رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

برتران بادي مُحاضرًا في منتدى شومان حول النسخة العربية لكتابه

جريدة الدستور

استضافت مؤسّسة عبد الحميد شومان بالتعاون مع مؤسّسة الفكر العربي، في العاصمة الأردنية عمّان، أستاذ العلوم السياسية المختصّ في العلاقات الدولية البروفيسور برتران بادي، لمناسبة صدور النسخة العربية من كتابه "عندما يُعيد الجَنوب اختراع العالَم"، وأقيمت للمناسبة ندوة حضرتها مديرة الدائرة الثقافية في السفارة الفرنسية في عمّان صوفي بيل، رئيس رابطة الكُتّاب الأردنيين سعد الدين شاهين، وشخصيات ثقافية وإعلامية.

استهلّت الندوة الرئيسة التنفيذية لمؤسّسة عبد الحميد شومان الأستاذة فالنتينا، قسيسية، فنوّهت بالشراكة القائمة مع مؤسّسة الفكر العربي، وأكدت على أهمّية تفعيل الحِراك الثقافي.

وإذ شدّدت على دور البروفيسور بادي كأحد أهمّ المراجع في العلوم السياسية، وأبرز الخبراء الفرنسيين المختصّين في العلاقات الدولية، أكّدت أنّه يحمل في جعبته الكثير من "الوصفات" الحديثة والمُبتكرة لإعادة اكتشاف مفهوم العلاقات الدولية، وما يتعلّق بهويّة الجنوب، وهي تسمية جغرافية تبدو مُلتبسة ما إن نُطبّقها على تعقيدات العلاقات الدولية.

وتحدّث المدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربي البروفيسور هنري العَويط عن مسيرة بادي الأكاديمية والفكرية، فضلًا عن حضوره الفاعل في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مشيرًا إلى أنّ الدول الأوروبية والآسيوية والعربية تدين له بإشرافه على رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه لمئات الطلّاب الوافدين منها، وبتخريجه أفواجًا من خيرة دبلوماسيّيها والعاملين في مراكزها البحثية، لافتًا إلى أنّ بادي مثقّف ملتزم، وصاحب مواقف تتّسم بالقوّة والجرأة، وعلاقته بالعالم العربي راسخة وحميمة.

وأكّد العَويط على ما يتّسمُ به موضوع الكتاب من راهنية فعلية، وما يمتاز به من أهمّيةٍ بالغة تجعله في رأس القضايا العالمية الكبرى، نظرًا لتسليطه الضوء على أبرز التحوّلات العميقة والحاسمة التي يشهدها العالم حاليًا، وتحليلها والمساعدة في فهم انعكاساتها على العلاقات الدولية.

ولفت إلى أنّ الكتاب يتضمّن تشخيصًا واقعيًا لأبرزِ العِللِ والأمراض التي يعانيها النِظام العالَميّ راهنًا، والتي تَظهرُ أعراضُها في ضعفِ الدول وعجزها، وانحلالِ الرابطِ الاجتماعي، وفي فشلِ الدول المستعمِرَة والدولِ التي تحرّرت من سيطرتها ونالت استقلالَها، في بناء الدولة الوطنية ومؤسّساتِها.

وأوضح أنّ الكتاب يركّز على تغيّر طبيعة الحروب التي لم تعد تندلع بين الدول، بل تدور رحاها داخل حدود هذه الدول، وعلى تغيّر نوعيّة المُحاربين بعد أن حلّت الميليشيات محلّ الجيوش النظامية، وعلى انتقال ساحة المعارك من أوروبا إلى بلدان الجنوب، مبيّنًا أنّ النظام الدولي القائم قد فقد أهليّته نتيجةً للفشل الذي مُنيت به الدول العظمى، وذلك جرّاء إخفاقها في إحراز الانتصارات العسكرية وخسارتها حرّية المبادرة.

وتحدّث البروفيسور برتران بادي عن مفهوم القوّة الذي حكَم العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، وأكّد أنّ هذه القوّة لم تعد بنفس الزخم، ولا يمكن اعتبارها قوّة فاعلة بعد اليوم، وذلك لعدّة أسباب، أوّلها أنّ من ابتكرها هم قلّة جاءت من الخلفية والثقافة نفسها وتتحدّث اللغة نفسها أيضًا، وثانيًا بسبب العولمة التي لم أجد لها تعريفًا بعد 45 عامًا من دراستها، وهذا لا يعني أنّها غير موجودة، لكنّنا نعرف أعراضها الرئيسة، مثل اقتحام خصوصية المجتمعات، والتدخّل في شؤونها، وهذا ما أدّى إلى الانقسام في العديد من الدول، وثالثًا بسبب تدنّي المستويات الاجتماعية الذي أدّى إلى جوعٍ حقيقي يهدّد ملايين الأشخاص، إلى درجة أصبح الإرهاب مقارنة بالجوع أقلّ خطورة وضررًا.

وقدّم الباحث والكاتب الأردني الأستاذ إبراهيم غرايبة قراءة في كتاب بادي الذي وصفه بالتحليلي والنقدي لمسار النظام الدولي منذ معاهدة وستفاليا (1648)، وصولًا إلى السنوات الماضية، وتوقّف عند الفرص والإمكانات التي تُتاح للجنوب من أجل المشاركة مع الشمال في الفضاء العالمي الجديد، واستعرض حالتين واضحتين عن الأمم التي تقدّمت على أساس الأفراد الفاعلين هما: سنغافورة الدولة التي حوّلت معظم مواطنيها إلى أفراد متعلّمين تعليمًا متقدّمًا، واليهود الذين استثمروا في التعليم والمهارات المتقدّمة، ما جعلهم برغم عددهم القليل أمّة مؤثّرة في العالم.

واختُتمت الندوة التي أدارها الكاتب والمؤرّخ الدكتور مهنّد مبيضين، بنقاش تناول التحدّيات التي تواجهها مجتمعاتنا في ظلّ هيمنة النظام العالمي الحالي، وضرورة إعادة الاعتبار للدور الذي تلعبه دول الجنوب، والوعي لإمكانية تبلور نظامٍ عالمي جديد.