رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرشح لعضوية كبار العلماء.. موقوف عن العمل بـ"الأزهر" درءًا للفتنة

جريدة الدستور

حصلت "الدستور" على محضر جلسة اجتماع مجلس جامعة الأزهر، الذي تقرر فيه الموافقة على حفظ موضوع تجديد تعيين الدكتور محمود توفيق محمد سعد- أستاذ بقسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، وذلك في جلسة يوم 25 من شهر سبتمبر الماضي، وذلك بعد قرار مجلس الجامعة بإلغاء التجديد له فيما قبل، وأصبح "توفيق" من المرشحين لعضوية هيئة كبار العلماء.

والغريب في الأمر أن قرار الجامعة بوقف تجديد التعيين كان لوقف نشر أفكاره التي تعمل على إثارة الفتنة وحماية الطلاب، وحصلت "الدستور" على قرار رئيس جامعة الأزهر رقم (64) لسنة 2019، قرر فيه وقف الدكتور محمود توفيق، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالقاهرة، عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، ولذلك لدرء الفتنة وحماية الطلاب من أفكاره السيئة لهم وأساتذتهم.

و اتخذت جامعة الأزهر القرار بعد الإطلاع على المذكرة حامد أبوطالب، الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وبعد الإطلاع على القانون 103 لسنة 1961 الخاص بإعادة تنظيم الأزهر وهيئاته.

وفي هذا الصدد تنشر "الدستور" جزءًا من أحدث إصدارات الدكتور محمود توفيق، وهو كتاب "الإمام أبو حنيفة بليغا وصيته تلاميذه قراءة في المنهج والبيان " والذي تم إصداره في يناير 2017، وتحدث في كتابه عن "مبطلات ولاية الحاكم وحكم القاضي".

وقال في كتابه: "تأتي فاصلة الوصية جامعة محكمة الأمر أيامًا أحكام أوجز فيها أبو حنيفة عمود شخصية الإمام والقاضي إبان أن عمود شخصيته مزيج من الأمانة والعدل وفإذا ما ذهب أحدهما ذهبت صفته وبطل عمله، ويقول واياما إماما غل فيئا، جار في حكما بطلت إمامته وكم يجز حكمه هنا أمرا عام، لا يخص القاضي بل هو يدخل فيه كل من تولى أمرا عاما وكان فيه الإمام وأعلاه الإمام العام رئيس الدولة والمالكي والسلطان وسائر صنوف الولاية العامة".

وشرح "توفيق"، أن الغلول هو الخيانة، والجور هو الظلم بين الناس، فغلول الإمام من بيت المال يبطل بيعته وإمامته وتنحل العقد التي عقدت له، فلا يكون له على أحدا من قومه يد فكيف إذا ما اجتمع إلى الغلول ظلمه بين قومه على علم وتعمد، فإذا حكم القاضي وهي غل أو جائر عن عمد فلا يمضي في حكمه وعزله، والإمام والقاضي لابد أن يكون أمنيا عادلا، هذا عماد شخصيته فإذا ما تصدع جانب من جانبي هذا العمود الأمانة والعدل فقد سقط حقه ولم تجز إمامته وحكمه، وعبارة أبي حنيفة بالغة الإحكام".

وفي كتابه، قال توفيق، إن كل من لا يحكم بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله هو ظالم إن كان يؤمن بأن الحكم بهما عليه فريضة، فإن كان لا يرى ذلك أو كان يرى أن الحكم بغيرهما أو خلطهما بغيرهما مما يعارض ما فيها هو الأعلى، فهما هو ظالم فحسب بل هو كافر مرتد، يستتاب ثلاثا، فإن تاب وأناب وعمل صالحا فهو الإمام المطاع فيما يطيع الله تعالى فيه وإن لم يتوب نزعت منه البيعة وأقيم عليه حد الرده ويتولى ذلك القضاة والعلماء بكتاب الله تعالى وسنة رسوله، بمؤازرة سائر الناس ومناصرتهم إيمانا واحتسابا وليس للعامة البتة أن يباشروا ذلك بأنفسهم حتى لا تكون فتنه لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تأكل شئ.

ثم جاءت الصفة: "غل فيئا"، أو جار في حكما" أطلق في قوله " غل فيئا"فلم يبين نوع ما غل لتناول كل ما يمكن أن تقع فيه الخيانه وقوله "فئنا" يريد به المال، أو مال أحدا من رعيته.

وقوله:" جار في حكما"، عام لا يقيد بأمر دون أمر، المهم أن يكون لك حكم بين متخاصمين مهما بلغ المتخاصم فيه من القلة والهوان، وهنا يأتي ما يرتبه على هاتين الجريرتين قائلا:"بطلت إمامته ولم يجز حكمه".

افيفهم هذا على التوزيع فيكون قوله "بطلت إمامته راجعا إلى قوله "غل فيئا" فيكون الغلول مبطلا للإمامة ويكون قوله "لم يجز حكمه" راجعا "جار في حكم" فيكون الجور مبطلا للحكم غير مبطل للإمامة، أم يفهم هذا على الاقتران والجمع معا، فيكون الحكمان راجعين إلى أي جريرة منهما فإن غل بطلت إمام ولم يجز حكمه وإن جار بطلت إمامته ولم حكمه أيضا، أم يكون قوله:" بطلت إمامته" راجعا إلى الإمام العام ويكون قوله: "لم يجز حكمه" راجعا إلى القاضي، فلا يكون الجور في الحكم مبطلا للإمامة العامة، فلا تنتزع منه البيعة بالجور في الحكم بل بالخيانة.

وتابع توفيق:" إذا نظرت إلى واقع ما نحن فيه تجد " الجور" بات سمة من سمات كل إمام يقوم فينا فلن تجد إماما عاما لا يجور مهما اجتهدت في التنقيب، وهما متفاوتون في هذا الجور، ذلك أن كل ما لا يحكم بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو جائر لا محالة وكل من يحكم بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله، على بعض دون بعض، فلا يقيمه على نفسه وأهله وبيته وقبيلته وعشيرته وبطانته، بينما يقيم شرع الله على سائر الشعب دونهم، فهو أيضا جائر، فلو أخذنا بأن من جار في حكمه بطلت امامته فأنك لن تجد البتة مهما اجتهدت من تحقق فيه تلك الفضيلة".

لذا أذهب إلى أن جور الحاكم فيما لا يتعلق بدين قومة، وأعراضهم، وكرامتهم وحريتهم في ما يصلح معاشهم لا يبطل إمامته، ويكون على العلماء وطلبة العلم نصحه أولا بالحكمة والموعظة الحسنة، فيما بينهم وبينه، لا في المساجد وسائل الإعلام والمنتديات والمؤتمرات، فإن أناب فنعما فعل، وإلا جهروا بنصحته حتى يعلم العامة أنهم نصحوه في ما بينه وبينهم فركب متن العناد والإصرار على الظلم، وحينئذ يخرجون عن طاعته فيما جار في، لا فيما عدل في، فهم لا يخرجون عنه في جميع أمره ما عدل فيها وما ظلم ذلك لا يستقيم أبدا.

وهم أيضا لا يحل لهم أن يخرجوا عليه بسيف أبدا، إلا إذا خرج هو بطانته وحاشيته وحرصه بسيوفهم، واعملوها في الناس فعندئذ لابد من يدفع كل عن نفسه وعن اخيه وأن يكفوا ظلمه عنهم.

فإذا تعلق جورة بدين الناس وعقائدهم وأعراضهم وكرامتهم وحريتهم في ما يصلح معاشهم فإن جوره يبطل إمامته وعلى العلماء وطلبه العلم وحكماء الأمة نصحه فإن تاب وأناب وأصلح، فنعم وإلا نزعت اليد من بيعته، وعلى العامة مؤازرة العلماء والحكماء فهذا دون أن تراق نقطة دم واحدة من إنسان إلا دفاعا عن النفس ودون أن ينسبوا بكلمة شنعاء فما بهذا.

وأضاف توفيق:" أن ما تسمعه في المظاهرات أو وسائل الإعلام من سب وشتم وإساءة بالقول والحركات للحاكم الظالم بعينه وتسميته مما لا يليق بمسلم أن يفعله، المسلم لي بسباب ولا شتام ولا لعان، المسلم المظلوم يخرج إلى الحاكم بالحسنى غير ناطق بكلمة سب او شتم او كلمة كاذبة، وإذاعة الشائعات المختلفة التي لا يعرف مصدرها، فكفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع ".

بغير المنكر، فلتغيره أحكام وآداب يحسنها العلماء والحكماء، ولا بد من الالتزام بها والقول بأن للثورات قوانينها، وأحكامها قول باطل، فالعدل وفق كتاب الله تعالى وسنة رسول- صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يستبدل بهما شئ مهما كانت الأحوال ومهما كان ظلم الحاكم وجبروته وطاغوته، فالمسلم لا ينصر الحق إلا بالحق ولا يزهق الباطل إلا بالحق.

وأكد توفيق أن ما جاء به الإمام أبو حنيفة- رضي الله عنه- إنما هو وثيقة من مواثيق السياسة الشرعية العالية التي يجب على كل طالب علم أن يلزم به.