رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس الوحدة الاقتصادية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية: اكتشافات الغاز وفرت 3 مليارات دولار

جريدة الدستور

- نعتمد على بيانات دقيقة تصدر من مؤسسات مصرية ودولية متخصصة.. ونستغرق وقتًا طويلًا فى البحث
- نحتاج مجال الصناعات التحويلية.. ويمكننا الاستفادة من الحرب التجارية الأمريكية الصينية
- وقوع حرب بين إيران والسعودية سيتسبب فى وصول النفط لـ«أسعار خيالية» ما سيؤثر علينا
قال مجدى صبحى، رئيس الوحدة الاقتصادية ودراسات الطاقة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مصر من الممكن أن تستفيد من الخلاف الاقتصادى بين أمريكا والصين، عبر تصدير منتجات الغزل والنسيج للولايات المتحدة، معتمدة على اتفاقية «الكويز».
وذكر «صبحى»، فى حواره مع «الدستور»، أن المركز استطاع أن يتنبأ، خلال «توقعات ٢٠١٩»، بانخفاض أسعار البترول، مشددًا على اعتماد الباحثين بالمركز على بيانات دقيقة تصدر عن مؤسسات مصرية ودولية متخصصة.
وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى دخول مجال الصناعات التحويلية التى توفر عددًا كبيرًا من فرص العمل وتحقق الاكتفاء الذاتى من منتجات كثيرة، مشددًا على أهمية خطة الإصلاح الاقتصادى، التى بدأت الحكومة فى تنفيذها منذ سنوات.

■ بداية.. كيف يختار المركز القضايا التى يتناولها فى أبحاثه؟
- نستهدف القضايا، التى تشغل المجتمع، والتى عادة ما تكون مطروحة فى وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، كما نتناول القضايا، التى من المتوقع أن يكون لها تأثير مستقبلى على مصر.
وأحب أن أشير إلى أن هناك فرق عمل متخصصة فى قضايا ثابتة، تتابع تطوراتها فى مقالات وأبحاث، وعادة يهتم الناس بالقضايا الاقتصادية، لأنها تؤثر عليهم بشكل مباشر، مثل التجارة الدولية وأثرها على الاقتصاد المصرى.
■ ما أبرز القضايا التى تناولتها الوحدة؟
- تناولنا قضايا فى غاية الأهمية، مثل الموازنة العامة للدولة، وأصدرنا أكثر من مقالة فى هذا الشأن، كما تناولنا مستقبل بعض الصناعات، مثل صناعة الأسمنت، وتعرضنا أيضًا لموضوعات غير مطروحة بشكل كبير رغم أهميتها، مثل البيئة والطاقة الجديدة والمتجددة وتدوير المخلفات.
كما تناولنا مؤشرات الاقتصاد الكلى فى مصر، ورصدنا معدلات التضخم والبطالة والناتج المحلى، وهناك عدة دراسات تم إعدادها للنشر على موقع المركز وفى مطبوعات شهرية، وتناولنا موضوع استخدام الموارد الطبيعية فى إفريقيا.
■ ما الوقت الذى يستغرقه إعداد الأبحاث؟
- أود أن أشير إلى أننا نستند إلى بيانات دقيقة فى كل الأوراق البحثية التى نصدرها، ويختلف الوقت اللازم باختلاف حجم البحث، فإذا كان مقالة فإن الأمر يستغرق نحو أسبوع، وإن كان دراسة مفصلة فقد يطول الوقت.
وعلى سبيل المثال عندما أصدرنا مطبوعات «توقعات ٢٠١٩»، استغرق البحث شهرًا تقريبًا، وكانت توقعات ناجحة، لأن أغلبها تحقق بالفعل، فقد حدث ما توقعناه فيما يخص سعر النفط عالميًا، وأشرنا إلى أن تطوير صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة بشكل خاص سيساعد على تدفق استثمارات أجنبية كثيرة.
وعادة يتناول البحث جميع أبعاد القضية، ونرصد المشكلات ونقترح حلولًا لها أو لتجنب العواقب، وقد توقعنا انخفاض سعر النفط وحدث بالفعل.
■ هل تركز الأبحاث على تأثير الاقتصاد على المواطنين فقط؟
- العمل البحثى لا بد أن يكون عامًا وموضوعيًا، وقد ناقشنا موضوع دعم السلع، على سبيل المثال، فى مقالة الموازنة العامة، وأوضحنا أهمية خطة الإصلاح الاقتصادى، والمشكلات المترتبة على الدعم بشكله القديم، ومخاطره المستقبلية، أى أننا نحاول أن نلتزم بالموضوعية فى طرح المعلومة، سواء كان البحث عن قضية محلية أو إقليمية أو دولية.
■ ما القضايا الإقليمية والدولية التى تناولها المركز؟
- تناولنا قضية النفط من حيث الأسعار وتأثير الأحداث الدولية عليها، وتناولنا موضوع العقوبات الأمريكية على إيران فى مقالتين، وأوضحنا أثر تلك العقوبات على الاقتصاد الإيرانى، ورصدنا آثار الحرب التجارية بين أمريكا والصين على مصر، وموضوعات أخرى كثيرة.
■ كيف يتم رصد ردود الأفعال بعد إصدار تلك الأبحاث؟
- نتابع آراء الجمهور بشأن ما ننشره على صفحتنا الرسمية على الإنترنت، وعلى الرغم أن فترة عمل المركز لم تتجاوز العام إلا أننا حققنا نسب متابعة جيدة، وما يدعمنا لدى الجمهور أننا نحاول طرح رؤية تتيح للجميع معرفة أوسع، ليس من باب الإثارة ولكن بشكل موضوعى.
■ ما المقياس الذى نفرق به بين الباحث الحقيقى ومن يدعى هذه الصفة؟
- الباحث الحقيقى لا يعتمد على معلومة إلا إذا كانت موثقة، خاصة فى المجال الاقتصادى، فعندما نكتب أى رقم فيجب أن يكون دقيقًا موثقًا من مصادر محلية أو دولية، ولذلك فالبحث مجهد إلى حد كبير، والجهد هنا للبحث عن المعلومات من مصادر حقيقية.
محليًا، نعتمد على بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والبنك المركزى والبنوك الأخرى، وجميعها مصادر رسمية من الممكن التأكد منها بسهولة، وعلى المستوى الدولى فنعتمد على بيانات منظمات دولية معروفة، مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة العمل الدولية والأمم المتحدة.
ويختلف نوع المصدر باختلاف الموضوع محل البحث، فعلى سبيل المثال إن كان البحث عن الزراعة فيجب أن نضمن تقارير منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة «فاو».
■ ماذا عن أبحاثكم فى مجال الطاقة؟
- نحاول أن نشرح قضية الطاقة بأسلوب علمى مبسط بالاعتماد على معلومات موثقة، ونوضح أثر قضايا الطاقة على الوطن، ونورد الحقائق، التى قد تكون صعبة وصادمة ولكنها حتمية.
فعلى سبيل المثال، أكدنا فى أبحاثنا أنه ليس هناك ما يسمى أسعار مناسبة بالنسبة للطاقة، فالمناسب بالنسبة لى غير مناسب بالنسبة لغيرى، وهذا يعتمد على حجم الدخل لكل مواطن، ولكننا نناقش هذه الأسعار من خلال آلية هى «لماذا هذا السعر تحديدًا؟»، ونوضح أن السعر النهائى هو ناتج معادلة تضم مجموعة من الأرقام، منها الأسعار فى السوق العالمية، وأسعار تكرير النفط، وسعر الدولار، وفى النهاية يتضح سبب الوصول للسعر الحالى فى مصر، وهذا يؤكد أهمية برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى يهدف فى النهاية لتحسين مستوى حياة المواطن بشكل عام وليس فئة معينة من الشعب.
■ كيف يتم التعامل مع من يشكك فى هذه الأرقام؟
- الإحصائيات والبيانات قادرة على فرض الحقيقة، لأن أى إحصائية تقف وراءها مؤسسة رسمية أو منظمة دولية متخصصة، وما يؤكد دقة الأرقام أن الأبحاث التى تنفذها المؤسسات الدولية عن الاقتصاد المصرى تتضمن أرقامًا متطابقة مع الأرقام الصادرة عن المؤسسات المصرية، وحتى إن كان هناك اختلاف فإننا نحرص على تفسير أسبابه.
■ ما علاقة الطاقة بالأمن الغذائى؟
- ليست هناك علاقة مباشرة بين الأمن الغذائى والطاقة، ولكن هناك تأثيرًا غير مباشر، ففى مصر على سبيل المثال كنا نخصص ٣ مليارات دولار لاستيراد الغاز الطبيعى، ولكن بعد اكتشاف حقول الغاز حققنا اكتفاء ذاتيًا وأصبح لدينا فائض للتصدير، وبذلك وفرنا الـ٣ مليارات دولار، ولكن لا بد هنا من أن تتضمن المعادلة حصة الشريك الأجنبى، والنتيجة أن الأموال التى تم توفيرها تعود بالنفع على المواطن وتحسن الأمن الغذائى.
■ هل تأثر الاقتصاد العالمى بضرب عملاق النفط أرامكو بالمملكة العربية السعودية؟
- لم يتأثر الاقتصاد العالمى بشكل ملموس، لأن ارتفاع أسعار النفط كان محدودًا جدًا وتمت السيطرة عليه، ولكن هذا لا ينفى أنه فى حالة وقوع ضرر كبير لأحد منتجى النفط، سواء فى الخليج العربى أو غيره، ستترتب عليه زيادة كبيرة، مثلما صرح ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، حين قال: «إذا حدثت حرب بين السعودية وإيران فسيصل سعر النفط إلى أرقام خيالية»، وهذا صحيح بدرجة كبيرة، وسيمتد التأثير إلينا لأننا مستوردون، وهذا التأثير سيحدث بسبب نقص كمية النفط المطروحة فى السوق، وبالتالى ارتفاع سعر برميل النفط بشكل كبير.
■ ما الموضوعات التى تتناولها أبحاثكم فى الوقت الحالى؟
- نتناول موضوع التجارة الدولية أو الحرب العالمية التجارية وتأثيرها على مصر، وموضوع الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وتطوراتها خلال عام وثلاثة أشهر، التى بدأت بفرض أمريكا جمارك على منتجات الصين، فردت الأخيرة بطريقة انتقامية، وبالتالى أصبحت النتيجة هى انخفاض معدل التجارة الدولية، وإذا استمر هذا الاتجاه فسيؤثر على عوائد قناة السويس، فعدد السفن التى تمر من القناة سيقل.
ومن ناحية أخرى، ربما يكون هناك بعض الآثار الإيجابية مثل انخفاض سعر النفط نتيجة انخفاض التجارة الدولية فى العالم، وبالتالى يقل سعر برميل البترول، وسنستفيد لأننا مستوردون.
■ من الذى يستفيد من هذه الأبحاث بشكل مباشر؟
- تتضمن أبحاثنا نصائح ومعلومات مفيدة لصانعى القرار، مثل موضوع الدين العام للدولة، إذ نرى أنه متضخم ويمثل خطرًا محتملًا، لذلك دعونا لطرح بديل وهو محاولة تعديل طريقة إدارة الديون، بحيث يزيد الدين طويل الأجل ويقل الدين قصير الأجل، وهذا يخفف الضغط عن مصر. كما تحدثنا عن كيفية مواجهة العجز فى الموازنة العامة للدولة، وكيفية تقليل هذا العجز مستقبلًا، وبالتالى خفض الدين العام.
■ هل هناك مقترحات لتدعيم الاقتصاد المصرى؟
- مصر تحتاج إلى الدخول فى مجال الصناعات التحويلية، التى من خلالها تستفيد الدولة من المادة الخام ولا تصدرها، وهذا يحتاج إلى أيدٍ عاملة كثيرة، ما سيساعد فى حل مشكلة البطالة، وسد حاجة السوق المحلية من بعض السلع المهمة وخلق فائض يمكن تصديره، وبالتالى نكسب العملة الصعبة.
كما نحتاج لتطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر، فهناك استثمارات كبيرة فى هذا المجال، فالحرب الدائرة الآن بين الصين وأمريكا وفرض رسوم جمركية كبيرة على المنتجات الصينية تجعل هذه المنتجات تذهب إلى أماكن أخرى، وبالتالى تحتاج أمريكا إلى بديل، ومن الممكن أن ندخل نحن من خلال صناعة الغزل والنسيج إلى هذه السوق الكبيرة، لأننا ضمن المستفيدين من اتفاقية «الكويز»، التى تعطى إعفاءات جمركية لمصر، وهناك فرصة لبعض مصانع الغزل والنسيج فى مدينة السادات، والحكومة رصدت أكثر من ٢٠ مليار جنيه لتطوير هذا القطاع، لأنه كان يعانى من التدهور.
■ ماذا عن أبحاث قناة السويس؟
- زادت إيرادات قناة السويس مؤخرًا، وهذا ساهم فى زيادة النقد الأجنبى، ما أدى إلى انخفاض سعر الدولار أمام الجنيه المصرى، فانخفضت أسعار السلع المستوردة، وهذا من التطورات الإيجابية خلال الفترة الماضية، التى تعود بالنفع على المواطن المصرى وعلى الدولة بشكل عام.
■ ما ردك على من يشككون فى نجاحات قناة السويس الجديدة؟
- قناة السويس تعتمد بشكل أساسى على حركة التجارة الدولية وحركة الملاحة والسفن، وإذا زادت حركة التجارة الدولية تزيد إيرادات القناة، ولكن قناة السويس الجديدة تسببت فى وجود المنطقة الاقتصادية المحيطة، التى تجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفر فرص عمل كثيرة، والتوقعات تقول إن معدل النمو سيزيد إلى ٦٪، وهذا سيساعد مصر على الدخول بقوة لمجال الصناعات التحويلية.
كيف ترى تأثير الأحداث الدولية على الاقتصاد المصرى؟
- إذا تحدثنا على المستوى الدولى، كانت هناك مشكلات كبيرة وحروب أثرت سلبًا على الاقتصاد العالمى، سواء فى أوروبا أو فى الصين أو اليابان، وأرى أن المشكلات التى تحدث بين أمريكا والصين ستؤثر علينا، ولكن يمكن أن نستفيد منها فى نفس الوقت، - كما قلت - وأنصح صناع القرار بالتركيز على دعم الاستثمار فى قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة.