رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بيع الوهم». «الدستور» تخترق مجموعات «القروض الحسنة» غير الشرعية

جريدة الدستور

في ظل معاناة الأفراد من تدني الظروف الاقتصادية، يظهر على السطح بعض المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تزعم تقديم المساعدة مجانًا دون شروط، مرتدية بذلك ثوب المنقذ الذي سيخلص المواطن من جميع أعبائه الاقتصادية، وذلك تحت شعار "تقديم قروض حسنة"، الأمر الذي جعل الكثير يهرع إليها آملًا في التخلص من همومه الاقتصادية، وطمعًا بتحقيق أحلامه، ليكتشف بالنهاية أنه وقع بفخ النصب والاحتيال الذي ادعى أنه يد للمساعدة، وهو في الحقيقة الطريق الأسهل للنصب.

"الدستور" في السطور التالية تكشف كذب وتضليل هذه المجموعات من خلال المواطنين الذين خاضو تجربة التعامل معها، واكتشفوا في النهاية أنها أحدث وسائل النصب، كذلك كان لنا حديثمع الجهات المعنية لمعرفة كيف يتم التعامل مع ذلك.

فاتن: كنت في ضائقة مالية ودفعت لهم أضعاف ديوني
"كنت أمر بضائقة مالية جعلتني أفكر في اللجوء لهذه الإعلانات خاصة مع ادعائهم تقديم التسهيلات الكاملة"، كلمات فاتن علي، 33 عامًا، مدرسة إبتدائي بإحدى المدارس الحكومية، تروي أنها لجأت لمثل تلك المجموعات لمعاناتها من تراكم الديون عليها، ففور رؤيتها صفحة لهم سارعت بالتواصل معهم، نادمة على اتخاذ تلك الخطوة.

وتروي "فاتن"، في حديثها مع "الدستور"، أن تلك المجموعات ما هي إلا شركات خاصة ليس لها ضامن من بنك أو من أي جهات حكومية، وذلك عكس ما أدعت، فكان شرطهم بالبداية التأكد من كوني أعمل بجهة حكومية، وبعدها طلبوا مفردات المرتب وحددوا القرض الذي يسمح به الراتب، مدعين أنه لا يتعدى 2000 جنيهًا.
"ورضيت بهذا المبلغ لحاجتي الشديدة، رغم أنني كنت أحتاج إلى أكثر لتسديد ديوني المتراكمة بعد شراء جهاز ابنتي"، هكذا تتابع "فاتن"، مستطردة: خصمت الشركة المزعومة 25% من قيمة القرض المفترض إقراضه لي كفائدة، بالإضافة إلى 1.5% ادعى صاحب الشركة أنها نسبة ربح البنك.

في النهاية، فوجئت "فاتن" أنها دفعت أضعاف ما كانت ستدفعه من مبالغ إذا كانت قد اقترضت من أحد البنوك التابعة للدولة، واصفة شركة القرض"الحسن" بأنها شركة "نصابة"، فهي لا تتبع أي بنك كما توهم المواطنين.



أحمد: شركات "نصّابة" تحوم حولها الشبهات 
لم تختلف رواية أحمد نور الدين، 45 عامًا، الذي يعمل بشركة الكهرباء، كثيرًا عما روته "فاتن"، موضحًا أنه مثله مثل الكثير من الشباب الذي طالما حلم بفتح مشروع يكون مصدرًا للرزق له هو وأسرته بجانب عمله سعيًا منه لزيادة دخله.

فاستجاب "أحمد" لإحدى المجموعات التي تعلن عن نفسها على "الفيس بوك" تحت عنوان "القرض الحسن"، المغرية لكل من يحتاج إلى الأموال، فهي كما ادعت تقدم القرض دون فوائد وكذلك دون ضمانات، ولكن الحقيقة التي اكتشفها أنها ما هي إلا شركة يمتلكها شخص تحوم حوله الشبهات في مصادر أمواله.

يأخذ من المواطنين أموالًا طائلة تحت ادعاء أنها الفائدة التي تضاف إلى القرض، بالإضافة إلى استيلائه على أموال يدعي أنها تذهب للبنوك نظير تقديم هذا القرض، كما يقول "أحمد".

مغامرة "الدستور" مع إحدى الشركات
ومن خلال مغامرة قامت بها "الدستور" بالتواصل تليفونيًا مع إحدى هذه الشركات تبين صدق ما أكده هؤلاء المواطنين، فكانت إحدى تلك المجموعات تحمل اسم "أسرع قرض في مصر" ادعت محررة "الدستور" أنها تحتاج الحصول على قرض بمبلغ 200 ألف جنيه، وأنها تعمل بإحدى الهيئات الحكومية، ولكن مرتبها لا يتعدى الـ1200 جنيهًا، مما دفع المسئول عن الشركة أن يصرح لها أنه بتلك الحالة لا تستطيع الحصول على كل هذا المبلغ فلا يمكنها سوى اقتراض 15 ألف جنيه، مخصوم منهم فوائد حوالي 25%، أسماها نسبة البنك.

وعند سؤال المحررة للمسئول عن إجمالي قيمة القرض الذي تستطيع الحصول عليه، أجابها: "تعالي الأول الشركة ونبقى نحسبها"، وبسؤاله أيضًا عن تبعية الشركة لأي من الجهات الحكومية، كان رده: "إحنا شركة خاصة، تقدري تقولي سماسرة بين المواطن والبنك".


مغامرة محررة "الدستور" مع إحدى الشركات اضغط هنا..

وبعد ما تم سرده خلال السطور السابقة، كانت لنا أحاديث أخرى مع الخبراء لتوضيح فكرة القروض الحسنة، فتبين لنا أنه لا يوجد ما يسمى بالوسيط بين البنك والعميل.

مدير الإدارة الإسلامية ببنك مصر يحذر: لا تتعاملوا سوى مع جهات رسمية 
البداية كانت مع محمد البلتاجي، مدير الإدارة الإسلامية ببنك مصر ورئيس الجمعية الإسلامية سابقًا، أن المواطن لا بد له من تحري الدقة بمثل هذه الإعلانات، خاصة أنها تدعي تقديمها قروضًا حسنة أي دون فوائد مما يعد عامل لجذب أكبر عدد من المواطنين لمثل هذه الإعلانات، مؤكدًا أن هذه المزايا ما هي إلا مجرد إعلانات ودعاية مخالفة للحقيقة.



وأكد "البلتاجي"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن هذه الجهات في حقيقتها لا تمثل جمعيات خيرية ولا يوجد عليها رقابة على الإطلاق، مضيفًا أن الجهات الوحيدة التي يجب التعامل معها هي الجهات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وجهاز تنمية المشرعات الصغيرة وكذلك الجهات التابعة للبنوك الرسمية، وأن التعامل مع جهات بخلاف المذكورة سابقًا يعرض المواطن لأخطار عدة فقد يجد نفسه متورطًا مع شركات لا يعلم مصدر أموالها الحقيقي، التي قد تكون إحدى شركات النصب أو غسيل الأموال.

العضو المنتدب لإحدى الجمعيات: تلك الشركات مجرد سماسرة
أما رمضان أنور، العضو المنتدب للجمعية، فيقول إن التعامل مع هذه الجهات يعد مخاطرة كبيرة، نظرًا لأنها لا تخضع لأي رقابة على الإطلاق، ولا تنتمي لأي من الجهات الحكومية المخول لها تقديم القررض، مؤكدًا أنها مجرد شركات سمسرة، وقد لا تخضع نهائيًا لأي ترخيص، فمن الصعب أيضًا تأكد المواطن من وجود هذا الترخيص وصحته.

وأضاف "أنور"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن هذه الشركات لا يمكن لها أن تخضع لأي من البنوك أو شركات التمويل المعتمدة، نظرًا لأن تلك الجهات لا تعلن عن نفسها من خلال صفحات الفيسبوك نهائيًا، بل لها قنوات شرعية ومعروفة تعلن بها عن خدماتها للمواطن، لذا نصح كل من يريد الحصول على قرض أيًا كان نوعه أن يلجأ للقنوات الشرعية المعروفة التي توفرها الدولة، وتعمل على تقديم قروض ميسرة للمواطنين، بدلًا من اللجوء لمثل هذه الوسائل المشبوهة.

وفي أحدث تقاريره، أكد البنك المركزي ارتفاع القروض الموجهة إلى الأفراد بقيمة 57 مليار جنيه خلال عام، من مارس 2018 حتى نهاية مارس المنصرم، في إشارة إلى أنّها أكبر قيمة ارتفعت بها تمويلات الأفراد مقارنة بالفترة ذاتها على مدار الـ10 سنوات الأخيرة.