رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عروس أبى

جريدة الدستور


فى تلك الغرفة الطينية من البيت القديم، وفى ليالى يناير الباردة كنت أتسابق أنا وأسماء أختى للنوم على ذراع أبى اليمنى، ماتت أمى وهى تلد أسماء، ولم يكن فى ذاكرتى من ملامح أمى غير صورة أقرب ما تكون لتلك العروس المرسومة بالوشم على ذراعه.. قال لنا ذات ليلة، والسماء تبكى لحديثه، إن الوشم المزروع على ذراعه كان بعد ثلاثة أيام من زواجه منها.. كانت القاهرة يومها تحتفل بمولد الحسين.. يومها أخذ عروسه وغابا وسط زحمة المولد.. ثم التقيا برجل بدأ يرسم بالوشم على ذراع أبى صورة، وهو ينظر إلى أمى التى كانت تحاول إخفاء خجلها وابتسامتها.
أسماء دائمًا تنام فى أول الليل على صورة أمى، ثم سرعان ما يغلبها النعاس، فينقلنى أبى على ذراعه، فأشعر بأننى انتصرت على أسماء، حتى ما إن يأتى الصباح أجدنى- أنا وأسماء- كل منا فى ناحية وأبى يحتضن بذراعه الفأس هناك بعيدًا وسط الغيطان.
غاب أبى هذا الأسبوع عن البيت والغيط.. القاهرة تحتفل بمولد الحسين.. غاب وسط المولد، ثم عاد لنا بحلوى.. وعلى ذراعه اليسرى صورة لعروس.. فرحت أنا وأسماء أختى، غير أن الصورة لم تكن تشبه صورة أمى.. كانت تشبه تلك المرأة الغريبة التى جاء بها أبى.