رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى الكاتب والموسيقار د. محمد فتوح «2-2»




لوحات شجن من الإثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨ إلى الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٩
اللوحة الحادية عشرة:
أحبه.. حتى لو كان حبه.. أسرع قطار نحو الدمار.. أحبه.. حتى لو كان حبه
أرق بالليل وقلق بالنهار.. أحبه.. منذ أول لقاء معه.. أدركت أنه القدر والمصير
وأن وجوده معى ضرورة.. مُسيرة ليس لى خيار.. أحبه.. أردت أن أعيش معه
وأنا التى تعشق الوحدة.. يضفى على حياتى سحرًا.. ويبعد عن قلبى الغبار.. أحبه
هو عابر سبيل.. ضيف خفيف على مائدة الوجود.. مطر مبكر فى الشتاء.. وقصيدة منسية كتبها «نزار».
اللوحة الثانية عشرة:
حينما يموت رجل مثلك.. يتجمد التاريخ.. تجف ينابيع الخير.. ترتبك الجغرافيا
يتعكر مزاج الشِعر.. حينما يموت رجل مثلك.. لا طيور تغرد.. الكون يرتدى السواد
السماء تبكى.. والأرض تعلن الحداد.. حينما يموت رجل مثلك.. تموت الأجنة فى أرحام الأمهات.. تحترق الأوقات.. وأصبح أنا.. كفنًا متحركًا يجوب الشوارع والطرقات
حينما يموت رجل مثلك.. يكتنف الضجر كل الأشياء.. الذكريات تلبس معطف الرحيل
ويصبح قلبى سرادق عزاء.
اللوحة الثالثة عشرة:
فى زمن الطفولة.. أسبح.. فى حمام السباحة.. النظيف المعقم النقى فى أرقى الأندية..
وأنت تسبح فى ترعة القرية.. المتسخة الملوثة.. التى أمرضت كبدك بالوباء..
كلما تذكرت هذا المشهد.. يجتاحنى بكاء متشنج.. وأصرخ من شدة الألم.. أكره أكثر هذا العالم.. وأكره السباحة.. وأكره النادى.. وأكره نفسى.. التى عجزت عن منحك الشِفاء..
وأكره الأغنياء.. الذين يستمتعون.. على جثث الفقراء.
اللوحة الرابعة عشرة:
تصبح على ألف خير.. يا منْ لم يأتنى منه.. إلا كل الخير.. تصبح على ألف خير
يا منْ أودعته حنان التراب.. ينثر عليه أوراق الورد والعِطر.. يؤنسه بعزف العود.. يلقى قصائد الشِعر.. يقدم له وجباته المفضلة.. وما يشتهيه من لذة الشراب.. تصبح على ألف خير.. يا منْ منحنى بسخاء نادر.. دمه وأعصابه وعمره القصير.. ولم أمنحه إلا حماقاتى وشقائى الطويل.. تصبح على ألف خير.. يا منْ أغسل بذكرياته.. كل يوم وجهى.. لأحتمل بدونه حياة.. تصفع كل يوم وجهى.. تصبح على ألف خير.. يا منْ كنت وسادة الليل.. عليها أنام فترحل كل العفاريت.. التى تسكننى.. وتحترق الكوابيس التى ترعبنى..
تصبح على ألف خير.. يا منْ أشبعتنى بعد جوع.. ورويتنى بعد طول الظمأ.. تغطينى برقة.. تطفئ النور.. تغنيلى على ضوء الشموع.. تصبح على ألف خير.. يا منْ سبقنى إلى هدوء القبور.. وتركنى وحيدة لصخب الشرور.. ابق عندك فى نعيم مثواك.. لا تأتِ إلينا حيث الشقاء الشرس.. ابق عندك.. ابق هانئًا مطمئنًا.. فأنا كما عهدتنى.. لا أحب سواك.
اللوحة الأخيرة:
حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى طوال الـ٢٤ ساعة معكِ؟
منذ الإثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨.. وأنا أقرب إليكِ من وصلات البكاء المسائية.. وشهقات الألم الصباحية.. هربت منهم جميعًا.. وجئت إليكِ.. حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى فى الصباح أشرب معكِ القهوة.. وأتصفح بجانبك أخبار العالم.. الغارق فى الظلم والدم والشهوة؟.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى أساعدك فى تنظيف المنزل.. وتغيير المفارش وغسيل الأطباق.. وأنصت معكِ الى أغنيات أسمهان.. المحملة بالآهات وعطر الأشواق.. حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى أقتسم بيننا وجبات الطعام وأحيانا أدفع فواتير الغاز والكهرباء.. وفى المساء نشاهد معًا الأفلام؟.. حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى أجلس صامتًا متأملًا.. وأنت تكتبين الأشعار.. وحين تذهبين إلى السباحة.. أكون بانتظارك تحت الماء.. ثم أجرى الى البيت.. أعد لكِ الحنان والغداء؟
حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى أسمعك حين تصرخين باسمى.. وأننى أراكِ حينما تنزفين بدمى؟.. حبيبتى توأم الروح.. كيف أجعلك تصدقين.. أننى منذ الإثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨.. ما فارقتك لحظة واحدة؟.. هربت منهم جميعًا.. وجئت إليكِ.. منْ تظنين يغسل وجهك فى الصباح.. بماء الورد؟.. وفى المساء يظل ساهرًا يحرسك.. من الكوابيس والبرد؟.. منْ تظنين ينتظر رجوعك إلى البيت.. بشوق ممتد؟.. منْ تظنين يحتضن دموعك حين تنهمر.. على الخد؟.. حبيبتى توأم الروح.. أتذكرين قولنا.. «أنا أنتِ وأنتِ أنا؟».. فكيف تصدقين.. أن الإثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨.. استطاع التفريق بيننا؟