رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرف على قصة الحجر الأسود ولماذا سُميّ بهذا الاسم

جريدة الدستور

يُمثِّل الحجر الأسود من حيث كونه جزءًا من الكعبة المُشرَّفة النُّقطة التي يبدأ منها الطّواف وبها ينتهي، ممّا يعني وجود قيمةٍ خاصّةٍ له، وقد أخذ المُسلمون ذلك النُّسك الخاصّ بالبدء بالحجر الأسود في الطّواف من فعل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، كما يُشرَع لمن طاف بالبيت أن يبتدئ بتقبيل الحجر الأسود إذا أمكنه ذلك، وكلّما مرّ به في بداية كلّ شوطٍ من أشواط الطّواف التزمه بالتقبيل إن تمكّن؛ لفِعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

الحجر الأسود هو جزء من أركان الكعبة المُشرَّفة الأربعة، يُحاذي في موقعه الرُّكن اليمانيّ؛ حيث يقع في النّاحية الشرقيّة منه، والحجر الأسود مُكوَّنٌ من خمسة عشر حجرًا مُقسَّمةً على أقسام؛ منها الصّغيرة جدًّا، أمّا أكبرها فيبلغ حجمه حجم حبّة تمر، وتظهر من هذه الأحجار للعيان ثمانية أحجارٍ فقط، أمّا بقيّة الأحجار السّبع، فقيل: إنّها تدخل في بناء الكعبة المُشرّفة، وقيل: بل هي مُغطّاة بمادّةٍ من المعجون المُكوَّن من العنبر الممزوج بالشّمع والمِسك، وتقع تلك الأحجار أعلى الحجر الأسود؛ حيث يُمكن للذي يقصد البيت بغيةَ الطّواف به سواءً كان حاجًّا أو مُعتمِرًا رؤيتُها عند تقبيله الحجر.

يبلغ ارتفاع الحجر الأسود عن سطح الأرض ما يُقارب المتر ونصف المتر، والحجر الأسود هو من أحجار الجنّة وياقوتها، كان لونه قبل أن ينزل إلى الأرض أبيض مُتلألِئًا، فطمس الله نورَه، وقد ثبت ذلك من حديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ الحِجرَ والمقامَ ياقوتتانِ من ياقوتِ الجنةِ، طمس اللهُ نورَهما، ولولا ذلك لأضاءَا ما بينَ المشرقِ والمغربِ)، ممّا يدلُّ على أهميّة الحجر الأسود وقيمته ومكانته في الإسلام، وسبب بدء المُعتمر والحاجّ وغيرهما من زُوّار بيت الله بالطّواف به.

يعود أصل الحجر الأسود وموطنه الأصليّ إلى الجنّة؛ فقد كان من حجارتها ثمّ نزل إلى الأرض، فقد رُوِي أنّه لما شرع سيّدنا إبراهيم -عليه السلّام- ببناء الكعبة المُشرَّفة، جاءه به جبريل من السّماء؛ ليوضَع في موضعه من البيت حسبما اقتضت مشيئة الله، وقيل: بل جاء به جبريل من الهند حيث كان آدم قد أنزله من الجنّة لمّا أُهبِط منها؛ حيث يروي موسى بن هارون عن عمرو بن حماد قال: حدّثنا أسباط، عن السديّ قال: (فانطلق إبراهيم حتّى أتى مكّة، فقام هو وإسماعيل وأخذا المعاول، لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحًا يُقال لها ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حيّة، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأوّل، واتبعاها بالمعاول يحفران، حتّى وضعا الأساس، فذلك حين يقول: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ)، فلمّا بنَيا القواعد فبلغا مكان الرّكن، قال إبراهيم لإسماعيل: يا بنيّ، اطلب لي حجرًا حسنًا أضعه هاهُنا، قال: يا أبتِ، إنّي كسلان تعِب، قال: عليّ بذلك، فانطلق فطلب له حجرًا فجاءه بحجر، فلم يرضَه، فقال: ائْتِني بحجر أحسنَ من هذا، فانطلق يطلب له حجرًا، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند، وكان أبيض، ياقوتةً بيضاءَ مثل الثّغامة، وكان آدم هبط به من الجنّة فاسودّ من خطايا النّاس، فجاءَه إسماعيل بحجرٍ فوجدَه عند الرّكن، فقال: يا أبتِ، مَن جاءك بهذا؟ فقال: مَن هو أنشط منك! فبَنياه).

سبب تسمية الحجر الأسود بهذا الاسم
نزل الحجر الأسود من الجنة مع آدم عليه السلام وكان شديد البياض، ولكن بسبب خطايا بني آدم اسود لونه، وقد حفظه الله عز وجل لنبيه إبراهيم عليه السلام،وعندما بدأ إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة أرادا أن يكون مكان بدء الطواف ظاهرًا للناس، فأحضر جبريل عليه السلام الحجر ووضعه مكانه، وكان الحجر في ذلك الوقت يتلألأ من شدّة بياضه، فكان يضيء كلّ أطراف الكعبة،وبلغ طوله ذراع، وقد غرس في بناء الكعبة ولم يظهر منه إلّا رأسه الذي أصبح أسودًا بسبب الذنوب، أمّا الجزء المغروس في الكعبة فلونه أبيض.