رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكومبارس الخونة.. سيموتون غرباء


لا يختلف اثنان على أن مصر تواجه منذ ثورة ٣٠ يونيو أكبر موجات الحروب النفسية على مر التاريخ، فكم الشائعات والأكاذيب التى تروج ضدنا فى وسائل الإعلام الدولية والسوشيال ميديا سيل لا يتوقف على مدار الساعة، وبعض ما يقال يؤثر على بعض الناس من دون شك، وأغلبه كالزبد يذهب هباء.
لكن المتابع لهذا الهجوم الرهيب لا بد أن يتوقف أمام ظاهرة فريدة فى هذه «الحرب غير المقدسة على مصر»، وهى ظاهرة الاستعانة بعدد من الممثلين أغلبهم يصنفون ككومبارس، وهم عشرة حتى الآن، ثلثهم على الأقل من الشواذ جنسيًا، وهذا ليس سبًا والعياذ بالله، فأحدهم يتباهى بهذا على صفحته بموقع تويتر، ويشجع من يرفعون علم الشواذ «الرينبو»، وثانيهم ضبط وهو يمارس الفعل الشائن فى غرفة باستديو سينمائى، بواسطة نجمة كبيرة صرخت بأعلى صوتها عندما شاهدته على هذا النحو، وثالثهم ورابعهم لا تخطئهما العين، فيما اكتفى الباقون بالشذوذ السياسى.
هى ظاهرة تستحق أن تدرس بواسطة خبراء الطب النفسى، وعلماء السياسة والاجتماع وبعض النقاد السينمائيين الشرفاء أيضًا.. فلماذا يقبل الكومبارس أو ممثلو الأدوار الثالثة والرابعة والخامسة الدخول إلى عالم السياسة من باب خيانة الوطن؟!.. هل هى محاولة للحصول على البطولة التى حلموا بها كثيرًا، لكنهم اكتشفوا وهم على مشارف الخمسين أو ما بعدها أنها كانت مجرد سراب.
كثير من الكومبارس دخلوا إلى عالم السينما وعينهم على البطولة، وقليلون جدًا من حققوا هذا الحلم، أشهرهم، فى مصر، على سبيل المثل وليس الحصر، فريد شوقى وهند رستم وأنور وجدى.. وغيرهم الكثير.
والذين يتابعون كواليس عالم السينما يعرفون أن أحلام الكومبارس وشغفهم بسرقة الكاميرا تسبب الكثير من المتاعب للمخرجين، فهم لا يستسلمون بسهولة، لأنهم يدركون أن خطوات قليلة قد تنقلهم من عالم الفقر والحرمان والتهميش إلى دنيا النجومية والشهرة والثراء، ولهذا فإن صدمتهم تكون فوق الاحتمال أحيانًا عندما يدركون أنهم تحالفوا مع الفشل إلى الأبد.
الظاهرة التى أدعو لتأملها بدأت فى الخمسينيات بممثل قدم العديد من الأدوار، لكنه لم يحظَ أبدًا بنجومية الصف الأول التى كان يحلم بها، وهو عبدالغنى قمر، ففى عام ١٩٥٦ وأثناء العدوان الثلاثى على مصر اتهم باشتراكه فى حملة الهجوم على مصر من خلال عمله فى إذاعة تبث من قبرص أنشأتها القوات البريطانية تسمى «صوت مصر الحرة»، وذلك بعد استقالة جميع المذيعين العرب من الإذاعات الناطقة بالعربية، وكان يدعو الشعب المصرى للانقلاب على عبدالناصر، وعقب توقيع معاهدة كامب ديفيد واصل هذا الممثل خيانته من خلال إذاعة كانت تبث برامجها من ليبيا، وكان يهاجم فيها الرئيس السادات بضراوة ويدعو للانقلاب عليه، وتم إغلاق الإذاعة بعد ذلك وجبن أن يعود لمصر وظل إلى أن مات خارج الوطن عام ١٩٨١.. حتى قيل عنه إنه «عاش خائنًا ومات غريبًا».
وبعد ثورة ٣٠ يونيو عادت حكاية الاستعانة بالكومبارس وأنصاف وأرباع المشاهير من الممثلين، ليدخلوا السياسة من باب «الخيانة»، فشاهدنا ممثلًا مثل محمد شومان، أدى عشرات الأدوار ونجح فى بعضها، لكن لم يعرف أحد اسمه إلا بعد أن قدم برنامج «شومان شو» على قناة الشرق، التى يبثها الإخوان من تركيا، وكذلك هذا الممثل الخمسينى المجهول هشام عبدالله صاحب العبارة الشهيرة فى فيلم الطريق إلى إيلات «يا ريتنى كنت معاهم»، تراه يعمل فى قناة الشرق معارضًا بدرجة ممثل، يحاول أن يعوض ما فاته من أحلام البطولة ببطولة أخرى فى عالم الخيانة.
تغريدات خالد أبوالنجا التى يدافع فيها عن المثلية والتى يؤكد فيها أنها- أى المثلية- ليست الحالة الجنسية فقط، أصبحت أشهر من أدواره التى قدمها على الشاشة، وربما كانت هذه التغريدات هى السبب فى الترحيب به فى جلسة استماع بالكونجرس تحدث فيها ضد بلده، مع رفيق درب الهوى عمرو واكد، الفلسطينى الأصل الذى نسى قضيته وأصبح همه التحريض على قلب نظام الحكم فى مصر، وهو معذور فربما اعتقد أن سقوط الحكم فى مصر سيكون بداية استعادة القدس والأقصى، ويبدو أنه «حول» نضالى قد أصابه، أما «... عبدالحميد» المناضل الأحفورى فلن أقول عنه شيئًا، وأكتفى بالقول: «اسألوا عنه النجمة المحترمة جدًا التى أحتفظ باسمها حتى لا أوقعها فى الحرج».
وأخيرًا ابتلانا الله بكومبارس جديد، يأكل أموال اليتامى، وهم أبناء شقيقه الذى توفاه الله فى حادث سيارة، ويستدرج أرملته لتوقع على أوراق تسقط حقوقها فى شركة زوجها، فتلجأ الأرملة مع أمه «نعم أم الكومبارس محمد على» إلى القضاء، وتحصلان على حكم ضده، ومع هذا يحاول هذا الكومبارس أن يمثل دور البطولة، وأن يشككنا فى جيش بلدنا وفيما يقوم به من أعمال وإنجازات عظيمة منذ خمس سنوات، فيجد من يتبناه من الخونة، وسوف يسلطون عليه الضوء ويمنحونه إقامة، وربما جنسية غربية، ثم يلقونه كورقة تواليت اتسخت بقاذوراتهم، كما فعلوا مع وائل غنيم، الذى لقبوه يومًا بــ«فتى جوجل»، والذى قال الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما إنه يتمنى أن يراه رئيسًا لمصر، وها هو الآن مدمن محطم يرقص نصف عارٍ، ويعترف بأن لديه ميولًا انتحارية منذ ثلاثة أعوام، ومن غير المستبعد أن نرى الكومبارس محمد على يرقص عاريًا مثله، وهو يغنى «ظلموه».
وهناك فى قائمة الكومبارس نصف شاعر ونصف ممثل ونصف رجل، هو محمد ناصر مذيع قناة مكملين، ونصف مجنون أو أكثر كثيرًا هو معتز مطر، وكلاهما عمل لسنوات طويلة فلم يحققا النجاح فى إعلام مصر، فتوجها إلى إعلام الخيانة بحثًا عن بطولة مزيفة تدر عليهم مزيدًا من الدولارات.
أنا لا أشك لحظة فى أن هؤلاء الكومبارس المأجورين الخونة لا يمكن أن يهزوا شعرة فى رأس مصر، ولا أعتقد أن هؤلاء قادرون على أن يسقطوا أى شىء إلا كرامتهم وضمائرهم الميتة، ولكنى بالفعل مندهش وأتساءل- وهذا حقى-: كيف يتخيل أعداء مصر الذين ينفقون المليارات على حلم مستحيل وهو إسقاطها فى الفوضى أنهم قادرون على أن يكسبوا معركتهم بكتيبة من الكومبارس، ثلثها- على أقل تقدير- من الشواذ جنسيًا؟! إنهم لا يعرفون مصر ولا يقدرون حجم قوتها التى تكمن فى محبة أبنائها لها وتمسكهم بها حتى آخر قطرة دم فى عرقهم؟.
سينبح هؤلاء الكومبارس كثيرًا، لكن القافلة ستسير، وسيعيشون خونة ويموتون غرباء.