تحت طائلة القانون.

أما عن المناهج التي تدرس بها، يقول: «يتم تدريس مناهج وزارة التربية والتعليم المصرية، إضافة إلى تحفيظ القرآن الكريم وتجويده، ولا يتم تدريس أي طرق أو أفكار متطرفة من شأنها الإضرار بفكر الطلاب في ذلك السن».