رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية "سميرة مليان".. طريق "بليغ حمدى" إلى المنفى الاختيارى

جريدة الدستور

جريمة صاخبة تصحو عليها مصر، فيها إيماءات لشبهة التورط فى ارتكاب موبقات، حفل جنسى، أعراض، وفضيحة تنال من سمعة فنان، فضيحة في الزمالك، سرت من بيت ملحن مصر الكبير العبقري بليغ حمدى، تتحدث عن سقوط امرأة عارية من شباكه لتلقى مصرعها على الفور، الجريمة كان من الممكن أن تمر لولا شيئين، الأول أنها سقطت من بيت ملحن الروائع، والثانى أنها سقطت عارية، فمن كذب على المصريين فى وقائع الجريمة، ليشوه سمعة "بليغ حمدى"؟.

"سميرة مليان" هي بطلة القصة المجهولة، التى ألقت بنفسها من شباك بليغ فى ليلة من ليالى عام 1984، مطربة مغربية كانت تحمل الجنسية الفرنسية، كانت تحلم بأن تصبح مطربة شهيرة مثلما هى الحال مع المغربيات الشابات، وعلى رأسهن سميرة سعيد، فهؤلاء ذهبن إلى مصر وأصبحن من المشاهير، ولكن عائلتها وقفت ضدها وقالتا إن فكرة الطرب هذه غير متاحة في الأساس، ومن هنا يمكن القول إن المعاناة قد بدأت.

في الوقت الذي بدأت فيه مليان التفكير في الطرب بقوة، رأت عائلتها أن السبيل الوحيد للتخلص من تلك الأفكار الساذجة هو أن يتم تزويجها، وبالفعل تزوجت سميرة وأنجبت وهي في سن الثامنة عشر، وهنا ظن الجميع أن مليان قد حصلت على حياة أخرى بخلاف التي تفكر فيها، ولكنها كانت تتدرب وتسجل الأغاني بصوتها، وكان زوجها لايزال مصرًا على عدم الغناء، لم تتردد ولو للحظة واحدة في ترك كل شيء خلفها وهربت.

حصلت على الطلاق من زوجها ثم سافرت إلى فرنسا، وهناك بدأت تحتك بالعرب المقيمين هناك وتغني في الحفلات التي تقام بصفة دائمة، ومع الوقت، حصلت على شهرة بسيطة، في نفس التوقيت ظهر منتج وهمي غريب اسمه "عبدالمجيد تودري"، شخص ثري تقليدي تمكن من إقناعها بقدرته على تحقيق حلمها، وأنه سيقربها من الوسط الفني المصري بفضل علاقاته، ولهذا بدأت سميرة ترى نفسها على أولى خطوات المجد، ولم تكن تعرف أنها تقترب أكثر وأكثر من الشيء الذي لم تكن تنتظره على الإطلاق، الموت.

أوفى المنتج الوهمي بوعده، وأدخل سميرة مليان الوسط الفني من أوسع أبوابه، عن طريق الموسيقار الشهير بليغ حمدي، الذي كان يُقيم في بيته ما يشبه الحفلات الموسيقية، وكان يحضرها كل نجوم ومشاهير المجتمع، بمعنى أن سميرة إذا غنت لهم فسوف تشتهر سريعًا، وهذا ما حدث بالفعل، إذ إنها مع أول حفلة من الحفلات لاقت الإشادة والإعجاب من الجميع.

وفي واحدة من الحفلات الموسيقية التي كان يقيمها بليغ حمدي لضيوفه من الأصدقاء والمشاهير في عالم الفن، قدم سميرة ثم أخبر الجميع برغبته الشديدة في النوم، كان الأمر غريبًا، على الأقل بالنسبة لأولئك الذين يعرفون بليغ جيدًا وشغفه بالفن، فمهما حدث لن يترك بليغ حفلة كهذه ويذهب للنوم، ويقال إنه نام لساعة واحدة فقط ثم خرج مفزوعًا أمام صريخ الحضور، ما الذي حدث؟ لقد عثر على جثة سميرة مليان!.

موتها قد حدث تحت نافذة بليغ حمدي مباشرة، وكانت عارية تماما، وبصورة بديهية بدأت بعض الكلمات تخرج من أفواه الحضور، الجميع كان يردد بكل ثقة أن سميرة مليان قد انتحرت، لكن لماذا تفعل هذا، وهي تبحث عن سلم المجد، وكانت تقترب منه.

قال جميع الشهود إن مليان قد غادرت الحفل بعد ساعات ولم تعد، وأغلب القول إنها قد انتحرت بعد المغادرة مباشرة، لكنهم أكدوا بأنه لم تكن هناك أى شبهات أو أشياء تشير إلى التفكير في الانتحار، وفي نفس الوقت نفوا كون الأمر جريمة قتل أو حتى شبهة في جريمة، فمهما يكن ما حدث لتلك المطربة فهو قد حدث بصورة لا دخل لأحد سواها به، أما تودري فقد غادر مصر إلى السعودية بجواز سفر دبلوماسي ليختفي نهائيًا حتى اليوم كأنه لم يكن.

قضى بليغ حمدى فى مصر أيامًا صعبة، قبل اضطراره للمغادرة، يرتدي نظارة شمس سوداء، ويتحرك بين محاميه، وأصدقائه، اضطر للهجرة، والنفي في باريس خمس سنوات، هربًا من تهمة التحريض على الفجور والقوادة، عاد بليغ حمدي مرة أخرى إلى مصر ومكث فيها حتى موته، وقيل إنه لم يرجع حتى تم التأكد من عدم ملاحقة السلطات القضائية له أو التأكد من براءته إن جاز التعبير، وما تمت ملاحظته وقتها مساندة الوسط الفني الكبيرة للموسيقار بليغ حمدي، وكذلك ابتعاده عن الحياة القديمة، حيث إنه لم يعد يقيم الحفلات والسهرات والأشياء التي كان يفعلها من قبل بعد مقتل سميرة مليان.

كانت "لبنى" ابنة سميرة مليان قد كتبت عدة مقالات فى مواقع مغربية، وألفت كتابًا بالفرنسية، تتحدث فيه عن أمها، سميرة مليان وتبرئتها من كل الأقاويل التى رمتها بالزنا والعهر، ودافعت عنها، وعن أنها ربما تكون قد انتهكت قبل الرمى من النافذة، لأنه كان هناك أثار عنف ظهرت على جثتها، وقالت إن تقليد الرمي من النافذة كان أسلوب التخلص من الخصوم فى فترة من الفترات.