رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات من دفتر الخلع.. رجال يلجأون لبيع أعضاء أسرهم البشرية

جريدة الدستور

تمتلئ محاكم الأسرة في الآونة الأخيرة بالعديد من القضايا الخاصة بالطلاق والخلع، ولأسباب كثيرة تؤكد حدوث اختلاف في طبيعة الشخصية المصرية، التي زاد فيها معدلات الانفصال بين الزوجين بشكل كبير.

في القصص التالية ستقرأ عن سيدات حاول أزواجهن إجبارهن على التبرع بأعضائهن البشرية، في سبيل التغلب على الضوائق المالية التي أثقلت كاهلهم، فتلجأ الزوجة إلى الخلع لأنها لا تستطيع الرضوخ لمثل هذا الطلب.

بيع كلية الزوجة مقابل شقة تمليك
القصة الأولى وقعت في كفر الشيخ، ترويها "آ.ط"، 30 عامًا، بأنها تزوجت بعد 4 أشهر من الخِطبة، حيث تأكدت أنه سيكون زوجًا صالحًا لها، وبعدها استمر الزواج لـ6 سنوات، نتج عنه طفلان صغيران، لا يزالان في حاجة إلى الرعاية.

وخلال سنوات الزواج لم تحدث بينهما أي خلافات كبيرة فيما عدا الخلافات المعتادة في أي أسرة مصرية، بسبب تدبير مصروفات المنزل، لكنها كانت على ثقة بأنها أزمة وستمر، وبدءا في محاولات هذا التدبير ما بين الجمعيات والاقتراض، لكنه فاجأها بطلب وقع على مسامعها كالصاعقة.

"متناميش لحد ما أرجع.. في فكرة هتحول حياتنا 360 درجة.. هترحمنا من شحططة المصاريف"، بهذه الكلمات كانت بداية المفاجأة، حيث طلب منها التبرع لشخص بكليتها مقابل 90 ألف جنيه، وبها سيتمكنان من شراء شقة تمليك بدلاً من التنقل بين شقق الإيجارات في فترات قصيرة.

واعترضت الزوجة على طلب زوجها، فما كان منه إلا أن تطاول عليها لفظًا وضربًا، فاتخذت قرارها بالتوجه إلى مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة ببندر كفر الشيخ، طالبة رفع دعوى خلع ضد زوجها، حملت الرقم 1103 لسنة 2019، فهربت بأبنائها؛ لأنه حاول تنفيذ أمر البيع على ابنهما الأكبر، مختتمة: "مبقتش حاسة معاه بالأمان".

  • تكشف أحدث الإحصائيات الصادرة عن محاكم الأسرة عام 2017، أن نسبة الزوجات اللاتي رفعن دعاوى خلع للمرة الأولى 55%، و20% للمرة الثانية، و15% للمرة الثالثة، أما نسبة من لجأن للخلع للمرة الرابعة فأكثر 10%.

اتفق مع طبيب على بيع كلية ابنته مقابل 60 ألف جنيه
القصة الثانية اختلافها في أن طلب بيع الأعضاء كاد أن يتم لأحد الأبناء، ووقعت القصة في أغسطس 2017، ترويها "أ.ح"، 27 عامًا، من أمام محكمة الأسرة بالزنانيري، تروي أنها كانت فتاة كغيرها تحلم بأن يضمها عش زوجية سعيد، لكن لمرض والدتها وحرصها على العناية بها بدأت في رفض أي عريس يتقدم لخطبتها، إلى أن وافت المُنية والدتها، تاركة لها وأختها.

وبعد فترة، تقدم لخِطبتها أحد أبناء منطقتهم، فوافقت بعد أن تأكدت من أهل المنطقة أنه مشهود له بالخلق الحسن، كما أنه يعمل بإحدى شركات البترول، ومرّت سنة على الخِطبة ثم انتقلت إلى عش زوجيتها وأختها، بعدما وافق الزوج على ذلك، لعدم ترك الأخت في شقة وحدها.

ومرّت 5 سنوات على الزواج ورزقهما الله بطفلتين، لكن حال الزوج تبدّل بعدما انضم لرفقاء السوء، وتغيرت معاملته معها، فأصبح دائم العصبية، يفتعل المشكلات ويعتدي عليها بالضرب لأتفه الأسباب، ورغم محاولاتها لإصلاح أحواله إلا أنها فشلت.

وزاد الطين بلة قيامه بالتحرش بالشقيقة الصغرى، ثم هتك عرضها في غياب الزوجة، فما كان منها إلا أن أرسلتها للعيش مع خالتها، وتم فصله من العمل لسرقته مبالغ مالية لشراء الحشيش، وازدادت اعتداءاته عليها، فتركت المنزل وذهبت إلى خالتها، لكنه جاء إليها واستسمحها في الرجوع، فوافقت على أمل التغيير والحفاظ على الحياة الأسرية وعدم تشريد الطفلتين، فعادت واكتشفت بيعه لأغلب أثاث المنزل.

وتحملت الزوجة كل تلك الإهانات المتكررة، لكن النقطة التي قررت بناء عليها اتخاذ خطوة الخلع هي اتفاقه مع أحد الأطباء على بيع كلية إحدى الطفلتين مقابل 60 ألف جنيه، على أن تحصل على 5 آلاف جنيه من ثمن الكلية، وهنا كان القرار الحاسم بالخلع.

قانوني: تحرير محضر والاستعانة بالشهود للخلع
محمد رشاد، محامي، يوضح أن الزوجة يمكنها رفع قضية الخلع في هذه الحالة، من خلال تحرير محضر إثبات حالة، والاستعانة بشهادة الشهود كالجيران، أو أحد أقاربه الذي اشتكت لهم الزوجة من قبل بسبب ذلك لهم أن يشهدوا على كلماتها.

ولفت "رشاد"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن هناك طريقة أخرى يمكن للجيران الشهادة معها، هو أن يحدث بين الزوجين "زعيق وصوت عالِ" فيتدخل أحد الجيران لمحاولة الفض بينهما فيعرف ما كان يدور، وبذلك أصبح شاهدًا على طلب الزوج.

"وممكن يتعمل محضر ويتحال للنيابة العامة بتهمة الاتجار في الأعضاء البشرية"، جملة ختامية لـ"رشاد"، فسرّها بأن هذا المحضر غير محضر إثبات الحالة، لأن الأخير الغرض منه إثبات الضرر، أما الأول هدفه حماية المجتمع من عنصر إجرامي يتاجر في الأعضاء البشرية.