رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنا ابن البطل.. ذكريات النصر على لسان أبناء جنود أكتوبر

حرب اكتوبر
حرب اكتوبر

ذكريات لاتُنسى ظلت محفورة في ذاكرة أصحابها ونقلوها إلى أبنائهم ليكونوا شهداء من بعدهم على جيش مصر الذي حطم أسطورة إسرائيل التي لم تهزم، 46 عامًا على نصر أكتوبر المجيد لم تمنع أبطال الحرب من ضباط ومجندين من ذكر تفاصيلها بدقة إلى أبنائهم لينقولها من بعدهم إلى الأجيال الجديدة.

"الدستور" في ذكرى النصر العظيم حاورت أبناء أبطال أكتوبر، وكيف قص عليهم الأبطال قصص الحرب والنصر.



جوليستان: أخي ولد بعد نصر أكتوبر وسُمى عابر تيمنًا به
جوليستان حميد، من محافظة السويس، صحفية، ابنة بطل حرب أكتوبر المهندس حميد موسى، ضابط بسرية 65 رادار بمنطقة فايد، قالت: منذ ولادتي وأنا أسمع حكايات أبي وذكرياته مع الحرب، ورغم مرور سنوات عديدة إلا أنه مازال يحكي عنها كأنها حدثت أمس من دقة التفاصيل التي يحكي عنها.

وتابعت ظل أبي بالجيش 7 سنوات متواصلة، ولم يعد إلى المنزل إلا بعدما عادت سيناء إلى حضن مصر مرة ثانية، موضحة: كان أبي دائما مايقول أن إسرائيل لم تفكر ولو للحظة واحدة أن جيش مصر قادر على العبور فكان لديهم علم أن كبار قيادات الجيش فى مكة لتأدية عمرة رمضان، مع خروج حملة المؤهلات العليا من الجيش لم يتبق سوى المجندين فقط، فاعتقدوا أن الجيش ضعيف، وجاءت لحظة العبور لتصيبهم بالشلل التام فى التفكير والحركة وتمكنت القوات من تدمير مناطق ارتكازهم فى سيناء.
 
أهالي السويس لهم حكايات مختلفة عن الحرب والنصر، قالت جوليستان، فكل فرد في السويس له حكايته الخاصة، كان أبي وأمى يستعدون للزواج في الفترة مابين النكسة ونصر أكتوبر وفي هذه الفترة تم تهجير أهالي السويس إلى الإسماعيلية وفي القطار الذي نقل المهجرين وكان من بينهم أمي وجدتي وقعت دانة على القطار.

وتصور أبي أن أمي توفت وأقام لها عزاء وما عزز موقفه أن أمي كانت في القطار مع فستان زفافها الذي احترق تمامًا، وهذا ما جعل الباقيين يعتقدون أنها ماتت، إلا أن أبي كان داخله أمل جعله يبحث عنها في كل المستشفيات حتى علم أن اسمها ليس من ضمن الضحايا ووجدها بعد فترة طويلة من البحث وتزوجوا عام 1971، "جوليستيان" لازال الحديث لها.

من أكثر الذكريات التي لم ينساها أبي هو صديقه الذي أخذته قوات الأحتلال أسيرًا، وسمى أبي أخي الأكبر على اسم صديقه الأسير الذي افتدى نفسه بأبي، كما سمى أخى التالي عابر لأنه ولد بعد عدة أسابيع من نصر أكتوبر المجيد.

حفيد مجند بحرب أكتوبر: إصابات جدي في الحرب فخر لنا
محمد عبد العزيز، من محافظة الدقهلية، طالب بكلية التمريض، حفيد مصطفى عبد العزيز المجند بسلاح المظلات والإبرار الجوي خلال حرب أكتوبر، قال كلمنا جمعنا لقاء عائلي كنا نحب الاستماع إلى حكايات جدي عن الحرب، ونشاهد الإصابات المرسومة في كل جزء من جسمه ويقص علينا قصه كل جرح فنشعر بالفخر لأنه كان جزء ممن صنعوا هذا النصر.

وتابع: لم يكن لدى جدي وأصدقائه علم بموعد الحرب ولم يدركوا ذلك إلا بعد أن تم نقلهم من معسكرهم في الجلاء إلى الجبهة ووجدوا قواتنا الجوية فوق رؤوسهم وكانت قد دمرت الكثير من مناطق ارتكاز العدو في الضفة.

وأضاف: قاتل جدي طوال أيام الحرب وسقط الكثير من زملائه شهداء، وأُصيب فى اليوم الأخيرة للحرب وبالتحديد يوم 23 أكتوبر خلال الثغرة، فكان الضغط من جيش العدو كبيرًا عليهم وأصيب بالرصاص من إحدى الطائرات الإسرائيلية وكانت الأولى فى يده اليسري ثم أُصيب في أكثر من منطقة فى رقبتي وبطني.


شيماء: أبي كان مع فرق دبابات الدقائق الأولى للحرب
شيماء صلاح، محامية، من محافظة الإسكندرية والدها صلاح إدريس كان مجند في فرقة 21 دبابات التي عبرت خط بارليف في حرب أكتوبر 1973، قالت: شارك أبي بجميع الحروب التي خاضتها القوات المسلحة المصرية بداية من حرب اليمن وحتى نصر أكتوبر العظيم، فظل في فرقته مايقرب من 11 عامًا حتى عاد إلى الإسكندرية بالنصر.

وتابعت شيماء: عاش أبي الكثير من السنوات بعد انتهاء الحرب يحلم به، ويستيقظ من النوم معتقدًا أنه مازال هناك، ورغم دوره العظيم في الحرب إلا أنه لم يحصل على أي أوراق تثبت مشاركته فيها بسبب تواجده في المستشفى لعدة أشهر بعد انتهاء الحرب نتيجة إصابته في رأسه، وعندما ذهب إلى الجهة التي تصدر الورق المخصص بمشاركته في النصر جاء الرد أنه تأخر وإصدار هذه الأوراق انتهى مما جعله يشعر بحزن شديد.

وتابعت شيماء من أكثر المواقف المؤثرة التي حدثت معنا بعد الحرب، هي لقاء أبي بالصدفة بأحد أقارب زميل له في الجيش، وعندما شاهدت لهفة أبي لسماح صوت زميله أحسست أنهم يعرفون بعضهما طوال عمرهم، لكن أبي أوضح لنا أنهم داخل الجيش كانوا عائلة واحدة عاشوا لحظات الألم والنصر سويًا لذا هناك اشتياق دائم للقاء.

سعاد: أبي حول منزلنا لمعرض للصواريخ التي وقعت على منطقتنا
سعاد أيوب، من محافظة الإسماعيلية، ابنة بطل من أبطال المقاومة الشعبية أيوب إمام، قالت: منزلنا تحول إلى متحف لعرض الصواريخ والدبابات التي وقعت عليه خلال الفترة من النكسة وحتى نصر أكتوبر، متابعة: لم يشارك أبي في الحرب ولكن كان من شباب المقاومة الشعبية، فحصل على تدريب مع فرق على ضرب النار وحمل السلاح ونقل المعلومات.

وتابعت: بدأت مشاركة أبي في المقاومة الشعبية منذ عام ١٩٥١، وتدرب في المخابرات، وفى عام ١٩٥٦ كان يحصل على معلومات من داخل معسكرات الإنجليز، عندما كان ينقل سلع غذائية داخل معسكراتهم ولإجادته اللغة الإنجليزية كان يرصد تنقلاتهم وتحركاتهم وينقلها للضباط المصريين، كما كان يساعد أيضا فى نقل السلاح للفدائيين.

"أبي كان مؤمنًا بأن الحرب ستقوم في وقت ما وأننا سننتصر، ومن ضمن المفارقات التي كانت تحدث دائما مع أبي أثناء الفترة مابين ١٩٦٧ و١٩٧٣، فكان يذهب للقاهرة وفي عودته للإسماعيلية كان يمر على الجبهه الغربية للقناة فى منطقة نمرة ٦، وكانت هي أول نقطه للعبور فى الحرب، وكان اليهود يجلسون على الضفه الشرقيه أمامهم وكانوا يسبونهم أثناء مرورهم، فكان أبي يقول لأخوتي "محدش يرد عليهم... احنا هانرد عليهم بطريقتنا"، تقولها "سعاد" بفخر.

وتابعت: وقت النكسة فى ١٩٦٧، تم تهجير أهالي القنال إلا أن والدي رفض الخروج مع أسرته، ومكثت في الإسماعيلية مع عدد قليل من المواطنين وانضم للهلال الأحمر، وكان ينقل الجرحي والشهداء بسيارات الإسعاف، وشهد على استشهاد الكثيرين منهم الشهيدة حسنة الممرضه التي كانت معهم فى الكتيبة واستشهدت عندما تم ضرب المستشفى بصاروخ.