رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أجهزة مضروبة».. كيف اجتاحت قطع مزيّفة أسواق الكمبيوتر في مصر؟

جريدة الدستور

اجتاحت موجة عارمة من القطع المزيفة والمقلدة أسواق الكمبيوتر المصرية، في حيرة ما بين من يسّوقها بقصد وعلم ودراية وما بين جاهل لأمرها ساعيًا وراء السعر المخفض والمتدني من أجل التربّح والحصول على أعلى قدر من المبيعات، بالرغم من أنَّ أسعار تلك الأجهزة تكون منخفضة للغاية، إلا أنها تحتوي على قطع مغشوشة لا يعرفها كثير من المواطنين، وبالرغم من أن اهتمام المتسوق بالسعر المنخفض، إلا أنه دون علم بأن أهم مسببات انخفاض أسعار الأجهزة الكمبيوترية يعود إلى أنها عبارة عن قطع مزيفة، ليزداد الفارق في السعر مع ازدياد نسبة القطع المغشوشة التي يحتويها الجهاز، وما بين غفلة لا يُدركها الآخرون.

«ضاعت تحويشة العمر».. «فتح الله» وقع فريسة الأجهزة المزيفة 3 مرات

«اشتريت جهاز كمبيوتر لأولادي في البيت.. واكتشفت إنه مضروب»، عدد من الكلمات لخص بها محمد فتح الله، 35 عامًا، أحد ضحايا أجهزة الكمبيوتر المزيّفة، عملية الغش التي يتبعها العديد من تُجار الأجهزة الإلكترونية في مصر، موضحًا أنَّ عملية الغش لا تقتصر فقط على قطع محددة من محتويات جهاز الكمبيوتر، بل شملت كافة البطاقات، وأحبار الطابعات وسماعات الرأس والشاشات والبرمجيات الأكثر استخدامًا وكل ما قد يخطر ببال مستخدم الكمبيوتر من القطع ذات الماركات العالمية واسعة الشهرة، والتي يستخدمها ما يقرب من 99% من الشعب المصري من بينهم أُناس لا يُدركون تلك الأجهزة المزيّفة.

وقال فتح الله، إنَّ تلك الظاهرة أصبحت تتربع داخل الأماكن التي توجد بها الأجهزة الإلكترونية، وأن الكثير منهم يبحثون عن الأقل سعرًا دون معرفة أو علم بأنَّ هذه الأجهزة تتجمع من بقايا الشركات أو سبق وتم استعمالها من قبل، ليؤكد أنَّ هذه الواقعة تسببت له في خسائر كبيرة بعدما اشترى 3 أجهزة وجميعهم ليسوا إلا "أجهزة مضروبة".

رُبما هذا الأمر أصبح موجودًا بشكل مكثف داخل «محال» مصر، وهذا ما رصدته الـ«الدستور» وعملت على إثباته بوجود أجهزة إلكترونية تحتوي على قطع مزيّفة، وبالكاد شهر أو اثنان فقط مدة عمل الجهاز منهم، ليتم إلقاءه في "كركبة الرواسب" كـأي مخلفات تلتقطها الأحياء.

الحبس عام وغرامة تصل لـ20 ألف جنيه عقوبة المخالفين

حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص فيها "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق".

الخبرة ليست كافية لتفادي الوقوع فريسة الأجهزة المضروبة

من بين الضحايا الذين وقعوا فريسة شراء أجهزة إلكترونية مقلّدة، رجب السيد، الذي يشير في حديثه مع "الدستور" إلى أنه تعرض لعملية النصب مرتين عند شراءه أجهزة كمبيوتر من أحد المحال الكبرى في محافظة كفر الشيخ، لا سيما أنه يحمل من الخبرة في التعامل تلك الأجهزة ويحمل نسبة من الخبرة في طريقة التشغيل، إلا أنه لا يعرف إن كان ذلك الجهاز به قطع مزيّفة أو لا، ليتضح له أنَّ عملية الغش التي احتوتها قطع الكمبيوتر من عملية إعادة إصلاح وتغليف قطع تالفة بداخلها، ما هي إلا إعادة تصنيع تلك القطع المكدسة والمستعملة داخل المخازن، ليتم بيعها داخل الأسواق و«المحال» الأكثر بيعًا.

وتابع السيد، أنّ معظم الشركات، خاصة المحال التجارية تعمل على تقليد الماركات العالمية والمشهورة للبطاقات بوضع شريط لاصق لشعارها على تلك المنتجات، إضافة إلى دخول صناعات مقلدة للماركات الأصلية تتيح وضع العديد من المسميات العالمية عليها كالذاكرة العشوائية، ليتم إعادة تعبئة القطع في حاويات كرتونية تشابه الأصلية وبيعها على هيئة أجهزة جديدة من النوع الأول.

منال.. حصلت على حقها بعد مخاطبة «حماية المستهلك»

منال.ف، مواطنة مصرية تقطُن في محافظة الشرقية، قامت بشراء «لاب توب» بمبلغ خمسة آلاف وخمسمائة جنيه وعندما توجهت للمنزل بفحص الجهاز لاستخدامه وجدت به عيبا بالشاشة وعيبا فى الشحن أيضًا، رُبما ذلك الأمر دفعها للتوجه مرة ثانية إلى التاجر، إلا أنه طلب منها ترك الجهاز لعرضه على المختص وبعد ثلاثة أيام أعيد لها الجهاز بنفس الحالة.

وأضافت الضحية، عندما طالبته بتغييره رفض أن يستبدل لها الجهاز بحجة أنه سليم وليس فيه عيوب، فقامت بتقديم شكوى للجمعية الأهلية لحماية المستهلك بالشرقية، وبفحص المستندات وجد أن البائع أصدر لها بيانا وليس فاتورة.

وتابعت "منال" أن رئيس جمعية حماية المستهلك بالمحافظة قام بالتواصل ومخاطبة البائع لمحاولة إقناعه بالمخالفة إلا أنه تعنت وأصر على موقفه فاتخذت الجمعية الإجراء القانوني إلا أن المفتش المختص بعد فحص الشكوى طالب التاجر بالمستندات الدالة على امتلاكه الجهاز فرفض مما حرر له محضر بعدم إصدار فاتورة رسمية وعدم إثبات مصدر السلعة بجانب عدم وضع الأسعار على المنتجات بالمحل.

وبعد ذلك حصلت الجمعية الأهلية لحماية المستهلك بالشرقية بحكم حبس 6 أشهر ضد تاجر بالزقازيق لقيامة ببيع جهاز كمبيوتر مغشوش، ولعدم إصدار فاتورة بالشرقية، بعد إصدار محكمة الزقازيق الجزئية حكما بحبس "أ.ش" تاجر أجهزة كمبيوتر بالزقازيق 6 ستة أشهر لعدم إصداره فاتورة وعدم عرضه الأسعار وإثبات مصدر السلعة.

حماية المستهلك: «الأجهزة الكهربائية» أكثر المشكلات التي يستقبلها الجهاز

الدكتور راضى عبد المعطي رئيس جهاز حماية المستهلك، أكد على أنَّ أكثر المشكلات التي يستقبلها الجهاز تأتي من قطاع الأجهزة الكهربائية، السيارات، ثم خدمات المحمول، موضحًا أن مبادرة "اليوم المفتوح"، التي أطلقها الجهاز في الشهور الماضية تأتي في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالعمل على حل مشكلات المواطنين، وسبق أن أطلق الجهاز مبادرة "في حب الوطن"، التي أسفر عنها حل أكثر من 9 آلاف مشكلة في الأسبوع من أصل أكثر من 13100 شكوى بنسبة 75%.

وأضاف رئيس جهاز حماية المستهلك، في حديثه لـ"الدستور" أن العمل يسير بشكل طبيعي في الجهاز، لكن في يوم المبادرة يحضر كل ممثلي الشركات التي تكون طرفًا ثانيًا في مشكلات المواطنين، حيث يكونوا مفوضين بحل المشكلات بالتنسيق مع الجهاز، مطالبًا المواطنين بعدم التراجع عن شكواهم وتقديمها للجهات المختصة داخل محافظتهم، للعمل على حلها واسترجاع حقوقهم دون أي خسائر عليهم.