رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين ذهبت رفات الموتى؟.. حقيقة هدم مقابر عين الصيرة بالقاهرة

جريدة الدستور

العام 2014 توفيت والدة «مريم حسنين» 20 عامًا، ودفنتها في مقابر أجدادها بمنطقة عين الصيرة التابعة لمحافظة القاهرة، وداومت على زيارتها في ذات المكان كل فترة، من أجل تنظيف المدفن والدعاء لها والبكاء عليها أيضًا.

مرت 5 أعوام لم تترك فيها الفتاه مناسبة إلا زات أمها، وفي ليلة قريبة ماضية كانت تتصفح المواقع الإخبارية، إذ بها تتفاجئ بحديث عن هدم بعض مقابر عين الصيرة من أجل تطوير المنطقة وبناء كوبري جديد.

«مريم» لم تكن الفتاه الوحيدة التي لم تعرف إلى الآن أين نقلت رفات والدتها، بعدما هدمت مقبرتها بمدافن الإمام الشافعي، فالواقعة آثارت جدلًا كبيرًا خلال اليومين الماضيين، لاسيما مع نفي المحافظة ذلك وأنها راعت حرمة الموتى.

«الدستور» كانت مع متضرري تلك المقابر المهدمة، والذين لم يعرفوا إلى أين ذهبت رفات ذويهم الموتى، مع إعلان المحافظة أنها قامت بهدم ما يقرب من 52 مقبرة فقط من أجل ذلك المشروع.

تقول مريم إنهم أزالوا جزء من المقابر ومن المقرر أن يتم هدم الجزء الباقي، مضيفة: «اليوم ده صحيت على كارثة أن تم هدم مدافن الإمام الشافعي باللوادر، ودي المدافن اللي فيها ماما وجدودي وجداتي وعمامي وعماتي، أهلنا كلهم حتى جيرانهم مدفونين جنبهم».

توضح أنهم إلى الآن لا يعرفون أين العظام أو رفات الموتى، وكل ما علموه أن السبب هو بناء كوبري جديد في تلك المنطقة، مضيفة أنه كان لا بد من بناء ذلك الكوبري في أي مكان بعيدًا عن المقابر.

البيان الرسمي الوحيد الذي خرجت به محافظة القاهرة بخصوص تلك الواقعة، نفت فيه فقط قيامها بهدم عدد من المدافن بمنطقة عين الصيرة، وترك الرفات بدون نقلها، مؤكدة أنه نظرًا لأعمال التطوير القائمة بالمنطقة فقد تم تحديد عدد 52 مقبرة يجب إزالتهم كمرحلة أولى لتنفيذ مشروع التطوير.

وأضاف البيان أنه تم توفير أماكن بديلة لأصحاب هذه المقابر بمدينة 15مايو، وتم تسليمهم المقابر والتأكيد عليهم بنقل رفات أسرهم بمعرفتهم بواسطة سيارات إسعاف قبل البدء في أعمال الهدم.

لم تكن «مريم» الوحيدة، فهناك «منال زايد» 30 عامًا، أحد المتضررين من هدم تلك المقابر ونقل رفات الموتى، والتي دفنت بها والداه منذ ثلاث سنوات مضت، إلا أنها في إحدى الزيارات المعتادة له تفاجئت بالأمر.

تقول أنها في إحدى المرات كانت تزور مدفن والدها، وتفاجئت بكردون أمني يمنع دخول الزائرين، وبعض العمال وهم يقمون بنقل رفات الموتى، وحين سألت عن مقبرة والدها وجدتها تهدمت بالفعل.

تضيف: «جزء من مشروع لسه هيكمل في كل القاهرة الكبرى، لعمل كوبري يربط منطقه متحف الحضارات بالاوتوستراد والطريق الدائري»، مشيرة إلى أن لا أحد أخطرها بذلك وقت النقل حتى تستلم مقبرة أخرى لوالدها بمدينة 15 مايو كما أعلن.

تشير إلى أن الهدم شمل المقابر في أول طريق الخيالة مرورًا بالإمام الليثي، والإمام الشافعي، موضحة أن ذوي الموتى من المفترض أن يتقدموا بأوراق المدفن في إداره الجبانات بمحافظة القاهرة، للتعويض بمدفن آخر بمدينه 15 مايو، إلا أنها لم تلحق ذلك وضاعت رفات والدها.

منذ زمن وتشكل مقابر عين الصيرة أزمة بسبب شغلها مساحة 2019 فدانًا، وظهور مشاكل عدة بها، من ارتفاع منسوب المياه في المقابر، رغم أنها تضم أحياء كثيرة في بقعة واحدة.

«محمود» 25 عامًا، حالة أخرى من أصحاب تلك المقابر، والذي نقل رفات شقيقه إلى مدينة 15 مايو، وأحد الذين تم إبلاغهم قبلها في يوم تنفيذ عمليات الهدم المقررة لبعض المقابر.

يقول: «قبيل يوم الهدم كلمني حد من الحي عشان أحضر عملية نقل رفات شقيقي، وفعلًا روحت واتنقلت في عربيات إسعاف لحد مدينة 15 مايو، بعيدة عن سكن معظم أهالي الموتى».