رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تخدير مُزيف».. عيادات أسنان تُسكن آلام المرضى بـ«البنج» المغشوش

جريدة الدستور

ربما يكون "البنج" هو طوق النجاه الوحيد أمام أطباء الأسنان، الذين تحولت عياداتهم بمرور الوقت إلى بيت رعب لكثيرين من المرضى امتلأ بالصراخ والعويل، فلا يرون الراحة إلا في شيء واحد لدى الطبيب هو "البنج" الذي يجعلهم لا يشعرون بأي ألم.

بيد أن شعور الراحة بـ"البنج" من الممكن أن يختفي، بعدما طاله الغش وأصبح هناك كميات منه غير فعالة ومنتهية الصلاحية أيضًا، لا تغني المرضى عن الألم والإحساس بكل شيء يفعله الطبيب بأسنانهم، ليس ذلك فحسب بل أضرت ببعض المرضى.

ومؤخرًا تمكن مفتشو التموين بمديرية التموين والتجارة الداخلية بالغربية، من ضبط شركة لمستلزمات الأسنان، وبداخلها كمية كبيرة من عقاقير البنج وحشو الأسنان منتهي الصلاحية، وكان من المضبوطات 1500 عبوة بنج مخدر، وحشو عصب منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك، وتحرر محضر رقم 23582 جنح طنطا ثان.

"الدستور" تواصلت مع ضحايا تلك المنتجات المغشوشة، والتي من بينها عيادات أسنان لم تكن تعلم أن البنج المستخدم منتهي الصلاحية وغير صالح للاستهلاك. "نور"، طفلة عمرها ٨ سنوات، عانت منذ صغرها من مشاكل تسوس الأسنان والتي أرجعها الطبيب إلي تناول الأم مضادات حيوية وقت الحمل أدت إلي ظهور أسنان الطفلة مسوسة.

اصطحبت أم نور ابنتها، لتقوم بأول خلع ضرس لها بعد أضرار كثيرة لحقت باللثة، لكن الوضع لم يكن سهلًا فأصيبت نور بتقرحات شديدة في الفم، واكشتفت بعد إسبوع من خلع ضرسها وجود بقايا لم يخرجها الطبيب نتيجه صراخها المستمر وقت الخلع رغم حصولها على بنج قبل الخلع.

بقايا الضرس؛ تسببت في تورم وجه نور وإصابتها بالحمى الشديدة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على الكلام أو تناول الطعام، وبعد زيارة أخرى للطبيب لإزالة ما تبقى من الضرس، التقت أم نور بأكثر من حالة لدى نفس الطبيب اشتكت من ضعف تأثير البنج وإحساسهم بآلام شديدة وقت تعامل الطبيب مع أسنانهم.

تقول: "معرفتش أن فيه بنج مغشوش إلا بعد أن ذهبت لطبيب آخر أوصاني به أحد أقاربي، وكان الوضع معه مختلف، فذهبت له مع ابنتي لعمل حشو عصب لأحد ضروسها، وبعد أن طمأنها لأنها أصبحت تصاب بالهلع بمجرد أن تسمع اسم طبيب أسنان، إلا أن معه مضت الجلسة وهي هادئة".

حين قصت له ما حدث في المرة الأولى قال إن هناك بنح مغشوش في الأسواق يعتمد عليه بعض الأطباء لرخص سعره، ولكن يسبب مشاكل للمرضي، ويؤدي في كثير من الأوقات إلى تحطم الضرس نتيجه حركة المريض المفرطة.

"رشا محمد" ٣٤ عامًا، ضحية أخرى للبنج المغشوش، أصبح لديها عقدة من جميع أطباء الأسنان، بسبب كثرة الوجع الذي تشعر به خلال عمليات الحشو رغم البنج.

تقول: "في إحدى المرات كنت في عيادة أحد الأطباء بالمحلة الكبرى، وأخذت حقنة البنج ومكثت خارج حجرة الكشف ١٠ دقائق كما قال لي الطبيب حتى يبدأ مفعولها، ولكنني لم أشعر بأي تخدير في فمي ودخلت غرفة الكشف، وبمجرد ما بدأ الطبيب العمل في أسناني صرخت من الألم ولم أتحمل ما يقوم به وطلبت حقنه بنج أخرى لأن الأولى مفعولها لا شيء".

تضيف: "حصلت يومها على ثلاثة حقن بنج، وفي النهاية اضطررت لتحمل الألم حتى أنتهي من رحلة العذاب التي بدأها في فمي، ولم أذهب له مرة أخرى فقد تناولت ثلاث حقن بنج ولم يختفي الألم، وعند الذهاب إلى طبيب آخر تأكدت أن الطبيب الأول كان يستخدم بنج مغشوش".

سهير علام، عضو نقابة الأسنان بالجيزة، قالت أن هناك فارق كبير بين بنج الأسنان المغشوش ومنتهي الصلاحية، مضيفة أن البنج المستخدم مع مرضى الأسنان هو بنج موضعي، وليس هناك أضرارًا على المريض في حال انتهاء صلاحية هذا البنج، سوى أنه لن يكون فعالًا في تخدير اللثة والفك بالشكل المطلوب؛ وسيحتاج الطبيب لاستخدام أكثر من أمبول بنج.

أما عن البنج المغشوش أوضحت لـ"الدستور"، أن تدوال بنج مغشوش بمثابة كارثة، ومن الممكن أن يحدث نزيف للمريض؛ لأن المواد المستخدمة في تصنيعه لها تأثير معين على اللثة، فمثلًا من بين المواد التي تدخل في تصنيع البنج مادة مسئولة عن انقباض الأوردة لمنع حدوث نزيف في حال خلع الضرس.

أما عن دور نقابة الأسنان في مثل هذه الوقائع، أوضحت عضو نقابة أسنان الجيزة، هو التقدم ببلاغات من قبل نقابة العامة للأسنان إلى وزارة الصحة، بشأن الشركات أو الأشخاص التي لا تتبع المواصفات السليمة لبنج الأسنان.