رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«وهم التفتيش».. عصابات مجهولة تنتحل صفة ضباط وتنشئ كمائن مزيفة

جريدة الدستور

يمر بشكل يومي إسماعيل رفعت، 55 عامًا، على الكمين الرئيسي في مدخل مدينة 15 مايو التابعة لمحافظة القاهرة، إلا أنه منذ شهر مضى من الآن، وجد كمين آخر نُصب في منطقة «المثلث» على حدود مدينته.

يصفه قائلًا: «مكون من ضابط وأمنيّ شرطة، وسيارة مرسيدس، وبعض حواجز الطرق التي تستخدم في الأكمنة، وكانت لهجة الضابط تشبه لهجة ضباط الشرطة بالفعل، ويقوم بتفيش السيارات كلها وسحب بعض الرخص».

في يوم مر فيه على ذلك الكمين الذي ظهر بشكل مفاجئ، فوجد الضابط يطلب منه رخصة القيادة الخاصة به، فأعطاها له وفجئ به يطلب منه مبلغ 500 جنيهًا، نظير عدم تحرير محضر لكون رخصته باق لها 10 أيام على الانتهاء.

في المرة الأولى دفعها الرجل، إلا أنه بدأ يشكو وجيرانه من الحجج التي يستغلها ذلك الكمين للحصول على نفس المبلغ كل مرة، وسحب رخصة أحد جيرانه وحين ذهب لاستعادتها تفاجئ بإن تلك المنطقة لا يوجد بها سوى كمين رئيسي واحد.

«إسماعيل» هو واحد ضمن مواطنون كثيرون، معرضون للاستغلال من قبل الكمائن المزيفة التي يتم القبض عليها دومًا خلال الفترة الأخيرة، وينشأها أشخاص مجهولين ينتحلون صفات ضباط شرطة للنصب على المواطنين.

وبالأمس، ألقت قوات الأمن في محافظة القاهرة القبض على عاطلان قاما بنصب كمين مزيف للنصب على المواطنين، والحصول على أموالهم بحجة المخالفة، وانتحلا صفة ضباط شرطة واستيقاف المواطنين على الطريق الدائرى بالمرج.

يقول إسماعيل: «دفعت على مدار ثلاث أيام ما يقرب من 1500 جنيهًا لهم، وحين طلبت من إحداهم إظهار الكارنية الخاص به، رفض بحجة أنهم ضباط وأنا مواطن ويجب تنفيذ الأوامر فقط».

المواد 155 و156 من قانون العقوبات تحكم جريمة انتحال صفة ضابط، ونصت على الحبس مدة لا تزيد على سنة لمن لبس علانية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا لرتبة تخول له ذلك.

وأقرت المادتين 157 و158، معاقبة الشخص الذي تقلد علانية صفة ضابط أو منح لقب نفسه بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق، مدة لا تقل عن سنتين، ويعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه كل مصرى تقلد علانية بغير حق أو بغير إذن.

في رمضان الماضي، تعرض «محمود» 31 عامًا، لعملية نصب من قبل مجهولين انتحلوا صفة ضباط، في شارع فيصل بالهرم، والذين كانا يستوقان المارة للحصول على أموال منهم بحجج مختلفة.

يقول: «وقفوني وكانت الساعة عدت 12، وقالولي أن فيه حظر تجول في المنطقة، وإني كسرت الحظر ولازم أدفع 300 جنيه، أو هيتعملي محضر ويتقبض عليا، فدفعت لكن شكيت في ظريقة وأداء الظابط».

وحين تكرر الأمر مع أكثر من مواطن في نفس المنطقة، أبلغ محمود رئاسة حي الهرم، قائلًا: «بالفعل اتضح أنه كمين مزيف وظابط وهمي بيستغل سذاجة الناس ويقلبهم فى أكل عيشهم».

وتكرر الأمر في منطقة حلوان التابعة لمحافظة القاهرة، فتم ضبط 6 أشخاص انتحلوا صفة ضباط شرطة، وقطعوا الطريق من خلال سيارة تشبه عربة الشرطة، وحصلوا أموال من المواطنين المارة.

وفى محافظة الجيزة، أمرت النيابة العامة، بحبس عاطل استطاع الاستيلاء على ما يقرب من 80 ألف جنيهًا من مواطنين بعدما أدعى أنه ضابط شرطة، وتبين أنه مسجل.

اللواء محمد زكي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يرى أنه من الصعب التعرف على الكمائن الوهمية، أو الأشخاص الذين ينتحلون صفة ضباط، مشيرًا إلى أن المواطنين ليس لديهم ثقافة طلب إثبات الشخصية الخاص بالضباط قبيل الخضوع لآوامره.

يضيف: "كما أن منتحلين صفة ضباط يتمتعون بذكاء في خداع المواطنين، ويلجأون إلى تلك الطرق من أجل الكسب السريع حتى لو كانت غير مشروعة"، مشيرًا إلى أن القضاء عليها يكون من خلال زيادة الرقابة والتفتيش.

علي أحمد، 40 عامًا سائق ميكروباص، يروي لـ«الدستور» أنه كان يسير على طرق الأوتوستراد بمنطقة حلوان، واستوقفه أحد الأشخاص يرتدي زي ضابط شرطة، وقام بفحص تراخيص سيارته، واستولى على مبلغ 700 جنيه نظير عدم تحرير مخالفة له.

وتكررت نفس الواقعة مع سائق زميل له، حصل منه الضابط المزيف على مبلغ 400 جنيه أثناء سيره على نفس الطريق، نظير عدم تحرير مخالفة له وسحب رخصه كما أدعى.

وبمرور الوقت تعرف عليه أحد جيرانه، وعلم أنه شخص عاطل لا ينتمي إلى جهاز الشرطة نهائيًا، وحين تم تقديم شكوى ضده في رئاسة الحي تم القبض عليه، واعترف بارتكابه تلك الأفعال للحصول على الأموال.