رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التأمينات الاجتماعية.. طوق نجاه لأصحاب الدخول الحرة

جريدة الدستور

لم يصدق "أحمد فرج"، عامل باليومية، نفسه وهو يتقاضى 900 جنيه شهريًا إلى جانب عمله وراتبه اليومي، لاسيما أن ذلك الشهر هو حفل خطوبة ابنته الأولى، فقام بادخار المبلغ رغم زهده من أجل توفير نفقاتها الخاصة.

المبلغ الذي تقاضاه "فرج" لم يكن سوى نتيجة تأمينه على نفسه كعامل يومية، والذي بموجبه حصل على ذلك المعاش الشهري، فهو يعمل في ورشة ميكانيكا، إلا أنه واحد ضمن قليل من عمال اليومية قاموا بالتأمين على أنفسهم.

وصل عدد عمال اليومية بحسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى ٥.٢ مليون عامل في مصر، ومع مناشدات وزارة التضامن للعمال والشركات بضرورة التأمين على أصحاب العمالة الحرة، تواصلت "الدستور" مع بعض أصحاب الأعمال الحرة الذين قرروا الحصول على متيازات التأمين على أنفسهم.

يقول فرج: "بدأت العمل في ورشة أحد أقاربي بعد أن حصلت علي الدبلوم مباشرة ونصحني أبي أن أؤمن على نفسي وأسدد قسط التأمين شهريًا، وقال هيطلع لك معاش تأمن بيه نفسك وأولادك من بعدك".

يستطرد: "ذهبت إلى مكتب التأمين في مدينة سمنود التابعة لمحافظة الغربية وكان عمري وقتها ٢٧ عامًا، وبدأت في تسديد قيمة التأمين شهريًا حتى بعد أن تركت العمل مع أقاربي وافتتحت ورشة صغيرة أعمل بها وحدي، وأصبح لدي دخل جيد منها لم أترك أقساط التأمين حتى صرفت في فبراير الماضي أول معاش لي".

أحمد يوضح أن بعض أصحاب الأعمال الحرة لا يفضلون التأمين على أنفسهم، معتبرين أن دخولهم الشهرية كافية ولن يحتاجوا إلى المعاش لكن ذلك خطأ كبير، موضحًا لا أحد يضمن المستقبل وخاصة أن الأعمال الحرة بعضها خطر وقد تؤدي إلي إصابة دائمة تحرمه من العمل.

وأشار أن كل شخص عليه أن يستفيد من مشروع التأمينات الجديد الذي تتبناه الدولة لحماية المواطنين وخاصة أصحاب الدخول الحرة.

وتشمل العمالة الحرة جميع الفئات التى تعمل بدون أي غطاء تأميني، وتعيش على قوت يومها أو تتقاضى أجرة يومية أو أسبوعية أو شهرية بعيدًا عن منظومة التأمين.

وجاءت أولي المبادرات للتأمين عليهم من الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي طالب بإنشاء تأمين على الحياة للعمالة الحرة، وإلزام الشركات والمقاولين الذين يستخدمون عمالة مؤقتة بالتأمين عليهم صحيًا واجتماعيًا، عندما يصاب العامل خلال العمل أو يمرض فيجد من يتحمل مصاريف علاجه أو صرف مكافأة تعويضية في حالة العجز أو الوفاة.

أحمد شبانة، من محافظة الدقهلية ٥٥ عامًا صاحب ورشه حدادة، قال: "طبيعة عملنا صعبة وأقل إصابة من الممكن أن تسبب بتر في أصابع اليد أو القدم بالإضافة إلي إصابات في العين من براده الحديد المتطايرة لذا كان التأمين عليّ وعلى العمال ضروري.".

وتابع بعض العمال رفضوا التأمين عليهم بحجة أن التأمين سيربطهم بالورشة، وأنه من حقهم تركها في أي وقت، بالإضافة إلى أن بعضهم يبحث عن فرص عمل في شركات كبرى ويرى أن التأمين سيقف في طريقه.

أضاف: "يعمل لديّ٨ عمال، قمت بالتأمين على ٥ منهم، ويرفض الثلاثة المتبقون التأمين عليهم؛ بحجة أن العمل لديّ مؤقت وأنهم يبحثون عن فرص أفضل في شركات كبيرة".

وأوضح شبانة أن التأمين حق لكل عامل ويوفر له معيشة جيدة عندما يكبر في السن، ولا يكون لديه قدرة على العمل ولكن البعض لايستوعب ذلك، قائلًا: "أنا أحصل على معاش منذ ٧ سنوات لأنني أمنت على نفسي منذ بداية عملي ورغم أن دخلي الآن جيد من الورشة إلا أن المعاش أمان لأولادي".

وحسب تصريحات وزير القوى العاملة، فلا توجد إحصائية رسمية عن عدد العمالة الحرة وغير المنتظمة، فأوضح أن الوزارة أطلقت منذ فترة حملة (حماية) لتسجيل العمالة غير المنتظمة، وتم تسجيل 2.5 مليون ونصف خلال شهري مارس وأبريل عام 2018.

وبلغ عدد العمالة الموجودة في مصر حوالي 29.5 مليون، وعدد العمالة غير المؤمن عليهم حوالي 14.5 مليون، أي 50% من العمالة في مصر غير مؤمن عليهم حسب تصريحات النائب محمد وهب الله، عضو مجلس النواب، والأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر.

خالد رحومة، الخبير الاقتصادي، رأى أن التأمين على العمال له العديد من الفوائد الاقتصادية للعمال وللدولة، موضحًا أن وجود غطاء تأميني للعامل في حالة مرضه أو وفاته يحافظ على الاستقرار المادي للكثير من الأسر التي يعمل عائلها في الأعمال الحرة.

وتابع الدولة أيضًا من خلال القانون الجديد، سيكون لديها قاعدة بيانات كاملة عن العمال ودخولهم مما يساعدها في التخطيط الجيد لمشاريعها ونوعية العمالة المتوفرة.

وأشار إلى أن مشروع التأمين الجديد ربط بين الحد الأدنى للمعاش والحد الأدنى للأجر، لضمان حصول صاحب المعاش على مبلغ يتناسب ومستوى المعيشة، ووضع آلية لزيادة المعاشات بنسبة من معدل التضخم في الدولة، يتحملها نظام التأمين الاجتماعي ما يساعد في الحفاظ على مستوى الدخل للأفراد.