رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمعة شدّ السيفون




ما توقعناه حدث، وقام المصريون، أمس الجمعة، بـ«شد السيفون» على ما تبقى من النفايات المنتمية إلى جماعة الإخوان أو المركوبة منها. بعد أن فعلت الآلة الدعائية للإرهابيين كل فى وسعها لزعزعة ثقة المصريين فى قائدهم، وتشويه صورة جيشهم، وإشعال الفتنة بينهم، لوقف مسيرة التنمية والبناء.. وإغراق البلاد فى بحور من الدماء.
قبل وبعد قيام المصريين بكنس الإخوان والإطاحة بهم من الحكم، لم تتوقف المحاولات التركية القطرية للنيل من أمن مصر واستقرارها. ومؤخرًا، حاولت استغلال أكاذيب وهلاوس بصقتها على لسان مقاول هارب، لتواصل دورها التخريبى الذى بدأته بإسقاط العراق فى ٢٠٠٣، واستمر مع ما توصف باحتجاجات الربيع العربى أواخر ٢٠١٠ وبداية ٢٠١١، وإلى أن يتحقق هدفها، الذى لن يتحقق، بتقسيم وتفتيت وتخريب المنطقة العربية بأسرها، فإن الآلة الدعائية التركية القطرية لن تتوقف عن اختلاق الأكاذيب وإطلاق الشائعات، وسيستمر الموتورين أو المركوبين فى تصديقها، وإغماض أعينهم عن الحقائق، مهما كانت درجة وضوحها.
خبراء صناعة الأكاذيب، الذين يعملون لحساب تلك الآلة، كانوا يراهنون على أن أكاذيبهم ستلف العالم قبل أن ترتدى الحقيقة ملابسها. وتكفى الإشارة، مثلًا، إلى أن دراسة صادرة عن معهد «ماساشوستس» الأمريكى، أظهرت أن الأخبار الكاذبة تزداد نسبة إعادة نشرها على شبكات التواصل الاجتماعى بنحو٧٠٪ مقارنة بالأخبار الصحيحة، ما يعنى أن مساحة المستنقعات على تلك الشبكات، تكاد تتساوى مع مساحة البحار والمحيطات على الكرة الأرضية. وأضف إلى ذلك أن التاريخ، كما أشرنا أمس، ملىء بآلاف الأمثلة على حروب إعلامية ساخنة جدًا، شنتها أجهزة مخابرات دول، تنافست فيما بينها فى ابتداع أشكال مختلفة من الأكاذيب وحملات التضليل.
مع ذلك، فشلت الرهانات والمراهنات، وارتد ما فعلته الآلة الدعائية للإرهابيين إلى صدور محركيها، وحدث ما توقعناه أمس، وقام المصريون بشد السيفون على ما تبقى من النفايات المنتمية إلى جماعة الإخوان أو المركوبة منها. غير أن الروائح التركية القطرية العفنة، ستظل تزكم الأنوف، ولا نعتقد أن هناك وقتًا أنسب من هذا، لتلقى الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب كرة العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة فى ملعب جامعة الدول العربية، بعد أن ألقت مصر كرة مجنون تركيا فى ملعب المجتمع الدولى.
ليس هناك وقت أنسب من هذا، لاتخاذ موقف عربى قوى لاستعادة الإمارة الضائعة، وتخليصها من العائلة الضالة التى تحكمها بالوكالة. ليس هناك وقت أنسب من هذا، لصدور قرارات تأديبية رادعة أقلها تجميد عضويتها فى جامعة الدول العربية. والإشارة هنا مهمة أن «الدستور» طرحت منذ أكثر من سنتين، تحديدًا فى ٥ يونيو ٢٠١٧، مبادرة لتجميد عضوية قطر فى الجامعة، ناشدت فيها الأمين العام بألا ينتظر أن تتحرك الدول لتطالب بذلك، وبأن يبادر هو بالدعوة إلى اجتماع عاجل لمناقشة الأمر على وجه السرعة. غير أن «الجامعة» تجنّبت دور «الفاعل» وتمسكت بدورها المعتاد، دور «المفعول به».
أيضًا، كنا قد اقترحنا، فى مقال «الجامعة والإمارة الضائعة»، صيغة أو تصورًا للعقوبات التى قد تكون رادعة، والتى سبق أن أصدرت «الجامعة العربية» قرارات تشبهها ضد سوريا، بينها تجميد جميع الأرصدة المالية للحكومة القطرية ووقف التعاملات المالية معها، وتجميد أرصدة كل الأشخاص والمسئولين الداعمين للإرهاب، تحدد أسماءهم لجنة من الخبراء. وكذا تجميد تمويل إقامة مشروعات قطرية على أراضى الدول العربية. ووقف تعامل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزى القطرى. وطبيعى أن تبحث الجامعة كيفية تجنيب الشعب القطرى آثار تلك العقوبات. ولن نمل من تكرار الطرح والمقترح، بعد أن بات فى حكم المؤكد أن العائلة الضالة تُصر على دعم التنظيمات الإرهابية وإيواء قياداتها، ولن تتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة، وستواصل محاولاتها فى زرع بذور الفتنة وتهدد الأمن القومى العربى.
بهذا الشكل، كان طبيعيًا ومنطقيًا أن تصبح رءوس «موزة المسند» وعائلتها الضالة، مطلبًا شعبيًا، خاصة بعد حملة التحريض التى أطلقتها على شاشة «الجزيرة مباشر»، مساء الخميس، واختارت لها عنوان «سبتمبر بين السيسى والسادات.. هل تتشابه النهاية؟»، زاعمة أن الأوضاع الحالية فى مصر تشبه الأوضاع التى شهدتها البلاد فى سبتمبر ١٩٨١، والتى قادت إلى اغتيال الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات. وبمنتهى الفجاجة أو العهر زعمت قناة «موزة» أن «تلك الأوضاع ستقود السيسى إلى نهاية السادات نفسها».
.. ولا تبقى غير الإشارة إلى ثقتنا المطلقة فى أن قواتنا المسلحة قادرة، قطعًا، على تسوية تلك الإمارة المارقة بالأرض. ولا نعتقد أن هناك ما يمنعها أو يغل يدها، غير شفقتها على شعبها الشقيق، الذى لا حول له ولا قوة.