رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المسرح وقضايا المرأة



عندما شرعت فى كتابة هذا المقال، كان هناك حدث مهم، وهو انطلاق الدورة الثانية عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى، برئاسة الفنان المتميز والقدير أحمد عبدالعزيز، وإدارة الفنان إسماعيل مختار مع مجموعة من الفنانين والفنيين والنقاد.
المسرح أبوالفنون يستحق أن يكون له مهرجان متميز لتأصيل ملامحه المعبرة عن الشخصية المصرية ولعرض مسرحيات متنوعة تجمع بين العروض التى تنتجها الجهات المختلفة، «البيت الفنى للمسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة ومركز الإبداع والمعهد العالى للفنون المسرحية والبيت الفنى للفنون الشعبية الاستعراضية ومركز الهناجر ودار الأوبرا والقطاع الخاص وعروض الجامعات والمعاهد العليا ووزارة الشباب والشركات والفرق المستقلة والحرة وفرقة مسرح الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة» ولأول مرة يضم المهرجان مسابقة جديدة تضم عروض المسرح الموجهة للطفل من الهيئة العامة لقصور الثقافة والمسرح المدرسى والبيت الفنى للمسرح. كما يقيم المهرجان ملتقى فكريًا يناقش قضايا المسرح عبر ندوات وموائد مستديرة حول مسرح الثقافة الجماهيرية ومسرح الجامعة وتعليم الفنون المسرحية والنقد المسرحى وحصاد الموسم المسرحى المنقضى.
وأود أن أشيد بوجود مسابقة خاصة لمسرح الأطفال، والتى تشمل عروضًا للمسرح المدرسى الذى تناقص، بل واختفى مع الموسيقى والفنون الإبداعية المختلفة التى كانت نشاطًا أساسيًا فى مدارسنا، والتى أسهمت فى إبراز المواهب والقدرات، كما أسهمت فى نشر ثقافة التنوير التى حمت مصر من الأفكار المتشددة التى قامت على تحريم الفنون ونشر الفكر الظلامى الذى يولِّد الإرهاب الذى نعانى منه. كما أشيد بإهداء الدورة لاسم الفنان القدير كرم مطاوع، والذى اقترن اسمه بشخصية فنان الشعب سيد درويش التى جسدها فى فيلم يحمل اسمه، فالفنان كرم مطاوع ممثل قدير ومخرج مسرحى كبير، كما أن سيد درويش معبر عن الشعب وثورة ١٩١٩ فهو الذى قام بتلحين نشيد بلادى وعدد من الأوبريتات المسرحية التى تناولت هموم الشعب والوطن.
أود بعد هذه المقدمة التى تحتفى بالمهرجان القومى للمسرح المصرى أن أستكمل الحديث عن ورشة العمل الخاصة بتعزيز وحماية حقوق ومشاركة المرأة التى أقامتها مؤسسة وسائل الاتصال من أجل التنمية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة فى الفترة «٢٩ إلى ٣١ يوليو ٢٠١٩»، والحديث هنا عن الجلسة الأخيرة تحت عنوان «المسرح وقضايا المرأة»، فالمسرح أبوالفنون، ومرآة للمجتمع، وله رسالة تنويرية فنية فكرية ممتعة.
تحدثت فى هذه الجلسة المبدعة المخرجة عبير على صاحبة تجربة حقيقية فى المسرح منذ ثمانينيات القرن الماضى أُطلِق عليها «مسرح السحراتى»، وأشارت إلى أن «الإبداع لا يفرق بين إبداع رجل أو امرأة، لأن القضايا التى يتناولها المبدع هى الأساس، بمعنى أن يكون المبدع رجلًا ويتناول قضية مهمة من قضايا وهموم المرأة، ولكن المرأة لها حساسية خاصة للتعبير عن نفسها». وأثارت قضية مهمة أتفق معها تمامًا، وهى أن الثقافة حق للمواطن وليست خدمة هادفة للربح، ومن هنا وللأسف فى زمن تسليع الخدمات يتم تهميش المسرح، لأنه لا يدر ربحًا مثل السينما.
وأود أن أشير إلى المادة ٤٨ من الدستور والتى تؤكد «الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المادة الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك، وتولى اهتمامًا خاصًا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجًا، وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها».
كما أضافت عبير على وبكل مرارة، كيف أن «المجال المسرحى لا يتقبل المرأة المخرجة القائدة»، وأشارت إلى العديد من المبدعات المخرجات فى مجال المسرح أمثال «نورا أمين وعزة الحسينى وعفت يحيى وريم حجاب»، للأسف لا يتم تسليط الضوء عليهن، كما يتم تهميش السيدات فى لجان المسرح، حيث يوجد ثلاث سيدات من بين ٣٠ عضوًا.
وتناولت فى نفس الجلسة المبدعة والمؤلفة المسرحية رشا عبدالمنعم، التى تشغل مدير إدارة التدريب بالمجلس الأعلى للثقافة، الحديث فى عدة قضايا مهمة منها: «دعم صانعات المسرح والاهتمام بورش الكتابة التى تتضمن موضوعات تتناول الحياة اليومية وقضايا المواطن»، كما أفصحت عن أنه سيتم قريبًا إقامة مهرجان إيزيس لمسرح المرأة فى الربع الأول من العام المقبل ٢٠٢٠.
نتمنى أن تشجع وتدعم الدولة هذا المهرجان الذى يعد الأول من نوعه، كى يكون إضاءة من إضاءات التنوير فى بلادنا التى هى أحوج ما تكون إلى كل أشكال الفنون لمواجهة الإرهاب.
ونحن فى انتظار هذا المهرجان نستلهم إيزيس التى لملمت أشلاء زوجها أوزوريس فأعادته إلى الحياة، ونهض حورس الابن وأعاد الحق والخير والعدل والسلام.
وانتهت هذه الجلسة المهمة بعدد من التوصيات منها:
■ إعطاء الفرصة للمرأة وتشجيعها ودعمها فى مجال المسرح.
■ التعامل مع مسرح الهيئة العامة لقصور الثقافة بقدر كبير من الأهمية وتوفير الأموال، وتسهيل جميع الإمكانيات له، ليقوم بدوره الثقافى فى جميع عموم محافظات مصر وكفورها ونجوعها.
■ الاهتمام بالفنون داخل المدارس «الموسيقى والغناء والمسرح» والاهتمام بمسرح الجامعة ومسارح الهواة والمستقلين.
■ إلغاء الأحزاب الدينية التى تحض على الكراهية والفتن العرقية والمذهبية وتُجرِّم وتُحرِّم الفنون وتنشر ثقافة التخلف والعنف والتمييز.