رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألبان بديلة.. كيف حلّت الحكومة أزمة حليب الرُضع؟

جريدة الدستور

هدى مسعود، شابة ثلاثينية ربة منزل تقطن في إحدى شوارع السيدة زينب وزوجها عامل بناء، منذ أيام استقبلت وليدها الصبي بفرح بالغ بعد أربع بنات، ولكن ارتفاع ثمن اللبن الخاص بالمولود عكّر صفو هذه الفرحة، ما اضطرها لاقتطاع جزء كبير من مصروف المنزل لتوفير ثمن علب هذا اللبن.

تقول مسعود في حديثها لـ"الدستور"، إنّ "مصاريف البيت كتير، وتمن علب اللبن كتير على مقدرتنا المالية، لأن عندنا ٥ عيال، طب هنجيب منين!".

"هدى" ليست تكن السيدة الوحيدة التي تعثرت في الحصول على عبوات اللبن الخاص برضيعها، إنما هي واحدة من كثيرين لديهم نفس الأزمة، إلى جانب نقصه في الصيدليات في كثير من الأوقات.

وحلاً لتلك الأزمة، وافق المهندس مصطفى، رئيس الوزراء، على قيام وزارة الصحة بالتعاقد مع الشركة المصرية لتجارة الأدوية، لتخزين وتوزيع الاحتياطى الاستراتيجي من الألبان الصناعية شبيهة لبن الأم للأطفال حديثى الولادة، بقيمة مالية سنوية تقدر بمبلغ 14 مليون جنيه.

وذلك القرار يؤكد حرص الوزارة على الاستفادة من إمكانيات الشركة التابعة لقطاع الأعمال العام من مخازن مجهزة وملائمة لتخزين تلك الالبان، في ضوء التعاقد بشأن توفير 22.5 مليون علبة ألبان.

ولحين إتمام هذا التعاقد، رصدنا معاناة عدد من الأمهات، اللواتي يحاولن قدر المستطاع توفير ثمن تلك الألبان.

فلينا كيرلس، في أوائل العشرينات من عمرها، امتلئ وجهها بالسرور والفرحة حينما وضعت طفلتها الأولى، إلا أن تلك الفرحة سرعان ما انطفأت حين علمت أن ثديها لا يحتوي على اللبن الكافي لإطعام الرضيعة، فكانت مضطرة للجوء إلى الألبان الصناعية شبيهة بلبن الأم.

"لينا" لم تكن تعاني من مشكلة توفير المال اللازم لشراء الحليب المناسب لابنتها، لكنها واجهت مشكلة أخرى، هي نقص توافر هذا الحليب في الصيدليات وكانت تجده بعد عناء شديد، وتشتريه بضعف ثمنه.

ومن القاهرة للصعيد، استقبلت هناء محسن الثلاثينية القاطنة في محافظة أسيوط، وليدها الذي هبط إلى الدنيا بعد عناء سنوات من العلاج، إلا أن الفرحة لم تكتمل.

وتروي "هناء" لـ"الدستور"، أن الألبان متوفرة في الوحدة الصحية إلا أنها لا تُمنح إلا بعد الكشف الطبي والـتأكد أن صدر الأم خالٍ من اللبن، وهناك بعض الأمهات اللواتي يُرضعن ولكن حليبهن غير كافٍ فلا يحصلن على الحليب الذي توفره الوحدات الصحية.

وبنظرة حزينة، تابعت حديثها بأنها قد واجهت هذه المشكلة إثر توقيع الكشف الطبي عليها وتم رفض إدراج ابنها ضمن قائمة الأطفال المستحقين للبن المدعم، فلجأت للصيدليات للحصول على عبوات الحليب التكميلية، لكنها فوجئت بارتفاع أسعاره، خاصة وأنها أم لثلاثة أطفال وراتب زوجها لا يتعدَ ٢٠٠٠ جنيهًا.

في شهر سبتمبر عام 2016، خرجت الأمهات في تظاهرة بسبب نقص وجود حليب الرضع في السوق، نتيجة قيام الشركات المعنية بصناعة الألبان الصناعية بشراء عبوات لبن الأطفال، ثم احتكارها لتلك العبوات، رغبة في زيادة أسعار هذه العبوات.

وآنذاك، استطاعت القوات المسلحة إيجاد حل لهذه الأزمة، باستيراد 18 مليون علبة لبن أطفال مدعمة وطرحها للبيع في الصيدليات بأسعار مخفضة وكانت من نفس أنواع الألبان التي توفرها وزارة الصحة.

"الدستور" توجهت إلى الدكتورة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، حول تلك الأزمة وحلها، قالت إنه قرار حكيم، مشيرة إلى أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية بمثابة صمام الأمان لقطاع كبير من أصناف الأدوية في مصر لأن هدفها هو اكتفاء السوق الدوائي بمستلزماته مما يساهم في منع استغلال الشركات الخاصة والتجار.

وأضافت "شاكر"، في تصريحاتها لـ"الدستور" أن هذا القرار ينتج عنه انخفاض أسعار الألبان المعروضة من هذه الشركة بما يتلائم مع الظروف الاقتصادية لجميع المواطنين.

ومن الأزمات التي شهدها سوق ألبان الأطفال كانت عام 2018، حيث حدثت أزمة في نقص حليب الأطفال من نوع "نيوكيت" وهو مخصص للأطفال الذين يعانون من حساسية الألبان، ووصل سعر العبوة الواحده منه لما يزيد عن 250 جنيه.

وعلى ما سبق، يعلّق الدكتور أحمد أبو طالب، عضو نقابة الصيادلة، لـ"الدستور"، أن مشكلة نقص لبن الأطفال التي تحدث من وقت لآخر سببها عدم وجود كميات كافية من هذه الألبان من الأساس وبالتالي فإن حل التخزين سيسهم بشكل جزئي في حل المشكلة.

وفيما يخص هذه الأزمة، قالت شيماء حسن، صيدلانية، إن غالبية أسعار وأنواع الحليب المخصص للرضع في الصيدليات يتراوح ما بين ٥٠ إلى مائة جنيه، وعدد كبير من هذه الأنواع يشهد نقصًا بين العديد من الفترات.

وتوضح "حسن"، في حديثها لـ"الدستور"، أنه عند هذا النقص ترتفع أسعار بعض أنواع الحليب نظرًا لقلة وجوده وزيادة الطلب عليه في بعض الصيدليات وليس جميعها.

وأشارت إلى أن نوع الحليب الذي يلائم طفل قد لا يلائم طفلًا آخرًا، فهناك بعض الأطفال التي ترفض معدتهم نوع معين من اللبن، وبعضهم الآخر لديه حساسية من بعض الأنواع، بالتالي لا بد من توافر جميع أنواع الحليب.

تشير أحدث الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي لجهاز التعبئة والإحصاء، إلى أن عدد المواليد في مصر بلغ نحو 2.5 مليون نسمة عام 2017 بينما انخفض هذا العدد لـ2.3 مليون نسمة لعام 2018، بتراجع بلغ نسبته 6.8%.