رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مأذون وشقيقه يستغلان أوراق المتزوجين فى "زواج المحلل" للأثرياء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

فوجئ الشاب العشرينى «على. م» ببيانات مختلفة فى صحيفة «القيد العائلى» التى توجه لاستخراجها من مصلحة الأحوال المدنية لرغبته فى السفر إلى الخارج، فبرغم زواجه مرة واحدة، فى مايو الماضى، فوجئ بأن الأوراق الرسمية تشير إلى زواجه ٣ مرات وطلاقه أيضًا، وبعد بحثه للوصول إلى الحقيقة اكتشف استغلال اسمه وبياناته الشخصية دون علمه، من قِبل مكتب مأذون شرعى استغل بياناته مقابل مبالغ مالية كبيرة فى منطقة مصر القديمة.

كانت هذه هى بداية خيط القضية، التى تباشرها نيابة مصر القديمة برئاسة المستشار إيهاب عبداللطيف، تحت إشراف المستشار سمير حسن، المحامى العام لنيابات حوادث جنوب القاهرة الكلية، وتُجرى خلالها تحقيقات موسعة فى واقعة اتهام مأذون وشقيقه بتزوير شهادات ووثائق زواج، مستغلين عملهما فى تزويج المواطنين وتطليقهم دون علمهم.
وتلقت مباحث الأموال العامة بلاغًا من «على. م»، ٢٨ عامًا، عامل، يُفيد بأنه أثناء محاولته استخراج قيد عائلى تبين أن المأذون الذى تزوج عنده ووثق عقد زواجه استغل بياناته فى تزويجه وتطليقه دون علمه، فألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم، وتبين أنه يدعى «أ. م»، ٤٨ عامًا، وشقيقه «محمود»، ٤٤ عامًا، والاثنان يعملان مأذونين فى منطقة الزهراء بمصر القديمة، وتم تحرير المحضر رقم ٥١٣٠ لسنة ٢٠١٩ إدارى مصر القديمة، وتحويلهما إلى النيابة العامة.
واستمعت النيابة إلى أقوال المجنى عليه، الذى أكد أنه تزوج منذ ما يقرب من شهرين عند المتهم، وقبل الزواج بـ١٠ أيام توجه إليه وأعطاه جميع أوراقه الشخصية من بطاقة الرقم القومى وشهادات الميلاد وصورة إعفاء من الجيش والصور الشخصية، وكذلك بالنسبة للعروس.
وبالفعل فى الميعاد المتفق بينهما، حضر المأذون لمسكن العروس وتم عقد القران، وعقب ١٥ يومًا تسلم «قسيمة الزواج» وجميع الأوراق، مؤكدًا أنه «لم يشك فى أمره ولم يخونه أبدًا».
وأشار إلى أنه عقب مرور فترة أراد البدء فى تحضير أوراق سفره إلى إحدى الدول العربية للعمل، لكنه فوجئ بأن القيد العائلى يظهر أنه تزوج ٣ مرات فى مدة لا تزيد على شهرين، كما أنه طلق عقب مرور ٢٠ يومًا من توثيق العقود، ولم يقتنع بالقيد واستخرج واحدًا آخر، فظهرت نفس النتيجة.
وبتتبع السجل المدنى والشهر العقارى والمحاكم تبين أن اسم العقود مُحررة من المأذون المتهم، مشيرًا إلى أنه عندما توجه إليه لفهم ما حدث وبيده صور من عقود الزواج، اكتشف أنه تم استغلاله كـ«محلل»، مقابل مبالغ مالية حصل عليها المأذون.
واستمعت النيابة إلى أقوال المتهم «أ. م»، الذى أنكر ارتكاب الواقعة، مؤكدًا أنه أخبر المجنى عليه بأن هناك شابًا حديث التخرج كان يعمل لديه فى المكتب هو من ارتكب الوقائع دون علمه، لافتًا إلى أنه طرده بعد اكتشاف أفعاله، مضيفًا: «لا أسمح بارتكاب أى واقعة لزواج المحلل لأنها تخالف تعاليم الدين».
وأشار إلى أن الشاب «المتهم الثالث» كان يتدرب على ممارسة المهنة، وكان يكلفه بإدارة الحجز للزواج والتجهيز وكتابة الأوراق.
من جهته، قال «م. م»، شقيق المتهم الأول، إن الشاب الذى كان يعمل بالمكتب يُدعى «يوسف. ن»، مؤيدًا أقوال شقيقه.
وكشفت التحقيقات عن أنه تم تزوير عقود زواج لعدد من أصحاب الطبقات العليا الذين تعرضوا للطلاق ٣ مرات وكانوا يرغبون فى «زوج محلل»، ومن بينهم إحدى السيدات وتعمل مذيعة، وتمت إعادتها لزوجها عقب زواجها عن طريق «محلل» وتطليقها بالمخالفة للشرع والدين الإسلامى والقانون.
وأوضحت التحقيقات أنه تم ارتكاب واقعة تزويج إحدى السيدات التى تعمل فى مجال الأزياء والإعلانات بعد طلاقها من زوجها ٣ مرات ورغبتها فى العودة له مرة أخرى، فدلها أحد الأشخاص على المأذون الوهمى.
وأشارت إلى أن المتهم الثالث «الشاب» استغل عمله وانتحل صفة المأذون، إذ كان يُكلف بتوثيق العقود فى المحكمة، فاستغل ذلك فى عقد القران، واستخدم بيانات المجنى عليه من أوراق زواجه التى تسلمها وجهز عقد زواج بين السيدة والمجنى عليه، وبعد أيام قليلة من التوثيق حرر عقد الطلاق، وكان ذلك مقابل مبلغ ١٥ ألف جنيه.
واستمعت النيابة إلى أقوال السيدة الثانية المستدل على عنوانها من عقد الزواج المزيف، وتبين أنها تعمل فى مجال الأزياء والموضة، وبالتحقيق معها أنكرت الواقعة وقالت إنها لا تعلم عنها شيئًا، فقررت النيابة صرفها بضمان محل إقامتها، وذلك عقب تحويلها إلى مصلحة الطب الشرعى.
كانت النيابة قد عرضت السيدة على خبير بمصلحة التوثيق والتزييف وخبير خطوط، لبيان إذا كان التوقيع توقيعها من عدمه، وكذلك المجنى عليه «المبلغ عن الواقعة»؛ لمضاهاتها مع التوقيعات الأصلية على أوراق الزواج والطلاق التى تم ضبطها وتحريزها.
وأمرت النيابة بالاستعلام عن المأذون المتهم وشقيقه الحاصل على المأذونية أيضًا بحسب أقوالهما والمكتب الخاص بهما من مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف، وتم غلق المكتب لحين الانتهاء من التحقيقات، كما كلفت رجال المباحث بإجراء التحريات عما إذا كانت هناك وقائع أخرى مشابهة.
وقررت النيابة حبس المتهمين ٤ أيام على ذمة التحقيقات، وضبط وإحضار المتهم الثالث، وتم عرضهما على قاضى المعارضات الذى قرر إخلاء سبيل المتهم الأول بكفالة ٢٠ ألف جنيه وشقيقه بمبلغ ٥ آلاف جنيه، مع استمرار التحقيقات.