رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشباب ومواجهة الإرهاب


تبدأ اليوم فعاليات المؤتمر الوطنى السابع للشباب فى العاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تؤكد لنا الأيام أن رؤيته فى تمكين الشباب والاهتمام بهم على كل الأصعدة قد حققت العديد من النجاحات والإنجازات التى قامت بها نماذج مشرفة منهم، والذين ما إن وجدوا الفرصة المناسبة لإظهار قدراتهم وإمكانياتهم حتى أبدعوا فيها وتفوقوا على أنفسهم عند تنفيذها.

تناولت جميع وسائل الإعلام محاور هذا المؤتمر والتى سوف تتوج بتلك الأسئلة التى سيقوم الشباب بعرضها على السيد الرئيس، للوقوف على المستجدات والأوضاع الحالية للبلاد، داخليًا وخارجيًا، لكى يطمئنوا على وطنهم ومستقبلهم.. وأعتقد أن الرئيس يولى تلك الأسئلة اهتمامًا كبيرًا، لأنها تسهم فى رسم خارطة الطريق لهؤلاء الشباب، وتساعدهم فى توجيه بوصلة عملهم ودراستهم على ضوء ما سوف يعرضه عليهم بكل وضوح وشفافية، ومن هذا المنطلق فإننا لن نتعرض لتلك المحاور واللقاءات اكتفاءً بما تم تناوله خلال الأيام الماضية وانتظارًا للنتائج والتوصيات التى سوف تصدر عن هذا المؤتمر.

لقد شهدت الأيام الماضية عدة إنجازات ونتائج قامت بها مجموعة كبيرة من شبابنا الواعد، منها على سبيل المثال لا الحصر هذا النجاح الإدارى والتنفيذى المبهر للبطولة الإفريقية لكرة القدم التى تحققت على يد الشاب الإدارى المتميز محمد فضل الذى أدار المنظومة الإدارية للبطولة، وحفلى الافتتاح والختام بشكل لم يسبق له مثيل تحدث عنهما العالم كله، وشاهدهما ما يقرب من مليار ونصف المليار نسمة على مستوى العالم ونال إشادة الجميع، بالرغم من أن الفترة الزمنية للإعداد لتلك البطولة لم تتجاوز خمسة أشهر.

ثم جاءت نجاحات منتخب الشباب لكرة اليد فى بطولة العالم التى أقيمت فى إسبانيا، فقد حقق إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق لجميع الدول العربية والإفريقية، حيث وصل إلى الدور قبل النهائى من خلال تحقيق انتصارات متتالية على أقوى الفرق الرياضية فى تلك اللعبة وحصد المركز الثالث والميدالية البرونزية، ولا شك أن هذا الفريق سوف يكون النواة الرئيسية للفريق الوطنى الأول فى المستقبل القريب بإذن الله.. ثم جاء الشاب المصرى عمرو محمد، ابن محافظة الإسكندرية الذى لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ليفوز على ثمانين متسابقًا فى إحدى المسابقات المعقدة فى مجال البحث العلمى، ويتم ترشيحه فى رحلة إلى الفضاء الخارجى من خلال وكالة «ناسا» الأمريكية، ليرفع العلم المصرى وصورة السيد الرئيس على سطح القمر.. وبمتابعة مشروعات التخرج فى العديد من الكليات العملية بالجامعات المصرية نجد أنها قد أطلقت طاقات ومواهب المئات من شباب الطلبة فى مختلف المجالات العلمية، خاصة تلك المتعلقة بتنمية المجتمع وخدمة البيئة وتطوير العشوائيات وتدوير المخلفات وغيرها من الإبداعات الفكرية، الأمر الذى دفع رئيس إحدى الجامعات لتسجيل تلك المشروعات والأفكار، حفاظًا على حقوق الملكية الفكرية لهؤلاء الطلبة.

هذا قليل من كثير حققه شبابنا الواعد المستنير الذى يؤمن بمفهوم الوطن ومعنى الانتماء، وهذا يقودنا إلى جزء آخر من شباب هذا الوطن الذين نشأوا وترعرعوا على خيراته، وتعلموا فى مدارسه وجامعاته، وأكلوا وشربوا من نعم الله عليهم فيه، ولكنهم للأسف أعطوا عقولهم وقلوبهم وتفكيرهم لتلك الجماعات التى تدعى التدين وتتستر برداء الإسلام، والتى زرعت بداخلهم بذور الشر والعداء لهذا الوطن، بل ودفعتهم للقيام بأعمال تخريبية وإرهابية تستهدف أمن البلاد وسلامة العباد.. إنهم «شباب الإخوان».

لقد نشأ هؤلاء الشباب مع أقرانهم الذين يجتمعون اليوم مع السيد رئيس الجمهورية ليتناقشوا معه حول مستقبل وطنهم، وكلهم أمل فى أن يكون مستقبلًا مبشرًا وزاهرًا بالخير، فى حين يفكر الفصيل الآخر فى كيفية تعطيل تلك المسيرة لتنفيذ أهداف قيادات جماعاتهم الذين يوجدون خارج البلاد وينعمون بحياة الرفاهية فى الدول التى يعيشون فيها، سواء فى بعض الدول العربية أو الإقليمية وحتى الأوروبية، ويتركون «شباب الإخوان» ما بين البحث عن فرصة عمل أو التطلع للحصول على تبرعات من قياداتهم لا تغنى ولا تسمن من جوع، والبعض منهم يتخفى هنا وهناك خوفًا من أن تقوم سلطات تلك الدول بالقبض عليهم، لعدم مشروعية إقامتهم بها ويتم ترحيلهم إلى مصر.. وجميعنا شاهد مؤخرًا تلك العناصر التى تم ترحيلها من تركيا ومن الكويت. ولعل ذلك التسجيل الصوتى الذى تم تسريبه مؤخرًا للإخوانى الهارب أمير بسام، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان الإرهابية الموجود فى تركيا، يكشف زيف ادعاءات قادة تلك الجماعة التى تدعى أنها تعمل لصالح الدين، حيث أوضح أن نائب مرشد الإخوان الهارب محمود حسين قد اعترف بأنه استولى على ما لا يحق له من أموال التبرعات هو وآخرون من قيادات الجماعة، وقاموا بشراء ممتلكات لهم سجلوها بأسمائهم، بل إن نجل محمود حسين قد قام بشراء سيارة بمبلغ ١٠٠ ألف دولار من أموال التبرعات، كما أشار إلى أن هناك خلافات مالية على مبلغ ٢ مليون دولار حصلت عليها قيادات الجماعة فى تركيا، وتم توزيعها على ثلاثة منهم فقط، فى الوقت الذى يعيش فيه شباب الجماعة حالة من الفقر المالى والخوف من سلطات الدول الفارين إليها ووقوعهم ضحايا لممارسات الجماعة، من خلال توظيف مفهوم «المظلومية» الذى باتت الجماعة ترفعه شعارًا لها لتوظفه لخدمة أغراضها ومصالح قادتها الشخصية، على حساب هؤلاء الشباب الذين يتم استقطابهم بهدف الهيمنة عليهم والدفع بهم إلى الهاوية.

إننى اليوم أوجه نداءً صادقًا لهؤلاء الشباب لكى يستفيقوا من تلك الغيبوبة والضياع الذى نجح قادتهم فى الدفع بهم إليه، وأن يعيدوا حساباتهم ويرشدوا تفكيرهم قليلًا، ويتساءلوا بين أنفسهم ما الذى حققوه منذ أن تم استقطابهم لتلك الجماعة غير الفشل والخوف والهروب المستمر من الملاحقات الأمنية، وضياع مستقبلهم العلمى والوظيفى، بل وحتى ضياع الأمل فى أن يكون لهم مستقبل أصلًا ما دام هؤلاء يعتنقون هذا الفكر المتطرف والهدام.

لقد أعلن السيد الرئيس فى أكثر من لقاء أنه لا حجر على فكر طالما أنه لا يؤثر ذلك على أمن وسلامة واستقرار البلاد. عودوا إلى رشدكم أيها الشباب وانضموا إلى إخوانكم فى الوطن الواحد لتشاركوهم صنع مستقبله، انفضوا عن أنفسكم تلك الغمامة السوداء التى ألقتها عليكم قيادات الظلام والجهالة التى تستغلكم أسوأ استغلال لتحقيق أهدافهم وأطماعهم الدنيوية، شاركونا مواجهة الإرهاب والقضاء عليه لنعيش جميعًا أسرة واحدة، وأنا على يقين أن جميع أجهزة الدولة على استعداد كامل لتقديم يد العون والمساندة لكم، طالما كانت النية مخلصة وصادقة للعودة مرة أخرى إلى رشدكم وإلى وطنكم العزيز.. أسهموا مع شركائكم فى الوطن لرفعة شأن بلادكم ورفع رايتها عالية خفاقة، وليسقط الإرهاب ولتحيا مصر.