رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذكريات من سبتمبر


فى ١٠ سبتمبر ١٩٧٠ شعر الرئيس جمال عبدالناصر ببوادر ذبحة صدرية. وفى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠ توفى متأثرًا بالذبحة الصدرية وتولى بعده الرئيس أنور السادات. فى بداية سبتمبر ١٩٨١ مهدت الصحف القومية المصرية للخطاب الذى سيلقيه الرئيس يوم ٥ سبتمبر ١٩٨١ فى الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى بمناسبة بداية الفصل التشريعى.
وفى ٥ سبتمبر ١٩٨١ أصدر الرئيس السادات قراره الشهير بإلغاء اعترافه بالبابا شنودة الثالث. وقد أدى هذا القرار إلى إضافة ورقة جديدة إلى الملف شكلت عنصرًا جديدًا ضاغطًا على الدولة.
وفى نفس اليوم من سبتمبر ١٩٨١ أصدر الرئيس السادات قرارًا باعتقال ١٥٣٦ شخصًا من مختلف الفئات وبينهم كثير من المثقفين وتم اقتيادهم إلى السجون، وشرد عدد منهم من وظائفهم ولم يفرق بين من هو يمينى ويسارى، ولا معتدل ومتطرف، ولا بين أصولى وليبرالى. وضع الجميع فى سلة واحدة وقادهم إلى السجن.
وقد أطلق على عملية الاعتقال لفظًا مستنيرًا، هو التحفظ بدلًا من السجن. وكان من بين المتحفظ عليهم صلاح عيسى، حسين عبدالرازق، ميلاد حنا، حمدين صباحى، كمال عطية، رشدى سعيد، الشيخ عمر التلمسانى، الشيخ عبدالحميد كشك، الشيخ المحلاوى، صالح عشماوى وحلمى الجزار. ومن الكاتبات الدكتورة نوال السعداوى، صافيناز كاظم، لطيفة الزيات وفريدة النقاش. كما شملت قرارات التحفظ عددًا من أساقفة الأقباط.
كما أصدر قرارات بتحويل عدد من الكتاب والمثقفين المعارضين له إلى موظفين فى وزارتى الزراعة والرى وهيئة الاستعلامات.
وفى ٥ سبتمبر أصدر السادات القرار رقم ٤٩٤ لسنة ١٩٨١ بإلغاء تراخيص عدد من الصحف والتحفظ على أموالها، وهى: الشعب، الموقف العربى، الدعوة، الكرازة المرقسية، الاعتصام، المختار الإسلامى، وطنى.
وفى ٢٣ سبتمبر ١٩٨١ أجرى الرئيس السادات حديثًا مع مراسل تليفزيون N.B.C أعلن فيه أنه سيقوم بإرسال الأسلحة والمعدات إلى ثوار أفغانستان الذين يقاتلون السوفيت، لأنهم مسلمون ويواجهون متاعب بسبب عقيدتهم الإسلامية، وأعلن أن عمليات شحن الأسلحة على متن الطائرات الأمريكية قد بدأت.
كانت الأسئلة التى توجه للرئيس كلها تتحدث عن التوتر والتصعيد. وعندما تولى الرئيس مبارك أصدر فى ٣ يناير ١٩٨٢ قرارًا بعودة ٣٠ صحفيًا إلى وظائفهم التى كانوا يشغلونها فى المؤسسات الصحفية واتحاد الإذاعة والتليفزيون. ويتضمن القرار إعادة ٢٩ أستاذًا من أساتذة الجامعات إلى وظائفهم فى الجامعات التى كانوا فيها.
وفى أثناء وجودها فى السجن كتبت نوال السعداوى رسالة إلى توفيق الحكيم ويوسف إدريس. قالت لتوفيق الحكيم باعتباره رئيسًا لاتحاد الكتاب، رئيس لجنة القصة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب: أنا عضوة باتحاد الكتاب، وعضوة بلجنة القصة، وقد دخلت السجن دون تحقيق ودون جريمة، أرجو أن ترفع صوتك ضد هذا الحبس غير القانونى، وأن ترسل مندوبًا من اتحاد الكتاب ليكتب تقريرًا عن حالة الزنزانة التى أعيش داخلها.
وفى الرسالة نفسها إلى يوسف إدريس قالت: أنت زميل لى فى اتحاد الكُتّاب ولجنة القصة ولك مقال أسبوعى بجريدة الأهرام، أرجو أن تكتب شيئًا ضد قرار الحبس دون تحقيق ودون جريمة. لم ينطق توفيق الحكيم أو يوسف إدريس بكلمة واحدة. لم يجتمع اتحاد الكتاب ليقرر إرسال مندوب ليرى حال الزنزانة. وفجأة بعد قرار الإفراج يخرج يوسف إدريس عن صمته ويرسل إلى رئيس الدولة يهنئه بعبارات التمجيد والولاء.