رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب الفرنسى هيكتور مالو

جريدة الدستور



بدءًا من ذلك النهار. كنت فى اليوم السابق قد استُقبِلت كمرقّص حيوانات يسلى بكلابه وقرده ولدًا مريضًا. ومنذ ذلك الدرس صار ينظر إلىّ ككائن منفرد، بغض النظر عن الكلاب والقرد، صرت رفيقًا، لا بل شبه صديق.
ينبغى أن أنوه أيضًا، وعلى الفور، بما لم أعرفه إلا فيما بعد، وهو أن السيدة ميليغان كانت حزينة لرؤية ابنها لا يتعلم شيئًا أو بالأحرى عاجزًا عن تعلم أى شىء. فرغم مرضه، كانت تريد له أن يدرس. ولأن مرضه ذاك بالتحديد كان مرشحًا لأن يطول أمده، فهى كانت تريد أن تمنح عقله عادات تسمح له بالتعويض فى اليوم الذى يشفى فيه عن زمنه الضائع.
وحتى ذلك الحين، لم تكن نجحت فى ذلك، فلئن لم يكن آرثر حرونًا فيما يتعلق بالدرس، إلا أنه كان كذلك من جهة الانتباه والتركيز. كان يأخذ الكتاب الذى يوضع بين يديه بلا ممانعة، وكان يفتح يديه بطيبة خاطر لتلقيه، لكنه لم يكن يفتح ذهنه، وكان يردد آليًا، وبشكل غالبًا ما يكون خاطئًا، الكلمات التى يراد إدخالها إلى ذهنه عنوة.
من هنا حزن والدته الشديد، هى التى كادت تفقد الأمل منه. من هنا أيضًا شعورها العميق بالرضا عندما سمعته يتلو حكاية تعلمها بمساعدتى فى نصف ساعة، فى حين لم تتمكن هى فى عدة أيام من جعله يحفظها.
عندما أستعيد الآن الأيام التى أمضيتها على ذلك المركب، إلى جانب السيدة ميليغان وآرثر، أجد أنها أفضل أيام طفولتى.
من رواية: بلا عائلة