رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سد النهضة.. لقاء فى روسيا



فى مدينة سوتشى الروسية، تنعقد يومى ٢٣ و٢٤ أكتوبر الجارى، القمة الروسيةـ الإفريقية، برئاسة مشتركة بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى وفلاديمير بوتين، وبحضور غالبية رؤساء دول وحكومات القارة السمراء. وأمس الأحد، كشف الرئيس، عن لقاء سيجمعه هناك بأبى أحمد على، رئيس الوزراء الإثيوبى، للتشاور بشأن تعثر مفاوضات سد النهضة.
خلال فعاليات الندوة التثقيفية الـ٣١ لقواتنا المسلحة، طمأننا الرئيس بتأكيده على أن مصر تعمل على تعظيم المتاح من المياه عبر خطوات متسارعة لتنفيذ أعداد كبيرة من محطات تحلية المياه فى العديد من المحافظات. وأوضح أن الدولة تستهدف الوصول بإنتاج مليون متر مكعب من المياه النقية يوميًا، لسد العجز المتزايد فى احتياجات مصر المتزايدة من المياه نظرًا للزيادة السكانية المطردة. مشيرًا إلى أن حصة المياه المقررة لمصر عبر نهر النيل وروافده وقدرها ٥٥ مليار متر مكعب سنويًا، لا تكفى لتلبية احتياجاتنا المختلفة من المياه.
الاتفاق على اللقاء فى روسيا، تم خلال اتصال تليفونى تلقاه الرئيس من أبى أحمد، يوم الجمعة الماضى، الذى أكد خلاله الزعيمان أهمية تجاوز أى معوقات بشأن مفاوضات السد النهضة، سعيًا للتوصل إلى اتفاق يحقق آمال وتطلعات شعوب الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، وفى إطار إعلان المبادئ الموقّع بينها. وهو الاتصال، الذى جاء ردًا على تهنئة الرئيس لأبى أحمد بمناسبة فوزه بجائزة «نوبل» للسلام، التى تمنى خلالها أن تستمر جهودنا البنّاءة الرامية لإنهاء جميع الصراعات والخلافات فى القارة الإفريقية بإرادة من أبنائها وشعوبها العظيمة.
هل يمكن أن تكون روسيا هى الطرف أو الشريك الرابع فى المفاوضات؟
الحاجة إلى دور دولى لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، وللتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن فرضها وصول المفاوضات إلى طريق مسدود أو موارب، بسبب عدم مرونة الجانب الإثيوبى ومحاولته التنصل مما تعهد به فى اتفاق أو إعلان المبادئ، الذى تم توقيعه فى مارس ٢٠١٥، وتضمّن اعترافًا إثيوبيًا صريحًا بمبدأ عدم الضرر. ولو رجعت إلى هذا الاتفاق ستجد أن أحد بنوده ينص بوضوح على جواز طلب الوساطة الدولية لتسوية النزاعات. ومع ذلك، رأت الخارجية الإثيوبية أن دعوة طرف دولى رابع «لا مبرر لها».
وزارة الشئون الخارجية الإثيوبية، طلبت مزيدًا من التفاوض وأعلنت مؤخرًا أن «إثيوبيا مقتنعة بضرورة استمرار المشاورة الفنية»، باعتبارها «توفر الخيار الوحيد لحل الخلافات بين الدول الثلاث فيما يتعلق بملء وتشغيل السد». بينما «وجدنا الأنسب أن تكون هناك وقفة، فى وجود وسيط دولى، طالما أن هناك اختلافًا حول الجوانب الفنية»، كما قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء فى بيانه أمام مجلس النواب، والذى أكد فيه أن الحوار مع إثيوبيا لا يزال مفتوحًا من أجل الوصول لحلول، بشرط ألا يؤثر ذلك على حقوق مصر.
مبادئ القانون الدولى الحاكمة لإدارة واستخدام الأنهار الدولية، تتيح للدول الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق أى أطراف أخرى. وكنا قد نقلنا عن الدكتور مفيد شهاب، أستاذ أساتذة القانون الدولى، اتهامه للولايات المتحدة بأنها ساعدت إثيوبيا من خلال المنح والقروض، لإنشاء السد بمواصفات تضر بمصر: بالسعة التخزينية التى تريد تنفيذها خلال عامين أو ثلاثة، وبارتفاع ١٧٤ مترًا، أو ١٧٠ مترًا كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، واعتقد أطفال موقع «فالصو» أنه الطول الصحيح.
الولايات المتحدة أعلنت دعمها لمصر والسودان وإثيوبيا فى السعى للتوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث. وطالبت الأطراف الثلاثة بإبداء حُسن النية للتوصل إلى اتفاق يحافظ على الحق فى التنمية الاقتصادية والرخاء، وفى الوقت ذاته يحترم بموجبه كل طرف حقوق الطرف الآخر فى مياه النيل. وهذا بالضبط هو ما طالبنا ونطالب به. وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس بمنتهى الوضوح إن مصر منفتحة على كل جهد دولى للوساطة، وحث جميع الأطراف على التحلى بالمرونة، سعيًا للتوصل لاتفاق مُرضٍ للجميع. وعليه، رحبت مصر بالتصريحات الصادرة عن البيت الأبيض وأعربت عن تطلعها لقيام الولايات المتحدة بدور فعال فى هذا الصدد.
قلنا، منذ يومين، ونكرر، إن إشاداتنا المتكررة بالمبادرات البنّاءة، التى انتهجها أبى أحمد لتعزيز الاستقرار والسلام فى منطقة شرق إفريقيا، سبقت بشهور حصوله على جائزة نوبل، الذى نراه، كما رآه الرئيس، فوزًا جديدًا لقارتنا السمراء الطامحة دومًا للسلام والساعية لتحقيق الاستقرار والتنمية. ونتمنى أن يشهد لقاء روسيا، قدرًا من المرونة وأن يتم خلاله تذليل أى عقبات أمام التوصل إلى اتفاق يضمن تحقيق المصالح التنموية لإثيوبيا والحفاظ على أمن مصر المائى.