رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حشيش على منابر الأوقاف!



منتصف الشهر الماضى، قررت «نقابة المهن الموسيقية» منع التعامل مع «حمو بيكا»، العفريت، حنجرة وكزبرة، فرقة الصواريخ، وكل من لم يحصل على تصريح بالعمل من النقابة. بينما لم تجد «وزارة الأوقاف» حرجًا فى منح المدعو ياسر حسين محمود حشيش، المعرف باسم ياسر برهامى، تصريحًا بأداء «خطبة الجمعة»، فى مسجد الخلفاء الراشدين بالإسكندرية!.
التصريح مدته شهر، ينتهى فى ٣١ أغسطس الجارى. ومن المفترض أن يلتزم «حشيش» بموضوع الخطبة الموحدة لوزارة الأوقاف ومنهج الوزارة الأزهرى الوسطى الأشعرى، وبأن يكون زمن الخطبة من ١٥ إلى ٢٠ دقيقة، وبعدم التطرق لأى أمور سياسية أو خلافية أو إصدار فتاوى فقهية داخل المسجد، وبعدم إعطاء دروس دينية خلاف خطبة الجمعة و... و... إلى آخر البنود التسعة، التى اشترط التصريح على «سيادته» أو «فضيلته» أن يلتزم بها.
الحفاظ على المنبر ونشر صحيح الدين، قضية أمن دينى وأمن قومى، بحسب تصريحات سابقة للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أكد فيها أنه «لا تسامح مع من يخالف التعليمات الصادرة من الوزارة بشأنهما، فى ظل إعلاء شأن القانون ودولة القانون». ولا نعتقد أننا نتجاوز لو قلنا إن الوزير نفسه، لم يلتزم بذلك، حين سمح للمذكور باعتلاء المنبر، حتى لو كانت المادة الثانية من القانون رقم ٥١ لسنة ٢٠١٤ تجيز له التصريح لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف، بـ«ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد».
لم يحدث، من قبل، أن حافظ «حشيش»، أو «برهامى»، على المنبر أو نشر صحيح الدين، حتى ننتظر منه أن يفعل ذلك الآن أو لاحقًا. ولعلك تتذكر أن ذلك الحاصل على ماجستير فى «طب الأطفال» زعم أن الملائكة لا تدخل بيوتًا بها صور «بطوط وميكى». كما أن حصوله على ليسانس الشريعة الإسلامية، من جامعة الأزهر، فرع دمنهور، منذ عشرين سنة، لم يمنعه من إطلاق فتاوى عديدة، شاذة وغريبة، وتحض على الكراهية، كان بينها، مثلًا، أن علامة «شيفروليه» حرام شرعًا، وتأكيده ضرورة إزالتها لأنها ترمز لـ«الصليب»!.
اليوم، السبت، هو وقفة عيد الأضحى المبارك. وبهذه المناسبة، نشير إلى أن يوم وقفة «عيد الفطر»، سنة ١٤٣٨ هجرية أو ٢٠١٧ ميلادية، لم تحصل فيه محكمة جنح أول أكتوبر على إجازة، ونظرت أولى جلسات محاكمة المدعو سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، فى اتهامه بـ«ازدراء الديانة المسيحية» بعد أن وصفها بأنها «عقيدة فاسدة». ولا نعرف ما انتهت إليه تلك الدعوى، لكن ما نعرفه هو أن ياسر حشيش أو برهامى، أصدر وقتها بيانًا باسم جمعية «الدعوة السلفية»، أعلن فيه تأييده لما قاله «سالم» بزعم أن «بناء الميثاق الاجتماعى على نوع من الخداع والتضليل يجعله هشًّا يوشك على الانهيار»، وأن «ما يطالب به البعض من أن يبين علماء كل دين عقيدتهم دون التطرق لعقائد الآخرين، غير ممكن عقلًا»!.
موقف «حشيش» أو «برهامى» من الأقباط واضح وقاطع. إذ أفتى بأن «تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق». وفى كتابه «فقه الجهاد» كتب أن «اليهود والنصارى والمجوس يجب قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» وصاغرون أى أذلاء. وفى كتابه «الدعوة السلفية والعمل السياسى»، أفتى بأنه لا يجوز للمسيحى الترشح للانتخابات البرلمانية لأنها سلطة تشريعية ورقابية «لا يحل للكافر أن يتولاها». وحين اضطر «حزب النور»، إلى ترشيح أقباط على قوائمه، برر المذكور ذلك، بأن هذا الأمر «مرتبط بالقدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة». وأوضح ردًا على سؤال فى موقع «أنا السلفى»، أن حزب النور امتثل للقانون، الذى ألزم بضم الأقباط للقائمة.
ما سبق ليس سوى غيض من فيض آراء وقناعات وفتاوى ذلك الذى صرّحت له وزارة الأوقاف باعتلاء أحد منابرها، والذى لا يزال، بكل أسف، يدير «حزب النور» من الباطن، ويدير جمعية «الدعوة السلفية» عبر وسيط، مع أشياء وألعاب أخرى علمها عند «اللى سايبه يعُك ومطنّش»، ما يوحى بأن المذكور أقوى من «سنجام» وأخطر من «سوراج». والاثنان بطلان لفيلمين هنديين شهيرين، لعب دوريهما «راج كابور» و«راجيندرا كومار»، وظلا منذ منتصف الستينيات، ولسنوات طويلة، مثالين أو معيارين للقوة والخطورة.
لولا أن مساحة المقال أوشكت على الانتهاء، لتوقفنا عند تجربة عرض الأفلام الهندية فى مصر: كيف بدأت، وكيف «باظت»؟!. خاصة مع ارتباط «العيد» فى أذهان أجيال «ضائعة»، بعرض «القناة الثانية» لفيلم هندى. وإن كان حظ هؤلاء أفضل كثيرًا من هؤلاء الذين سيشاهدون خطبتين لـ«حشيش» أو «برهامى»، خلال ثلاثة أيام: خطبة الجمعة.. وخطبة العيد!.