رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوليو بين ثورتين


أكثر من ستين عاما تفصل بين يوليو 1952 ويوليو 2013 وما بين بيان الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 عندما أعلنت الاذاعة المصرية عن ثورة ضد الملك وأصدرت حركة الضباط الأحرار أهدافا ستة وبيان الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يوليو 2013 الذى أعلن فيه عن إنهاء فترة حكم الاخوان وعودة الحكم للشعب.. ستون عاما ويزيد شهدت فيهم مصر والمنطقة العربية والعالم تغيرات كثيرة ولكن ظلت وحدة الشعب المصرى وجيشه قوية مترابطة فعندما تقدم الضباط الأحرار ثورة يوليو ليعلنوا نهاية حكم الملك خرج الشعب وراءهم بلا تردد ليؤكد للعالم أن هذه ثورة شعب وجيش وليست حركة للضباط أو انقلابا عسكريا.

وكما وصف الغرب يومها ما حدث بأنه انقلاب عسكري وبدأت المؤامرات ضد مصر.. أعاد التاريخ نفسه خرج الشعب مطالبا قواته المسلحة بالنزول وحماية مقدرات الدولة وقيادة الحكم ولم يتأخر أبناء القوات المسلحة في تلبية النداء وشاركوا الشعب ثورته وحموا الثورة ليعود الحكم للشعب وتعود دولة مصر دولة قوية تستعيد هيبتها فى سنوات قليلة.. ولننظر بعد السنوات الستين، فالشعب فى الحالتين اختار زعيمه وأيده، ففى البداية حاولت يوليو 52 لإقامة جيش قوى وطنى نجحت وفشلت ونجحت مرة أخرى فى يوليو 2013 وحتى الآن استطاع الرئيس السيسى أن يعيد بناء جيش قوى يحتل مركزا متقدما فى تقديرات الخبراء على مستوى العالم كله.

بل ويتفوق على الجميع بأنه الجيش الذى لا يوجد به مرتزقة أجانب وأن كل فرد فيه يُعلي انتمائه للقوات المسلحة على انتمائه السياسى أو العقائدى.. جيش قوى يمتلك أحدث الأسلحة ويعرف كيف يطبق أحدث التدريبات ولديه الإرادة القوية ليحمي وطنه، ليس فقط وطنه، ولكن يحمي أمته العربية ويستطيع أن يحمي أمن وطنه القومي حتى أبعد نقطة. وهكذا حقق السيسى حلم عبد الناصر ببناء جيش قوي تهابه القوى المعادية وتقدر قوته تماما.. واستطاع عبر السنوات الماضية أن يعيد بناء جيش قوي هدفه لا يتوقف عند حماية حدود الوطن ولكن امتد إلى المشاركة فى التنمية والتعمير والشواهد بالعشرات فى كل مكان على أرض مصر.

طالبت يوليو 52 بتحقيق عدالة اجتماعية نجحت وفشلت تغيرت الطبقات الاجتماعية وظهرت طبقات جديدة وتحملت الدولة عبء دعم بالمليارات أوقف مسيرة التنمية وعطل الكثير من المشروعات وجاءت يوليو الجديدة لتبدأ خطة لدعم العدالة الاجتماعية بشكل حقيقى وعلمى يخضع للمتغيرات العالمية ويحقق فى نفس الوقت الهدف من وصول الدعم إلى مستحقيه.. رحلة صعبة ولكن المهم فيها تحقيق الأهداف وفي مدة زمنية قصيرة.

قدم الرئيس فيها مصلحة الشعب وكرامة أفراده على الكثير.. واجهت مصر قضية المناطق الخطرة وغير الآمنة لتقترب نهايتها قريبا وتحول تل العقارب إلى روضة السيدة وتحولت أماكن أخرى إلى مدينة الأسمرات والأمل، وأخيرًا استطاعت مئات الأسر أن تغلق بابًا على فتياتها وأن يكون لهن أخيرًا دورات مياه مستقلة تحفظ كرامتهن من الوقوف أمام طابور فى دورات مياه مشتركة. التعمير يمضى ويسير وفق خطة مرسومة والدعم يتحول إلى مستحقه الفعلي.. وتنطلق مبادرات الكرامة وحماية الـسرة ويواجه الشعب أزمة الأسعار ويتقبل العلاج المر لأنه آمن بزعيم قدره الله له لينتقل به من مرحلة صعبة إلى بداية نهضة حقيقية.

تآمر الأعداء ضد الثورة الأولى وحاولوا إغلاق قناة السويس مرتين، وكانوا حريصين على إغلاقها، وجاءت الثورة الثانية لتنشئ قناة جديدة وتحولت القناة إلى أهم ممر مائي عالمي تحوطه منطقة لوجستية تستكمل قريبا لتتكامل النهضة الصناعية والاقتصادية مع وجود القناة، وتتحول مناطق شرق القناة إلى مناطق تنموية واقتصادية ونقطة جذب للاستثمارات العالمية.. وتتحول أنفاق القناة إلى أهم وسيلة لربط سيناء والوادي بعد قرون طويلة كان الانتقال لسيناء صعبا وغير ميسور مما عطل تنمية شبه الجزيرة طوال عشرات السنين.

المتآمرون على الثورة الأولى جاؤوا في صورة أخرى للتآمر على الثورة الثانية، لم يحشدوا جيوشا كما فى المرة الأولى، ولكنهم تغيروا مع تغير الظروف وجاؤوا هذه المرة عبر عصابات الإرهاب: تنظيمات مسلحة ترتدي ثوب الدين وتحاول أن تصل إلى الحكم أو أن تكرر ما حدث بعد يناير 2011 ولكن الشعب الذي وعى الدرس جيدا والجيش والشرطة اللذان استعدا جيدا أصرا ومازالا مصرّين على إفشال المؤامرة وإلحاقها بمؤامرات ـخرى سبقت وفشلت.. يندحر الإرهاب شيئا فشيئا، واستطاعت مصر أن تنظم أكبر بطولة إفريقية في شهور قليلة وتنجح تنظيميا وـمنيا ويتواصل النجاح وسيتواصل.

تطوير جيش وطني، وتحقيق عدالة اجتماعية، ومكافحة للفساد نجحت فيه هيئة الرقابة الإدارية فى منظومتها الجديدة، ليس فقط بالقبض على عناصر الفساد، ولكن بتقويم الأداء وتوجيه الإدارات إلى الطرق الأمثل لتحقيق النجاح، ولم يعد الهدف فقط هو العقاب، ولكن الهدف تحول إلى التقويم. وعبر ـكاديمية مكافحة الفساد ودورها المهم في تطوير الأداء الإدارى وعبر خطط لتطوير الـداء فى مؤسسات الدولة، استطاعت الهيئة ضبط الأداء الإدارى ومنع الكثير من الجرائم استباقيًا وحماية البعض من الوقوع فى الجريمة بالتقويم والتدريب والتوجيه.. حماية للأمن الداخلى قدمت القوات المسلحة والشرطة طابورًا من عشرات الشهداء يشهد عليه ضباط وأفراد قدموا حياتهم فداءً للوطن وحماية لأمنه.

وتأتي عمليات إعادة الإرهابيين لأرض الوطن للقصاص منهم ومحاكمتهم دليل على قوة الصقور المصرية فى جهاز المخابرات العامة وتأتي هذه المشاهد منذ إعادة الإرهابى عشماوي إلى أرض الوطن وعودة خلية الاخوان الإرهابية من الكويت لتحمل رسالة إلى كل التنظيمات الإرهابية تقول لهم صقور مصر تمتلك القوة الكافية للوصول إليكم في أى مكان بالعالم ولن يهرب إرهابى بجريمته خارج الوطن وسنصل إليه لنعيد حق الوطن.

يأتى يوليو 2019 ليؤكد للجميع والرئيس يتابع أبناءه الخريجيين فى الكليات العسكرية وكلية الشرطة أن مصر قادمة وبقوة لا يخيفها إرهاب ولا تثنيها مؤامرات عن تحقيق أهدافها.. يوليو القادم سيكون لدينا عاصمة إدارية جديدة وأخرى سياحية ومطارات وموانئ وتنمية وعمران ومصر جديدة عادت لتحتل مكانتها التاريخية لا فى قارة إفريقيا وحدها ولكن في العالم قاطبة.