رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تسقني وحدي..رائعة الأديب سعد مكاوي

جريدة الدستور

لم يحتمل البقاء فى قريته القابعة فى صعيد مصر، والتى سادها الظلم وملأت النميمة أركان بيوتها، لذا طلق الدنيا ثلاثة ثم وجه قبلته نحو القاهرة، قاصدا البحث على الروح والزهد والإرتقاء إلى السمو الربانى والنفحات النورانية. تبعة فى الرحلة صديقة مروان، إلا أن مروان لم يكن له عزما كصاحبة.

بين مدقات الجبال القاسية، وعواء الذئاب الجائعة، وفحيح الثعابين الخبيثة، وزحف العقارب الصامتة، صرخ مروان فى صاحبة كيف أطعتك يا علاء الدين، كيف تركت زوجتى هنادي وجئت معك إلى المجهول؟.

أنت مجنون لا هم لك إلا المواويل والبحث عن أشياء غريبة لا تسكن إلا عقلك المريض، لابد وأن أعود.. حاول علاء الدين أن يثنيه عن قراره إلا أنه رفض. أكمل علاء الدين سيره وحيدا حتى وقف على باب مغارة فى عمق الجبل، تنام أمامها فى دعة وسكينة غزالة صغيرة.

خرج له شيخ كبير، لحيته بلون الثلج فابتسم فى وجهه وقال: لا تخف يا علاء الدين فالباحث عن الحقيقة لا يخاف.. عرف علاء الدين أنه القطب الصوفى السهروردي.. الذى أكرمه ثم نصحه بالسير إلى جبل المقطم، حيث الأمام عمر بن الفارض.. أكمل علاء الدين السير ليصل إلى غايته..

كانت رباب زوج علاء الدين واختها هنادى زوج مروان على نفس المدق، كل منهما تريد اللحاق بزوجها لتعيده إلى دنياه بعد وصلة من التأنيب والتأديب.. التف الذئاب حول الأختين، فأدركتا أنهما هالكتين لا محالة. فاستسلما لقدرهما مع كيل من اللعنات لزوجيهيما غير أن علاء الدين حظى بالنصيب الأكبر من هذه اللعنات، فهو الذى أضل صاحبه. وعلى حين غفلة ظهرت غزالة فاقتربت من جمع الذئاب الجائعة، ثم ركضت بعيدا فركض قطيع الذئاب خلفها.

انفك الحصار من حول رباب واختها، وبعد ساعة من المشي المضني، وجدت هنادي قميص زوجها وبقايا جثته التى التهمتها الذئاب، فصرخت فى شقيقتها زوجك هو السبب.
وصلا إلى مغارة السهروردى فأخبرهما أن مروان هو الذى أصر على العودة لضعفه وقلة حيلته، كما أخبرهما بعنوان بيت ابن الفارض. فأكملا السير حتى وصلا إلى المقطم، ومنه إلى بيت القطب الصوفي وهناك أمسكا بتلابيب علاء الدين.

تمر الأيام وعلاء الدين ينشد مواويله فى المقاهي، ليحث الناس على التقوى والحب ومقاومة ظلم وزير الحسبة، الذى أرسلت زوجته الغانية إلى علاء الدين تطلب منه أن يخبر شيخه أنها ترغب فى ليلة معه.
رفض علاء الدين عرضها وأخبر صاحبه حسن فأضحت قصة زوج الوزيرعلكة فى أفواه الرجال والنساء.
وبعد عزلة ويأس تحولت هنادي إلى غانيه بعد أن التقطتها إحدى القوادات، ولما دخل عليها حسن عرفها فأخذها عنوة من بيت القوادة وتزوجها.

لم تهدأ زوج الوزير فقررت الانتقام من علاء الدين فقتلت زوجها، واتهمت علاء الدين بقتله، فر علاء الدين إالى الجبل حيث السهروردي، فلحق به العسس وقرروا قتله وقتل شيخه وذبح الغزال.

فاجتمع الغزلان من كل حدب وصوب، والتفوا حول العسس فأرهبوهم، فعلا صراخهم وطلبوا النجدة من السهروردي وعلاء الدين الذي أخذ ينشد أشعار شيخه ويقول له لا تسقني وحدي.

.قصة عن رواية لا تسقني وحدي للكاتب سعد مكاوي، صادرة عن الهيئة المصرية للكتاب.