رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اختفاءات غامضة وملاحقات تكشف صراع المخابرات الأمريكية والروسية

جريدة الدستور

بعيدا عن عدسات الكاميرات ومصافحات قاعات المؤتمرات، لا تزال حروب المخابرات وتجنيد العملاء السريين والتجنيد المضاد دائرة على أشدها بين الولايات المتحدة وروسيا وهو ما كشفته تفاصيل اختفاء مسئول سابق بالكرملين قالت واشنطن إنه كان جاسوسا لها فى الكرملين واعتقال رجل أعمال ودبلوماسي روسي سابق قالت واشنطن إنه تجسس عليها لحساب موسكو.

وقالت مصادر إخبارية أمريكية إن سلطات الأمن الروسية قد عاقبت مسئولين على خلفية فرار أحد معاوني الرئاسة الروسية الكرملين إلى خارج الأراضى الروسية وانشقاقه حيث كان يتجسس لحساب الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت شبكة (سى ان ان) الإخبارية الأمريكية قد أعلنت في التاسع من الشهر الجارى نبأ انشقاق وهروب مسئول الكرملين الروسى دون الإشارة إلى اسمه وقالت إن الرجل كان قد تسلل إلى خارج روسيا خوفا على حياته قبل عامين، لكن صحيفة كوميرسانت اليومية التى تصدر فى موسكو قالت إن مسئول الكرملين الهارب هو اوليج سمولينكوف وأنه يبلغ من العمر 50 سنة وأنه اختفى هو وزوجته وأبنائه الثلاثة فى صيف العام 2017 بينما كانوا يمضون عطله استجمام فى جمهورية الجبل الأسود.

وبحسب التقارير الإخبارية اللاحقة تبين أن سمولينكوف كان دبلوماسيا سابقا قبل أن ينتقل للعمل فى الكرملين كمساعد ليورى اوشاكوف سفير روسيا السابق في الولايات المتحدة وكبير مستشارى العلاقات الدولية للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وبرغم ذلك قللت السلطات الروسية من واقعة اختفاء مسئول الكرملين..نافية أن يكون المسئول الروسى الفار من المطلعين على معلومات استخبارية ذات طابع حساس أو سرى فى دوائر صنع القرار فى روسيا.

وقالت وكالة (انترفاكس) الإخبارية الروسية إن تحقيقات وإجراءات تأديبية قد تمت بحق عدد من المسئولين الروس بمعرفة الكرملين بتهمة التقصير والسماح للسفير السابق سمولينكوف وأفراد عائلته بالسفر إلى الجبل الأسود واختفائهم هناك، وكشفت انترفاكس عن عمليات إقالة تمت بحق مسئولين روس لمخالفتهم تعليمات الكرملين الصادرة فى صيف العام 2016 ولا تزال سارية بمنع سفر موظفى الدولة الروسية إلى الجبل الاسود.

و تعد جمهورية الجبل الاسود إحدى مكونات يوغوسلافيا قبل تفككها وقد تدهورت علاقاتها مع موسكو فى أعقاب زعم مسئوليها بضلوع الاستخبارات الروسية بالتخطيط لعمل انقلاب وتصفية رئيس حكومتها.

كما أفادت تقارير إخبارية من موسكو بأن الخارجية الروسية قد تقدمت بطلب للشرطة الدولية الانتربول للبحث عن اوليج سمولينكوف وعائلته الهاربين، وقال الناطق باسم الحكومة الروسية إن بلاده قد أقدمت على ذلك كأى بلد يطلب من الانتربول البحث عن مواطنيه لدى اختفائهم على أرض بلد آخر وهو ما ينطبق على اوليج سمولينكوف وأفراد عائلته.

لكن ظهور اوليج سمولينكوف المفاجىء فى الولايات المتحدة وهو ما تناقلته التقارير الإخبارية الأمريكية كان فرصة انتهزها المتربصون بالرئيس الأمريكى المقدم على انتخابات رئاسية فى العام القادم للنيل منه سياسيا زاعمين أن تصرفاته كانت سببا فى انكشاف أمر سمولينكوف وأنه "عميل لا يعوض" وبينما اعتبرت وسائل الإعلام الأمريكية أن إنهاء عمل مصدر معلوماتي مهم وفى منصب رفيع مثل سمولينكوف من جانب الاستخبارات الأمريكية وتهريبه هو إجراء خاطىء فى توقيت غير مناسب.

وقال الناطق باسم المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى ايه) إن تقارير تقييم ومتابعة أداء هذا العميل تبين أنه لم يعد هناك شيء مهم يمكن أن يقدمه للاستخبارات الأمريكية كما أن طول فترة عمله في روسيا قد تعرضه للانكشاف وما يعنيه ذلك من خطورة على حياته وأسرته حال بقائهم داخل روسيا.

وقالت تقارير إخبارية ل سى أن أن ان قرار تهريب المسئول الروسى السابق من جانب الاستخبارات الأمريكية قد اتخذ فى أعقاب اجتماع قمة بين بوتين وترامب فى مايو 2017 شارك فيه مسئولون كبار من كلا البلدين منهم سيرجيه لافرورف وزير خارجية روسيا وسيرجيه كاسيلياك الذى صار فيما بعد سفيرا لروسيا لدى واشنطن.

ونقلت (سى ان ان) المعروفة بميلها لانتقاد الرئيس الأمريكى عن مصدر مخابراتى – لم تسمه - أن الرئيس لا يقدر اعتبارات السرية المطلوبة فى حديثه مع نظرائه الدوليين وأنه يتسبب بذلك أحيانا فى كشف أمر عملاء الولايات المتحدة.

لكن الاستخبارات الأمريكية المركزية سرعان من برأت ساحة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من تلك المزاعم كاشفة عن أن هروب سمولينكوف وعائلته يعود إلى العام 2017 وأن الاستخبارات الأمريكية هى التى رتبت خطوات هروبهم بنجاح وهى العملية التى اتخذت الاسم الكودى "الأراضى المحظورة ".

وفى منتصف سبتمبر الجارى كشفت الشرطة الإيطالية بمعاونة الانتربول عن إلقائها القبض على رجل أعمال روسى يدعى يارشيف كورشينوف – 57 سنة – بتهمة التجسس لحساب روسيا على قطاع الطيران المدنى الأمريكي، وسلمت الشرطة المشتبه الروسى – وهو مسئول سابق فى الخارجية الروسية - إلى السلطات الأمريكية بناء على طلبها، وقالت مصادر أمنية إيطالية إن توقيف المطلوب الروسى قد تم فى الثلاثين من أغسطس الماضى لدى وصوله إلى مطار نابولى الدولى ولم يتم الإعلان عنه فيه حينه لاعتبارات أمنية.

وتتهم الولايات المتحدة يارشيف كورشينوف بالتجسس للمخابرات الروسية والحصول على معلومات عن قطاع النقل الجوى الأمريكى تستفيد منها روسيا، وتقول واشنطن كذلك إن شخصا إيطاليا يدعى موريزيو بولو بيانكى – 59 سنة – قد عاون كورشينوف فى عملية التجسس وطلبت الولايات المتحدة من السلطات الإيطالية القبض عليه وتسليمه وهو لا يزال هاربا ولم تصدر بشأنه أي تعليقات من الحكومة الإيطالية حتى الآن.

ويتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (اف بى اى) العميل الروسي وشريكه الإيطالي بسرقة تصميمات تطوير لمحركات الطائرات المدنية قامت بها شركة جنرال اليكتريك الأمريكية وتزويد مؤسسة افياديف جاديل الروسية للصناعات الجوية المدنية بها وكذلك القيام ببيعها إلى بلد آخر ينافس الولايات المتحدة، وكان المقبوض عليه الروسى يعمل فى السابق لدى مؤسسة جنرال اليكتريك الأمريكية فى قطاع التصنيع الجوى وهو ما سهل له سرقة أسرار وتصميمات تلك المحركات المتطورة ونقلها إلى روسيا وهو ما تعتبره الاستخبارات الأمريكية نوعا من التجسس الضار بالأمن القومى الأمريكى والتى تصل عقوبته إلى عشر سنوات من السجن المشدد وفق القوانين الأمريكية.