رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجوية البريطانية.. الأسوأ والأقذر




الأهم من منطقية الأسباب أو صدق الدوافع، هو أن إعلان «الخطوط الجوية البريطانية»، السبت، تعليق رحلاتها إلى القاهرة، لمدة أسبوع، «كإجراء احترازى»، نال اهتمامًا إعلاميًا، لم تنله الاختراقات الأمنية، غير المسبوقة، والشكاوى، العديدة والمتكررة، من قذارة وسوء مستوى خدمات تلك الشركة، التى تملك دويلة قطر٢٠٪ من أسهم المجموعة المالكة لها!.

الشركة البريطانية القطرية، زعمت أنها حريصة على أمن وسلامة عملائها وطواقمها. وأكدت أنها لن تقوم أبدًا بتشغيل طائرة «ما لم يكن الوضع آمنا للقيام بذلك»، وأنها تراجع باستمرار إجراءاتها الأمنية فى كل المطارات التى تتعامل معها حول العالم. ولاحقًا، أكد المدير الإقليمى لشركة الخطوط الجوية البريطانية بشمال إفريقيا، يوم الأحد، أن إجراءات الأمن بمطار القاهرة الدولى ممتازة بنسبة ١٠٠٪، ولا يوجد أى تعليق عليها. موضحًا أن قرار تعليق رحلات الشركة جاء لمراجعة الخطوط وليس أكثر!.

سبق أن ادعت الشركة نفسها، فى سبتمبر الماضى، أن سلامة الركاب وأمنهم يشكلان أولوية قصوى، حين تم اختراق بطاقات ائتمان أكثر من ٣٨٠ ألف عميل للشركة، مع سرقة بياناتهم التى تشمل تفاصيل رحلاتهم وعناوين منازلهم وبريدهم الإلكترونى. وبعد أن أعربت الشركة، وقتها، عن أسفها، اقترحت على عملائها التواصل مع بنوكهم واتباع الإجراءات المعمول بها. وبسبب ذلك الحادث، أو تلك الكارثة، فقدت القيمة السوقية للشركة الأم أكثر من ٥٠٠ مليون جنيه إسترلينى. ومع هذه الخسارة، تم تغريم الشركة ٢٣٠ مليون دولار أمريكى، فى ٨ يوليو الجارى. وقال «مكتب مفوض المعلومات» إن هذه هى أكبر عقوبة يفرضها، وأول عقوبة يتم فرضها علنًا، بناءً على قواعد جديدة بدأ تطبيقها بموجب أكبر تعديل على قوانين حماية خصوصية البيانات.

أكذوبة حرص الشركة على أمن وسلامة العملاء، ينسفها أيضًا تعرض عائلة كندية إلى لدغات مؤلمة من البق، على متن إحدى رحلاتها الطويلة التى عبرت الأطلسى. وطبقًا لما نقلته جريدة الـ«جارديان» البريطانية، عن هيذر زيلاجى وابنتها وخطيبها، فإن طاقم الطائرة تركهم يواجهون لسعات البق، طوال رحلتهم من مدينة فانكوفر الكندية إلى العاصمة البريطانية لندن. وقالت «هيذر» إنها لاحظت فى البداية حشرة أمامها. وقامت بإبلاغ المضيفات بالأمر، وكان الرد الذى تلقته هو أن الطائرة «ممتلئة عن آخرها بالركاب ولا يمكن فعل شىء».

لم تتوقف معاناة العائلة عند هذا الحد، بل هاجمها البق أثناء النوم. وعليه، نشرت «زيلاجى» فى حسابها على «تويتر» صورًا تظهر آثار اللدغات. وطالبت بالعودة على متن طائرة مختلفة، خالية من البق والحشرات، أو أن يعاد لها ثمن التذاكر. ووقتها، اضطرت الشركة للاعتذار، وقالت إنها فتحت تحقيقًا فى الحادث، وأشارت إلى أنها تقوم بتسيير نحو ٢٨٠ ألف رحلة سنويًا، وأن الشكاوى من البق والحشرات نادرة جدًا!.

فوق ذلك، فإن ركاب الخطوط الجوية البريطانية دائمو الشكوى من سوء الوجبات التى تقدمها على متن رحلاتها. ونشرت جو هاندرسون تشيرتوف «٥٠ سنة»، فى حسابها على «فيسبوك» صورة صادمة لـ«ساندويتش»، فى الوجبة المقدمة لها، على متن رحلة بين لندن ونيويورك، فى ٢٨ مارس الماضى. وكالعادة، اضطرت الشركة إلى الاعتذار والتبرير بعد أن حظيت تلك الصورة بتفاعل واسع فى شبكات التواصل وانهالت التعليقات الساخرة، وأبدى كثيرون دهشتهم من تقديم «الناقل الوطنى فى المملكة المتحدة» لـ«ساندويتش» بهذا السوء إلى مسافرة على متن رحلة تستغرق عدة ساعات. وقال آخرون إن على شركات الطيران، عمومًا، أن تقدم وجبات ذات مستوى جيد، لأن الركاب لا يملكون خيارات أخرى خلال السفر.

هذا الانهيار فى تأمين بيانات العملاء وفى مستوى الخدمات والنظافة، تزامن مع تزايد شكاوى عملاء الخطوط الجوية القطرية. ولو رجعت إلى شبكة «تويتر» ستجد على هاشتاج #qatarairwaysfail مئات الحكايات عن تجارب مزعجة لأشخاص كل ذنبهم أن رحلاتهم كانت على متن الخطوط الجوية القطرية. وهناك ركاب آخرون قاموا بتدوين ملاحظاتهم والتعبير عن معاناتهم على مواقع متخصصة فى توعية المسافرين، حتى لا يقع آخرون فى فخ الإعلانات الخادعة التى تتناقض مع الواقع. والإشارة هنا مهمة إلى أن الخطوط الجوية القطرية قامت فى ١ أغسطس ٢٠١٦ بشراء ٤.٤٣٪ إضافية من أسهم مجموعة «إنترناشونال إيرلاينز جروب»، IAG، لتزيد نسبتها إلى ٢٠٪ من أسهم تلك الشركة المالكة للخطوط الجوية البريطانية.

اختراق أمنى، سطو على بيانات العملاء، حشرات، وطعام سيئ، ثم تزعم الشركة البريطانية القطرية أن حرصها على أمن وسلامة عملائها هو الذى دفعها لتعليق رحلاتها إلى القاهرة «كإجراء احترازى»، فى حين يقول الواقع إن ٤١٥ ألف بريطانى استقبلتهم مصر، خلال سنة ٢٠١٨، عادوا جميعًا إلى بلدهم دون حدوث أى مشاكل.