رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلنا خلف جنود مصر


"لا يتردد إنسان له عقل وبصيرة من الوقوف خلف جنود مصر في كل مرة حملوا فيها السلاح؛ للذود عنها ضد عدو أجنبي أو داخلي .. جنودنا أبناؤنا ننحني لهم لما يقدمونه من فداء لكي يبقى الوطن، أما من يرفع السلاح ليطعن مصر فلا حزن على زواله لما أبدى من حقد على ناسه وإنفصال عنهم .
حربنا داخلية سواء كانت في مدننا أو في سيناء .. فسيناء ليست حدود مصر الشرقية ولكنها قلب الوطن .. وللمحافظة على القلب لابد من تكامله مع مجمل أراضي الوطن .. حربنا هي ضد الحرمان الذي يتضور منه غالبية المواطنين .. ضد الجهل .. ضد الأمية .. ضد إنعدام العدالة .. ضد غياب العناية الصحية والتعليمية .. ضد الفساد .. ضد سوء معاملة الآخر إذا إختلف في العقيدة أو الجنس أو العمر، معركتنا شاملة إن وددنا قهرالإرهاب".

فمن ينكر الدور الخطير الذي يضطلع به جنودنا البواسل على جبهة القتال؟
تلك الجبهة المستعرة التي تموج بكل مظاهر العنف من عدو لا يتوقف حقده وكيده ورغبته في الفتك بنا؛ لولا حائط الصد المنيع من خير أجناد الأرض الذين لايتوانون عن بذل الروح والدماء في سبيل أن نحيا في سلام وأمان؛ نسينا به إننا في حالة حرب حامية الوطيس شاقة وممتدة، لكن بفضل حماة الوطن وتوفيرهم هذا المناخ الآمن لنا نتناسى مايواجهه من اعتداءات ومخططات ومكائد، وهذا الدور لابد أن ننحني له اجلالاً واكبارًا؛ ومن ينكره فلا حاجة لنا به وسطنا ولا طاقة لتحمل ماينفثه من سموم الغل والحقد وبث الكراهية تجاه بواسلنا المناضلين، والذي قد يتسبب في فتنة ينساق إليها ضعاف النفوس فنُسقط سلاحنا الذي حبانا الله به؛ وهم جند المحروسة الذين ينشدون الشهادة فداء لكل حبَّة رمل من أرض مصرنا الحبيبة، فسيناء المشتعلة تحتاج إلى رباطة جأش وثبات في التصدي لمواجهات شرسة لايستطيعها سوى جبابرة المقاتلين الشجعان، وهم يقومون بدورهم على أكمل وجه والحمد لله، تبقَّى أن نقوم نحن بدورنا لتتكامل الأداءات على كافة الأصعدة داخل الوطن أيضا؛ لنفتك بكل مظاهر الفساد والإفساد التي تنخر في البنى الاجتماعية والاقتصادية كالسُّوس بلا هوادة؛ والتي تتطلب عملاً دءوبًا ليل نهار. فللإرهاب دائرة تنطوي على عناصر شتى من شأنها هدم المجتمعات إذا ما تركت ترتع في جنباته، فالجهل في طليعة هذه العناصر، لذلك كانت المناداة بمحوالأمية والاهتمام بالمنظومة التعليمية ليس كلامًا عشوائيًا؛ بل هو بحق مطلب ملح للقضاء على ركنٍ مهم يدعم الإرهاب، فما اسهل أن يبرمج الإرهابيون الجهلاء فكريًا بأفكارٍ مغلوطة لا تستطيع عقولهم استيعابها ولا تمييز مصادرها بمعتقدات لاتمت للدين بأدنى صلة ! فغياب العقل والجهل بالأشياء قنبلة موقوتة تنفجر في أية لحظة في وجه الوطن؛ تترجمها الأفعال الوحشية التي يذهب ضحيتها الأبرياء كما نرى كل يوم من أحداث دامية.

أما أن الأوان أن نهُب لنصرة جنودنا البواسل بأن نشحذ سلاح العقل والفكر المستنير ونبدأ رحلة نشر الوعي الذي سيوقف بدوره عجلة الاستحواذ على عقول شبابنا واستقطابهم للقيام بأفعال ضد بني وطنه بكل الدم البارد والإحساس المنعدم بالانتماء إلى البلد وأهله ؟! بلى .. فاليد الواحدة لاتصفق .. فإذا كان دور الجيش حماية الأرض والعِرض فعلينا كمعنيين بسلامة الوطن استكمال الأمر؛ ببناء الإنسان المصري وضبط الشخصية المصرية والتمسك بالهوية وقبول الرأي والرأي الآخر دون تراشق بالألفاظ والرمي بالإدانة إيمانا بأن الله قد خلقنا مختلفين لامتطابقين : لكل عقله وفكره الذي يؤمن به وينبثق من خلال خبرات حياتية منوعة.

المهمة جد شاقة على نخبة هذا الوطن ــ إن وجدوا ــ لو كانوا جادين ونواياهم معقودة على التكاتف يدًا بيد مع القيادة السياسية؛ لإتمام واجبهم الوطني المنوط بهم لما لهم من قدرة على التأثير والتأثر.

فها أنا أناشدهم وضع خطة استراتيجية للعمل على نشر الوعي المعرفي في مصرنا المحروسة؛ لتغذية العقول التي تفتقد إلى الزاد الثقافي والمعرفي حتى تنمو لدى مواطنيها القدرة على تمييز الغث من الثمين من أفكار وتوجهات؛ والتعرف على الفتن والشائعات التي تفتك بأي وطن اذا ماشاعت وتم تصديقها والتعامل على أساسها درءًا لخطر داهم بحق، فجهلنا سلاح في أيدي الأعداء لابد أن نسقطه ونمضي ببلادنا إلى بر الأمان . فنحن بصدد تحدٍ كبير ومعركة تحاصرنا من كل صوب وحدب، فإما نكون على قدر التحدي ..أو لا نكون ! ولن نلوم سوى أنفسنا على تبديد فرصتنا في حماية وطننا وأمننا وسلامنا حيث لا ينفع الندم؛ ولنأخذ العبرة ممَّن يحيطون بنا من جيراننا على اتساع الخريطة .. فمن يسقط لا تقوم له قائمة.

ومصرنا.. جديرةٌ تاريخًا وشعبًا أن تظل هامتها مرفوعة بين الأمم مهما قسى عليها الدهر. وبالأفعال لا الأقوال نكون قد وقفنا خلف جنودنا وأبطالنا وأتممنا مهمتنا بهارمونية تصب في صالح نصرة الوطن .