رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كواليس إعلان نتنياهو لضم غور الأردن : مشادة مع أجهزة الأمن .. وصراخ في الهاتف

جريدة الدستور

وعود الانتخابات بشكل عام، ووعود بنيامين نتنياهو بشكل خاص يفضل التعامل معها بهدوء، فهي مثلما قال شيمون بيريز: "مثل العطر نشمه ولا نشربه".
قبل أسبوع من الانتخابات، ومع الاستطلاعات التي توقفت عند 57 – 58 مقعد لكتلة اليمين، ومع جلسة استماع له في التحقيقات المُثارة ضده على خلفية قضايا الفساد في 3 نوفمبر المقبل، كان على "نتنياهو" أن يخرج الأرنب الأخير من قبعته السحرية بعدما انتهت كل الخدع.
حاول تمرير قانون الكاميرات في مراكز الاقتراع، وقال إنهم يسرقون منا الانتخابات، وبعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بهضبة الجولان. لم يتبق إلا الوعد بفرض السيادة على لغورالأردن، وعلى شمال البحر الميت، خاصة بعدما بدا له أن ضم مستوطنات الضفة كلها دفعة واحدة سيكون صعباً.
"نتنياهو" هذه المرة وضع شرطين لوعده وهما "إذا فاز في الانتخابات"، وإذا وافق البيت الأبيض على ذلك، الذي يقف على رأسه رئيس متقلب، يخطط للقاء الرئيس الإيراني قريباً!
أعلن "نتنياهو "الأسبوع الماضي، أنه سيقوم ببسط السيادة الإسرائيلية، على غور الأردن وشمال البحر الميت بعد الانتخابات"، مضيفاً: "لن يكون هناك انفصال من أي مستوطنة في عهدي".
وأكد أن سيتم فرض السيادة الإسرائيلية على كل المستوطنات والمناطق الاستراتيجية بالاتفاق مع واشنطن بعد نشر صفقة القرن، مطالباً الجمهور الإسرائيلي بمنحه تفويض كامل للقيام بهذه المهمة، مشيراً إلى الجيش الإسرائيلي يجب أن يكون في كل مناطق غور الأردن لضمان عدم تحول الضفة الغربية إلى منطقة كقطاع غزة، وليكون لإسرائيل حدود شرقية ثابتة، كما أشار إلى أن خطته للضم لن تشمل المدن الفلسطينية مثل أريحا في غور الأردن.
هذا معروف فأريحا وفقاً للتوراة ليست ضمن الأرض الموعودة؛ ففي أحدى إصحاحات التوراة كتب: "ولا تطأ قدمك أرض غزة وأريحا"، فتنازل نتنياهو عنها ليس بدوافع سياسية أو لمنع الاشتباك مع الأردن، هذه عقيدة توراتية.
مثلما قال الكاتب الإسرائيلي "بن كيسبت" إذا كان نتنياهو يريد فعلاً ضم الغور كان ضمه في يوم واحد، هو فقط أراد عرض مثير جديد قبل أيام من الانتخابات.
هذه ليست المرة الأولى التي يعد فيها نتنياهو بوعود لم تُنفذ، فهو من قبل تعهّد بالبناء في مستوطنة معاليه أدوميم قبل الانتخابات الماضية، ولم يحدث هذا بعد فوزه فيها، كما أنه تعهّد بالقضاء على حركة "حماس" قبل الانتخابات وهذا لم يحدث أيضاً.
بحسب التقارير العبرية، نتنياهو لم يجر بعد أي نقاش عميق بشأن قراره "الدراماتيكي"، لم يطلب عقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر، ولم يطلب من مجلس الأمن القومي إجراء نقاش، ولم يجتمع برئيس الأركان، ولم يستشر رئيس الموساد، ولم يجتمع أيضاً برؤساء المنظومة الأمنية حول القرار.

وحسب ما نشره الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت، فإن "نتنياهو تعرض لانتقادات حادة جداً في محادثة مع رئيس الأركان ورئيس جهاز الأمن الداخلي الشاباك بسبب نيته الإعلان، مسؤول كبير قال لمعاريف: "حدث غير مسبوق من حيث النبرة".
وأضاف "بن كسبيت" أنه عندما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن نيته ضم غور الأردن بعد الانتخابات ، تم إجراء مكالمة تخللها الكثير من "الصراخ" غير المسبوقة بينه وبين قادة الأمن، حينما سعى نتنياهو إلى إطلاعهم بشأن الخطوة المتوقعة.
من ناحية أخرى، فإن نتنياهو لم يبتكر شيئاً جديداً في فكرة الضم، فهي الخطة موجودة منذ الأشهر الأولى بعد حرب 1967، وتم رسمها بدقة في مشروع "آلون".
فقد جاء في المشروع: "الحدود الشرقية لدولة إسرائيل يجب أن تكون نهر الأردن، والخط الذي يقطع البحر الميت في منتصفه، علينا أن نربط بالدولة – كجزء لا يتجزأ من سيادتها – قاطعاً بعرض 10 – 15 كيلو متراً تقريباً، على طول غور الأردن"، وقد عرض المشروع على حكومة ليفي أشكول الذي اختار أن يعرضه دون أن يطرحه للتصويت، ثم نقل المشروع إلى مرحلة التنفيذ لإقامة بنية تحتية استيطانية توجد منذئذ، وبتوجيه من المشروع، شق طريق الون وبنيت بلدات في غور الأردن في المدرجين: على طول طريق 90 وعلى طول طريق الون.
في المداولات في الكنيست على الاتفاق الانتقالي لأوسلو في 1995 رسم إسحاق رابين مبادئه بأن “الحدود الأمنية للدفاع عن إسرائيل ستستقر في غور الأردن"، ثم جاء "إيهود باراك" وتراجع عن ذلك، وتنازله عن غور الأردن تقرر منذئذ في مخطط كلينتون وفي النهج الدولي الأساس لمسيرة السلام، كحجر أساس لحل الدولتين.
التصريح الذي أثار ضجة كبيرة يعلم الجميع أنه لدواع انتخابية وأن نتنياهو من النوع الذي يتحمس قبل الانتخابات ويهدأ بعدها ويمكنه ببساطة أن يقول :"الوقت لم يعد ملائماً لتنفيذ القرار".