رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرزق.. دعاء وأخذ بالأسباب «2»



الله سبحانه قدر الأرزاق لعباده قبل أن يخلقهم، والرزق له أجل محدد معلوم، لن يتأخر عن موعده، ولن يأتى قبل أن يأذن الله به. عن عبدالله بن مسعود، رضى الله عنه، أنه قال: «قالت أم حبيبة رضى الله عنها: اللَّهُمَّ مَتِّعنى بزوجى رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وبأبى أبى سفيان، وبأخى معاوية، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إنَّكِ سألتِ الله تعالى: لآجالٍ مضروبةٍ وآثارٍ موطوءةٍ وأرزاقٍ مقسومةٍ لا يعجل شىء منها قبل حله ولا يؤخر منها يومًا بعد حله، ولو سألت الله تعالى: أنْ يعافيك من عذابٍ فى النار وعذابٍ فى القبر كانَ خيرًا وأفضل».
الإنسان قد يمر بمرحلة فى حياته يجد فيها صعوبة فى تحصيل الرزق لأى سبب كان، وذلك ليس حرمانًا، فالله حاشاه أن يحرم أحدًا من الرزق، لكنه يدعوك إلى الأخذ بأسباب الرزق، بحسب التوكل عليه، والسعى لأجل، حركة وإيمانًا، فلا تخش ضياع رزق، والله قد كفله لك قبل أن تولد.
ومن الأسباب الإيمانية المعينة على تحصيل الرزق «تقوى الله»، والتقوى هو أن تراقب الله فى كل تصرفاتك، فلا يراك إلا حيث أمرك، قال تعالى: «... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْرًا».
فالله سبحانه قدر خلقه ورزقهم قبل وجودِهم، وقدر أرزاقهم، ومما يضمنه الله للعبد أنه لن يموت حتى يستوفى أجله، فقط اطمئن وثق فى الله، وهو لن يؤخر عنك رزقًا، ولن يحرمك إياه.
وفى الحديث عن جابر رضى الله عنه، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا الله وَأَجْمِلُوا فِى الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقوا الله وَأَجْمِلُوا فِى الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ».
وعن أبى أُمامة، رضى الله عنه، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّ رُوحَ القُدسِ نَفَثَ فِى رُوعى أَنَّ نفسًا لنْ تموتَ حتى تستكمِلَ أَجلَها وتستوعبَ رِزْقَها، فاتقوا اللهَ وأجْمِلُوا فِى الطلبِ، ولا يحمِلَنَّ أحدَكُم استبطاءُ الرِّزقِ أَنْ يطلبَهُ بمعصيةِ اللهِ، فإنَّ الله تعالى لا يُنالُ ما عندَهُ إلا بطاعتِهِ».
وقال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ».
وقد حصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، الانتفاعِ فى الرزق بقوله: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِى مَالِى، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ».
وما من عبد يلح على الله فى الدعاء بأسمائه إلا وأكرمه الله بعطائه.. لأنك تسأله بأسمائه الحسنى.. ناده باسمه وكلك حب وثقة فى عطائه. انظر كيف يرزق الله كل المخلوقات.. لأنه خلقها فهو القائم على رزقها «أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ».