رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور.. "مصطفى" أصغر عامل في ورش الخراطة

مصطفى سمير
مصطفى سمير

وسط عدد من الآلات ذات الأصوات المزعجة، تشعر كأنه رجل كبير متحمل للمسئولية، لحاجته إلى المال والإنفاق على أسرته، فهو اختار الطريق الصعب، رغم أن عمره لا يتعدَ 13 عامًا، فيقف وسط آلات المخرطة، وهي إحدى أنواع الآلات التي تستخدم في شغل وتصنيع المعادن عن طريق دوران المشغولات المراد تشكيلها وإعطائها الشكل المرغوب.


إنه الطفل مصطفى سمير، صاحب الـ13 عامًا، الذي يمثل واحدًا من ملايين الأطفال العاملين لمساعدة أسرهم بطرق عديدة، رغم ما يتعرضون له من الضرر والاستغلال، ما يجعله دائم المعاناة من الضغوط النفسية والجسدية والاجتماعية، وكان لنا لقاء معه، حدثنا خلاله عن عمله في إحدى ورش الخراطة، ومحاولة الموازنة بينها وبين دراسته.

يقول "مصطفى": "بشتغل في الدراسة وباخدها منازل، وبروح الامتحانات وباخد أجازة من الورشة وأنا رايح المدرسة في الامتحانات"، راويًا أن يومه يبدأ في الثامنة صباحًا وينتهي في الثامنة مساءً، ما بين العمل في الورشة وبين مرافقة زملائه في دروس التقوية التي تؤهله من اجتياز امتحاناته في كل عام.
عمل "مصطفى"، الذي ينتمي إلى قرية "العصلوجي"، الموجودة بجوار مدينة الزقازيق، في محافظة الشرقية، في هذه السن مخالف لقانون العمل رقم 12 لسنه 2003، الذي ينص على: أن يلتزم كل صاحب عمل يستخدم طفلًا دون سن السادسة عشرة بمنحه بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوى العاملة المختص"، إلا أن خلال جولة "الدستور" مع "مصطفى" لم تجد تطبيق ذلك على أرض الواقع.

وحظرت المادة 99 من القانون ذاته تشغيل الأطفال من الإناث والذكور قبل بلوغهم سن إتمام التعليم الأساسي، أو أربع عشرة سنة أيهما أكبر، ومع ذلك يجوز تدريبهم متى بلغت سنهم اثنتى عشرة سنة.
كما حظرت المادة 101 تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات يوميًا، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة. ويحظر تشغيل الطفل ساعات عمل إضافية أو تشغيله فى أيام الراحة الأسبوعية والعطلات الرسمية.

الحديث عن عمالة الأطفال، امتد لنتواصل مع الدكتور "جمال فرويز"، أستاذ الطب النفسي، لمعرفة مدى التأثير النفسي المصاحب لهؤلاء الأطفال، فقال إنهم مروا بمرحلة النضج في سن مبكر جعات حياتهم مأساوية قاسية، ولم يتمتعوا بالحياة الطبيعية لأعمارهم.
وأكد"فرويز"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن معاملة صاحب العمل بعنف وقسوة تؤدي إلى تكوين شخصية مضطربة للطفل؛ إما طفل انطوائي أو طفل عنيف، والشائع هو اضطرابات نفسية قاسية وعنيفة تجعلهم يرتكبون الجرائم.

وأوضح أن أكثر من 80% من هؤلاء الأطفال يكونوا آباءً قاسيين و20% منهم يحاولون تعويض ما حدث لهم في الصغر واحتواء أبنائهم.