رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السعادة والثقة بالنفس


فى كتابه القيم «١٠٠ نصيحة لحياة سعيدة» يقول الراحل الدكتور عادل صادق:
«إن ثقة الإنسان بنفسه لا بد أن تنبع من إيمانه بالله، لأن هذا الإيمان هو مصدر القوة»، فنحن كثيرًا ما نردد عبارة الثقة بالنفس ونرجع لها الفضل فى أى نجاح نحرزه وأى انتصار نحققه، فماذا تعنى كلمة الثقة بالنفس؟.
نستطيع أن نقول إن الثقة بالنفس تعنى مصداقيتها وإخلاصها وكفاءتها، الثقة بالنفس هى التى تجعل الإنسان قادرًا على استغلال واستثمار قدراته وإمكانياته على أمثل وأحسن وجه، وإذا استطعنا تعريف الثقة بالنفس فإننا نستطيع التعرف على الإنسان الواثق بنفسه، فهو يحب نفسه وهو ليس مغرورًا، وليس أنانيًا، ولكنه مطمئن إلى قدراته، يعرف ما يريد، فهو لا يريد ما لا يستطيع، يكبح جماح رغباته غير الممكن تحقيقها، يفكر إيجابيًا، بمعنى أنه أميل إلى التفاؤل والتأكد من إمكانية تحقيق النجاح، ماهر فى سلوكه الاجتماعى، ونظراته ثابتة، وجهه هادئ، سلوكه يتسم بالحزم وعدم التردد، نشعر بالأمان ونحن معه، وذلك من صدق كلماته وإخلاصه وكفاءته، يستمد قوته ليس من ضعف الآخرين، ولكن من ذاته، فهو قوى لأنه قوى، وليس لأن الآخرين ضعفاء، يستمع جيدًا للرأى الآخر ليستفيد منه، وليست لديه حساسية لنقد الآخرين له، وهو على استعداد دائم للتراجع إذا ثبت صحة الرأى الآخر، جاد وملتزم ومسئول، وهذا يؤكد قيمة الاعتماد عليه، يعرف تمامًا أن الصدق والإخلاص يتوجان كل عناصر القوة التى تتشكل منها الثقة بالنفس، وهى الإيمان بالله والتسلح بالأخلاق الحميدة. وأيضًا الناجح له رسالة فى الحياة، وله فكر استراتيجى، فكل إنسان عظيم لا بد أن تكون له رسالة فى هذه الحياة، رسالة تتعدى حدوده الشخصية، وتشمل بيئته، أو محيطه، أو مجتمعه، أو وطنه، أو الإنسانية كلها فى أى مكان فى العالم، وأصحاب الرسالات مرتبطون بالمبادئ الأخلاقية، مرتبطون بفعل الخير، وأيضًا يعتبرون أنفسهم مسئولين عن محاربة الشر، أصحاب الرسالات بينما هم ينفعون أنفسهم وبشكل مباشر، فإنهم أيضًا ينفعون الآخرين، ويعملون من أجل خيرهم، لا تعارض بين المصلحة الشخصية والمصلحة العامة، ما دامت هناك قاعدة أخلاقية يرتكزون عليها وينطلقون منها، وعمومًا فالناس ينقسمون إلى قسمين: قسم يكون محور حياته هو نفسه فقط، هو المحور، وهو المركز، وهو الأهم، وهؤلاء يظنون أنهم سيقبضون على أشياء ثمينة، ولكنهم فى الحقيقة يقبضون على الهواء، وتنتهى حياتهم أسوأ نهاية، وقسم آخر يكون محور حياته المبادئ الإنسانية التى تجعل للآخرين نصيبًا فى كل ما يعمل، وأن تتسع خطته واستراتيجيته لتشمل الآخرين، ولا خلاف حول هذه المبادئ، وهى الأمانة والاحترام والحب، وهذه المبادئ بالإضافة إلى أنها تجعل الإنسان يخرج من حدود ذاته، ويتخلى عن الأنانية، فإنها أيضًا ترفع عنه قلقًا وتكسبه الصبر، ومع الأيام تسبغ عليه الحكمة، فلا ينزعج من خسارة أو فشل، ولا يتعجل المكسب السريع وإنما ينظر دائمًا إلى النهايات.